إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 30 ديسمبر 2014

1052 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 القسم الثاني المجلد الرابع من تاريخ العلامة ابن خلدون المظفر بن المنصور:


1052

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267

القسم الثاني المجلد الرابع

من تاريخ العلامة ابن خلدون


المظفر بن المنصور:

ولما هلك المظفر قام بالأمر من بعده أخوه عبد الرحمن، وتلقب بالناصر لدين الله وجرى على سنن أبيه وأخيه في حجر الخليفة هشام، والاستبداد عليه والاستقلال بالملك دونه. ثم ثاب له رأي في الاستئثار بما بقي من رسوم الخلافة فطلب من هشام المؤيد أن يوليه عهده فأجابه، وأحضر لذلك الملأ من أرباب الشورى، وأهل الحل والعقد فكان يوماً مشهوداً. وكتب عهده من إنشاء أبي حفص بن برد بما نصه: هذا ما عهد هشام المؤيد بالله أمير المؤمنين إلى الناس عافة، وعاهد الذي عليه من نفسه خاصة، وأعطى به صفقة يمينه بيعه تامة بعد أن أمعن النظر وأطال الاستخارة، وأهمّه ما جعل الله إليه من الإمامة، ونصب إليه من أمر المؤمنين واتقى حلول القدر بما لا يؤمن، وخاف نزول القضاء بما لا يصرف، وخشي أن هجم محتوم



ذلك عليه، ونزل مقدوره به، ولم يرفع لهذه الأمة علماً تأوي إليه، وملجأ تنعطف إليه، أن يلقى ربه تبارك وتعالى مفرطاً ساهياً عن أداء الحق إليها. وأعتبر عند ذلك من أحياء قريش وغيرها من يستحق أن يستند هذا الأمر إليه، ويعول في القيام به عليه ممن يستوجبه بدينه وأمانته وهديه وصيانته، بعد إطراح الهوى والتحّري للحق والتزلف إلى الله عز وجل بما يرضيه. وبعد أن قطع الأقاصي وأسخط الأقارب فلم يجد أحداً يولّيه عهده، ويفوض إليه الخلافة بعده غيره لفضل نسبه، وكرم خيمه، وشرف مرتبته، وعلو منصبه مع تقاه وعفافه ومعرفته وحزمه وتفاوته، المأمون العيب الناصح الحبيب أبي المظفر عبد الرحمن بن المنصور بن أبي عامر وفقه الله تعالى، إذ كان أمير المؤمنين قد ابتلاه واختبره، ونظر في شانه واعتبره فرآه مسارعا في الخيرات، سابقاً إلى الجليات، مستولياً على الغايات، جامعا للمأثرات. ومن كان المنصور أباه، والمظفر أخاه فلا غرو أن يبلغ من سبل البرمداه، ويحوي من خلال الخير ما حواه. مع أن أمير المؤمنين أيده الله بما طالع من مكنون العلم، ووعاه من مخزون الغيب، رأى أن يكون ولي عهده القحطاني الذي حدث عنه عبد الله بن عمرو بن العاص، وأبو هريرة أن النبي ? قال: لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه، فلما استوى له الاختيار، وتقابلت عنده الآثار، ولم يجد عنه مذهبا ولا إلى غيره معدلا خرج إليه من تدبير الأمور في حياته، وفوض إليه الخلافة بعد وفاته، طائعا راضيا مجتهدا، وامضى أمير المؤمنين هذا وأجازه وأنفذه، ولم يشترط فيه ثنياً ولا خياراً، وأعطى على الوفاء به في سره وجهره، وقوله وفعله عهد الله وميثاقه وذمة نبيه ?، وذمة الخلفاء الراشدين من أبائه، وذمة نفسه أن لا يبدل ولا يغير ولا يحول ولا يزول. وأشهد على ذلك الله والملائكة وكفى بالله شهيدا، وأشهد من أوقع اسمه في هذا وهو جائز الأمر ماضي القول والفعل بمحضر من ولي عهده المأمون ابي المظفر عبد الرحمن بن المنصور وفقه الله تعالى، وقيد له ما قلده والزمه نفسه ما في الذمة. وذلك في شهر ربيع الأول سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة، وكتب الوزراء والقضاء وسائر الناس شهادتهم بخطوط أيديهم. وتسمى بعدها بولي العهد ونقم أهل الدولة عليه ذلك فكان فيه حتفه، وانقراض دولته ودولة قومه، والله وارث الأرض ومن عليها.



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق