إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 30 ديسمبر 2014

1064 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 القسم الثاني المجلد الرابع من تاريخ العلامة ابن خلدون بنو عباد الخبر عن بني عباد ملوك إشبيلية وغربي الأندلس وعمن تغلبوا عليه من أمراء الطوائف


1064

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267

القسم الثاني المجلد الرابع

من تاريخ العلامة ابن خلدون


بنو عباد

الخبر عن بني عباد ملوك إشبيلية وغربي

الأندلس وعمن تغلبوا عليه من أمراء الطوائف

كان أوّلهم القاضي أبو القاسم محمد بن ذي الوزارتين أبي الوليد إسمعيل بن محمد بن إسمعيل بن قريش بن عباد بن عمر بن أسلم بن عمر بن عطاف بن نعيم اللخمي، وعطاف هو الداخل إلى الأندلس في طوالع لخم وأصلهم من جند حمص، ونزل عطاف قرية طشانة بشرق إشبيلية، ونسل بنيه بها. وكان محمد بن إسمعيل بن فريش صاحب الصلاة بطشانة. ثم ولي ابنه إسمعيل الوزارة بإشبيلية سنة ثلاث عشرة وأربعمائه، وولي ابنه أبو القاسم القضاء بها والوزارة من سنة أربع عشرة وأربعمائه إلى أن هلك سنة ثلاث وثلاثين. وكان أصل رياسته أنه كان له اختصاص بالقاسم بن حمود وهو الذي أحكم عقد ولايته، وكان محمد بن زيري من أقيال البرابرة والياً 



على إشبيلية، فلما فرً القاسم من نرطبة، وقصده داخل بن عباد محمد بن زيري في غرناطة ا ففعل وطردوا القاسم، وطردوا بعده ابن زيري، وصار الأمر شورى بينه وبين أبي بكر الزبيدي معلم هشام، وصاحب مختصر العين في اللغة، ومحمد بن برمخ الألهاني. ثم استبد عليهم وجند الجند، ولم يزل على القضاء. ولما منع القاسم من إشبيلية عدل عنها إلى قرمونه ونزل على محمد بن عبد الله البرزالي، وكان ولي قرمونة أيام هشام والمهدي من بعده. ثم استبد بها سنة أربع وأربعمائه أزمان الفتنة فداخله ابن عباد في خلع القاسم والاستبداد بها. ثم تنصح للقاسم فتحول إلى شريش واستبد محمد بن البرزالي بقرمونة. واستبد أبو القاسم إلى أن هلك سنة ثلاث وثلاثين كما قلناه، وقام بأمره ابنه عباد وتلقب المعتضد، واستولى على سلطانه واشتدت حروبه وأيامه. وتناول طائفة من الممالك بعد بالأندلس وانفسح أمده وأول ما افتتح أمره بمداخلة محمد بن عبد الله البرزالي صاحب قرمونة في إفساد ما بينه وبين القاسم بن حمود حتى تحول عنه إلى شريش. ثم تحارب مع عبد الله بن الافطس صاحب بطليوس، وغزاه ابنه إسمعيل في عساكره ومعه محمد بن عبد الله البرزالي فلقيه المظفر بن الأفطس فهزمهما، وأسر المظفر بن البرزالي إلى أن أطلقه بعد حين. ثم فسد ما بينه وبين البرزالي واتصلت الفتنة بينهما إلى أن قتله ابنه إسمعيل، خرج إليه في سرية فأغار على قرمونة، وأكمن الكمائن فركب محمد البرزالي في أصحابه، واستطرد له إسمعيل إلى أن بلغ به الكمين فخرجوا عليه فقتلوه، وذلك سنة أربع وثلاثين. ثم خالف عليه ابنه إسمعيل، وأغراه العبيد والبرابرة بالملك فأخذ ما قدر عليه من المال والذخيرة، وفر إلى جهة الجزيرة للتوثب بها، وكان أبوه ليلتئذ بحصن الفرج فأنفذ الخيالة في طلبه فمال إلى قلعة الورد فتقبض واليها عليه، وأنفذه إلى أبيه فقتله وقتل كاتبه، وكل من كان معه. ثم رجع إلى مطالبة البربر المتزين بالثغور، وأول من نذكر منهم صاحب قرمونة وكان بها المستظهر العزيز بن محمد بن عبد الله البرزالي، وليها بعد أبيه كما ذكرناه. وكانت له معها أستجة والمروز، وكان نموز ورواركش للوزير نوح الرموي من برابرة العدوة وشيعة المنصور، واستبدّ بها سنة أربع، ومات سنة ثلاث وثلاثين. وولي ابنه عز الدولة الحاجب أبو مياد محمد بن نوح ومات سنة.(1)



 وكان يزيد أبو ثور بن أبي قُرَّة اليفرني استبدّ بها أيام الفتنة سنة خمسين، من يد عامر بن فتوح من صنائع العلويين، ولم يزل المعتضد يضايقه، واستدعاه بعض الأيام لولاية فحبسه وكاده في ابنه بكتاب على لسان جاريته برندة أنه ارتكب منها محرما، ثم أطلقه فقتل ابنه وشعر بالمكيدة فمات أسفاً سنة خمسين، وولي إبنه أبو نصر إلى أن غدر به في الحصن بعض أجناده فسقط من السور، ومات سنة تسع وخمسين. وكان بشريش خزرون بن عبدون ثار بها سنة إثنتين وأربعمائه فتقبض عليه ابن عباد وطالبهم، وطاف على حصونهم وصار يهاديهم، وأسجل لهم بالبلاد التي بأيديهم فاسجل لابن نوح باركش، ولابن خزرون بشريش، ولابن ابي قُرَّة برندة؟ وصاروا في حزبه ووثقوا به. ثم استدعاهم لوليمة وغدر بهم في حمام استعمله لهم على سبيل الكرامة، وأطبقه عليهم فهلكوا جميعاً إلا ابن نوح فإنه سالمه من بينهم لليد التي كانت له عنده في مثلها. ثم بعث من تسلم معاقلهم وصارت في أعماله. وخرج باديس لطلب ثأرهم منه، واجتمعت إليه عشائرهم فنازلوه مدة ثم انصرفوا، وأجازوا إى العدوة فاحتلوا بسبتة وطردهم سكوت فهلكوا في المجاعة التي صادفوا وأحلوا بالمغرب لذلك العهد. واستقل ابن عباد، وكان بأونية وشلطليش عبد العزيز البكري، وكانت عساكر المعتضد ابن عباد تحاصره فشفع فيه ابن جهور للمعتضد فسالمه مدة. ثم هلك ابن جهور فعاد إلى مطالبته إلى أن تخلى له عنها سنة ثلاث وأربعين فولى عليها ابنه المعتمد. ثم سار إلى شلب وبها المظفر أبو الأصبغ عيسى بن القاضي أبي بكر محمد بن سيد بن مزين ثار بها سنة تسع عشرة، ومات سنة اثنتين وأربعين فسار إليها المعتضد وملكها من يد ابنه، ونقل إليها المعتمد فنزلها واتخذها دار إمارة. ثم سار إلى شنت بريه، وبها المعتصم محمد بن سعيد بن هارون فانخلع له عنها سنة تسع وثلاثين، وأضافها للمعتمد. وكان بلبلة تاج الدين أبو العباس أحمد بن يحيى التحصيني ثار بها سنة أربع عشرة، وخطب له بأونية وشلطليش، ومات سنة ثلاث وثلاثين، وأوصى إلى أخيه محمد، وضايقه المعتضد فهرب إلى قرطبة واستبد بها ابن أخيه فتح بن خلف بن يحيى. وانخلع للمعتضد سنة خمس وأربعين وصارت هذه كلها من ممالك بني عباد. وتملك المعتضد أيضاً مرسية، وثار بها عليه ابن رشيق البناء، وتسمى خاصة الدولة، وبقي ثمان سنين. ثم ثاروا عليه سنة خمس وخمسين ورجعوا لابن عباد. وتملك المعتضد مرثلة من يد ابن طيفور سنة ست وثلاثين، وكان



 تملكها من يد عيسى بن نسب الجيش الثائر بها، وصارت هذه الممالك كلها في ملك ابن عباد، وكانت بينه وبين باديس ابن حبوس صاحب غرناطة حروب إلى أن هلك سنة إحدى وستين وولي من بعده إبنه المعتمد بن المعتضد بن إسمعيل أبو القاسم بن عباد، وجرى على سنن أبيه، واستولى على دار الخلافة قرطبة من يد ابن جهور، وفرّق أبناءه على قواعد الملك، أنزلهم بها، واستفحل ملكه بغرب الأندلس، وعلت يده على من كان هنالك من ملوك الطوائف، مثل ابن باديس بن حبوس بغرناطة، وابن الأفطس ببطليوس، وابن صمادح بالمرية وغيرهم. وكانوا يطلبون سلمه ويعملون في مرضاته وكلهم يدارون الطاغية ويتقونه بالجزى إلى أن ظهر بالعدوة ملك المرابطين، واستفحل أمر يوسف بن تاشفين، وتعلقت آمال المسلمين في الأندلس بإعانته، وضايقهم الطاغية في طلب الجزية فقتل ابن عباد ثقته اليهودي الذي كان يتردّد إليه لأخذ الجزية، بسبب كلمة أسف بها. ثم أجاز البحر صريخاً إلى يوسف بن تاشفين، وكان من إجازته إليه، ومظاهرته إياه ما يأتي ذكره في أخباره. ثم طلب الفقهاء بالأندلس من يوسف بن تاشفين، رفع المكوس والظلامات عنهم، فتقدم بذلك إلى ملوك الطوائف فأجازوه بالامتساك، حتى إذا رجع من بلادهم رجعوا إلى حالهم، وهو خلال ذلك يردّد العساكر للجهاد. ثم أجاز إليهم وخلع جميعهم، ونقلهم إلى العدوة، واستولى على الأندلس كما يأتي ذكره في أخباره. وصار ابن عباد في قبضة حكمه بعد حروب نذكرها. ونقله إلى أغمات قرية مراكش سنة أربع وثمانين وأربعمائه، واعتقله هنالك إلى أن هلك سنة ثمان وثمانين. وكانت بالأندلس ثغور أخرى دون هذه، ولم يستول عليها ابن عباد، فمنها بلد السهلة استبد بها هذيل بن خلف بن رزين أوّل المائة الخامسة بدعوة هشام، تسمى مؤيد الدولة. وهلك شهيداً سنة خمسين واربعمائة، وملك بعده أخوه حسام الدولة عبد الملك بن خلف. ولم يزل أميراً عليها إلى أن ملكها المرابطون من يده عند تغلبهم على الأندلس. ومنها بلد البونت واللج تغلب عليها عبد الله بن قاسم الفهري، أزمان الفتنة، وتسمى نظام الدولة وهو الذي كان المعتمد عنده عندما ولاه الجماعة بقرطبة ومن عنده جاء إليها، وهلك سنة إحدى وعشرين وولي إبنه محمد يمين الدولة،



 وكانت بينه وبين مجاهد حروب. وملك بعده إبنه أحمد عقد الدولة، وهلك سنة أربعين. وملك أخوه عبد الله جناح الدولة، إلى أن خلعه المرابطون سنة خمس وثمانين. ولنرجع إلى ذكر بقية الملوك الأكابر من الطوائف، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.


يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق