إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 25 يوليو 2015

645 كيف انحرف العالم ؟ كيف جعلونا نمسك الجمر: ثالثا - التعليم 3 الخطأ في النظريّة قبل أن يكون في التطبيق 12 التعليم والمراهقة والبطالة والعنوسة وعمل المرأة


645

كيف انحرف العالم ؟

كيف جعلونا نمسك الجمر:

ثالثا - التعليم

3 الخطأ في النظريّة قبل أن يكون في التطبيق

12 التعليم والمراهقة والبطالة والعنوسة وعمل المرأة



الزواج أزمة تاريخيّة في معظم الشعوب، وذلك لأكثر من سبب:

1- أنّه نقلة نوعيّة في حياة طرفيه، حيث يبدآن أسرة جديدة، ممّا يعني ضرورة توفّر البنية التحتيّة والمستلزمات الضروريّة لهذه الأسرة، ولو في حدّها الأدنى.

2- أنّه مسئوليّة جسيمة، يتحمّل فيها الرجل العبء الأكبر، ممّا يجعل كلّ أب يخاف على ابنته من تحمّل الهموم مبكّرا نتيجة للفقر والعوز، لهذا يحاول أن يستوثق أولا من ثبات أحوال الخاطب مادّيّا، وقدرته على إعالة أسرته.

3- أنّه حلم من أحلام الفتيات، ولا توجد فتاة تحلم بأن تنتقل لمستوى أقلّ من ذلك الذي حقّقه لها أبوها.. لهذا فإنّ تعقيدات الزواج تتضاعف باستمرار، لأنّ كلّ جيل يبدأ من حيث انتهى سابقه، وما كان كماليات عند زواج الأب، يصبح أساسيّات عند زواج ابنته، وتضاف إليه كماليات أعقد.

4- أنّ الزواج علاقة اجتماعيّة، ممّا يعني دخول عنصر المباهاة والتفاخر والمنظرة كركن أساسيّ من أركانه، ممّا يولّد اتفاقا ضمنيّا غير مكتوب بالتزام الأعراف السائدة، فكلّ امرأة يجب أن تتجهّز بكذا، وتقيم حفلة بكذا و... و.... .. ويدخل هذا لا شعوريّا في وعي كلّ طفلة وهي صغيرة، حيث يقترن الزواج وبهجته في ذهنها، بالمظاهر الباذخة المرافقة له، وحديث النساء من حولها عن ذلك بانبهار وحسد!!

5- كما أنّ النساء الجميلات مطلب للرجال، وكلّما زادت المرأة جمالا وزاد خطّابها، تصارعوا في رفع المهور لنيلها وإثبات رغبتهم فيها.. وبهذا صار المهر مقياسا أساسيّا لقيمة المرأة عند الرجل.

هذه بعض العوامل، وربّما تكون هناك عوامل أخرى غائبة الآن عن ذهني..

ولكنّ المؤكّد، أنّه لا يوجد عصر من عصور التاريخ، كان الزواج فيه نزهة!!

وهو شيء له مميّزاته لو لم يزد عن الحدّ، فهو حافز للرجال للجدّ والاجتهاد، للوصول إلى هدف غال، كما أنّه يجعل الرجل يحافظ على بيته، لأنّه أرهق كثيرا حتّى بناه.. وإلا لانتشر زواج المتعة انتشارا فاحشا!!

ولكن...

لا أعتقد أنّ عصرا سابقا من كلّ عصور التاريخ، قد شهد ارتفاع سنّ الزواج للنساء إلى ما فوق الخامسة والعشرين، والرجال إلى ما فوق الثلاثين، كظاهرة عامّة مستمرّة وتزداد فداحة، إلا عصرنا هذا!!!!

وأنا أدّعي أنّ عندي تفسيرا..

هذا التفسير يرتبط ارتباطا وثيقا بالمنظومة الحضاريّة القائمة حاليّا، والتي بدأت مع ظهور الحضارة الصناعيّة، حيث ظهرت هذه العوامل:

أولا: انتهاء الأسرة الكبيرة، وحلول الأسرة النوويّة محلّها:

حيث انتهى بيت العائلة الذي يحوي الجدّ والآباء والأعمام والأبناء، واستقلّت كلّ أسرة بنفسها، زوج وزوجة وأبناؤهما.. وعمل هذا على الحاجة إلى إنشاء بيت جديد أو استئجار شقّة، وهو الأمر الذي صار مكلّفا جدّا في الفترة الحاليّة، نتيجة التكدّس الذي أوجدته الحضارة الصناعيّة في المدن، وازدياد تكاليف البناء نفسه (الذي كان في العصور السابقة بأبسط الخامات).. هذا بخلاف غياب المساندة الماديّة من الأقارب، لانشغال كلّ فرد بأسرته.

ثانيا: ازدياد الأساسيّات والكماليّات تعقيدا:

فبينما كان البيت الجديد (أو الخيمة) يحتاج لحصيرة وطبليّة وقلّة وسرير وصوان ملابس وبعض آنية الطهي، صار الآن لا يستغني عن الأجهزة الكهربيّة المتنوّعة، بالإضافة إلى الكمّ الهائل من قطع الأثاث، التي تزحم البيوت بلا طائل.. وفي دول الخليج، السيارة والسائق والخادمة شرط أساسيّ عند الكثيرين.. ومعنى هذا أنّ القيمة المادّيّة للمتطلّبات الأساسيّة قد تضاعفت مرّات ومرّات.. وللأسف: تفضّل النساء العنوسة والحرمان من الأمومة، عن الحرمان من هذه السلع والكماليّات، لأنّ الحياة بدونها ستصير جحيما في نظرهنّ.. مع أنّهنّ لو تدبّرن قليلا، لاكتشفن أنّ بإمكانهنّ الزواج المبكر بدون هذه السلع، وشرائها بالتدريج عبر بضع سنوات.. وفي هذه الحالة ستشعر المرأة كلّما حصلت على إحدى وسائل الرفاهية، بلذّة أكبر بكثير ممّا لو كانت تمتلكها كلّها منذ البداية معا بدون مجهود.

ثالثا: إهدار عمر الرجال في مراحل تعليميّة عقيمة:

فبينما كان الرجل طوال التاريخ يتدرّب على العمل منذ السابعة أو الثامنة أو التاسعة من عمره، حيث يساعد والده في الحقل، أو عمّه في الحرفة، أو خاله في التجارة، بحيث يشعر بالرجولة والاعتماد على الذات مبكّرا، وبحيث يدّخر النقود مبكّرا، فيصبح بإمكانه الزواج بعيد البلوغ، في عمر 16 أو 18 أو 20..

نجده الآن عالقا في مراحل التعليم المختلفة، التي تستنزف منه 6 ساعات يوميّا على الأقلّ (بخلاف وقت المذاكرة ووقت المواصلات)، على مدار 8 شهور، على مدار 16 عاما، ممّا يعني تعطّله عن العمل.. هذا بالإضافة لاعتقاد الآباء أنّ التعليم وسيلة لجعل أبنائهم يترفّعون عن المهن التافهة في المجتمع!!

وبهذا يظلّ الفرد طوال هذه الفترة طفلا، عالة على أهله، يقصم ظهر والده بالمتطلبات المادّيّة.

ويزداد الأمر سوءا مع وصوله للبلوغ، حيث يبدأ في التملّص من سلطة الأب، ويرفض الأب ذلك لأنّه هو الذي يدفع ثمن هذه الحياة!!

كما يشعر المراهق بالإحباط، نتيجة فورة شهواته، وإدراكه أنّه لن يصل لإشباعها قبل 15 عاما أخرى!!

وبهذا يسهل أن ينحرف إلى الفساد، رغبة منه في الاستمتاع بأجمل سنوات عمره، وهو معذور في ذلك!

كما أنّه يتّسم بالسلبيّة والتفاهة، لأنّ نظام التعليم مصمّم ليعوّده على إلغاء إرادته، فهو فيه لا يختار أيّ شيء: لا الزمان ولا المكان ولا المنهج ولا المدرّس ولا طريقة التدريس ولا نظام التقييم.. بل ولا يختار حتّى الكلّيّة التي يدخلها، فدخولها رهن بالمجموع، وهو لا يتحكّم في مجاميع من هم أذكى منه!!!

ثمّ يتخرّج في سنّ 22، ويؤدّي التجنيد الإجباريّ، ثمّ يقف في طابور البطالة الطويل..

فالمتعلّم يريد من الدولة أن توفّر له فرصة عمل تتناسب مع ما يحمله من مؤهّل.. وطبعا لا يمكن أن يتنازل ويقبل تلك المهن (الوضيعة)، التي لا تتناسب مع مؤهّله!

ونظرا لأنّ التعليم في الوطن العربيّ كلّه، مصمّم لتدمير عقول وشخصية المتعلمين، فإنّ القائمين عليه يزيدون عدد المتعلمين باستمرار، دون النظر لاحتياجات السوق.

وبهذا تتفاقم مشكلة البطالة باطّراد، في كلّ الدول العربيّة.. (مشكلة مزمنة في مصر منذ الستينيات، ولا أمل في حلّها ما لم يتمّ تغيير المنظومة التعليميّة كلّها، للاقتصار على تعليم العباقرة والمبدعين والموهوبين، واكتفاء باقي الناس بالثقافة العامة والعمل مبكّرا في المهن الحرّة).

لقد أعلن رئيس الوزراء المصري في بيان الحكومة أنّ التعليم المتوسط والجامعي يخرّج للسوق المصريّة سنويّا 600 ألف خريج!.. تعهّد أن توفر الحكومة فرص عمل لـ 150 ألفا منهم!

وبخلاف أنّ كلّ تعهدات الحكومة شعارات، فإنّنا نعلم سلفا أن توظيف هؤلاء سيجيء عبئا على القطاع العام بلا أداء حقيقيّ منهم.. وهو ما لا مثيل له في القطاع الخاص.. لهذا فلا يمكن أن نتخيل أن يوفر القطاع الخاص مثل هذا العدد من الفرص!

ولكن فلنفرض.. هذا معناه أنّ هناك فرص عمل سنويا لحوالي 300 ألف خريج!

إذن فـ300 ألف خريج آخر............ !!!

سنويّا!!!!!!!!!!

كارثة.. ألست معي؟

ولكن....

مصطلح البطالة، هو أحد منجزات التعليم، فهي كلمة فارغة، لم يرد لها ذكر في التاريخ، إلا في نصف القرن الماضي!!

اسأل الشابّ ما الذي يمنعك أن تعمل؟.. تسعة أعشار الرزق في التجارة.. وهناك مئات المهن؟

ولكن كيف؟؟

إنّه يحمل شهادة!

ويده الغالية لم تمسك سوى القلم طوال حياتها!!

ويريد من الحكومة أن تجد له مهنة يحرّك فيها قلمه بالإمضاء الشريف!!

لا مشكلة..

فلينتظر إذن مع المنتظرين، متسبّبا في عنوسة فتاة لا ذنب لها!!

أو... فليعمل أيّ شيء؟؟

ولكن.. هل كنت أتعلّم كلّ هذه السنوات لأعمل أيّ شيء؟؟

ومن أجبرك على أن تتعلّم كلّ هذه السنوات ـ إن كنت تعلّمت شيئا؟؟

أبي دفعني لذلك وعمري ستّ سنوات!!

إم... إذن فاذهب لأبيك واطلب منه أن يزوّجك، لأنّه هو الذي اختار لك كلّ شيء في الحياة

وأنا لا أسخر في هذا..

إنّ واجب الأب الذي تسبّب في بطالة ابنه، أن يزوّجه ويعوله إلى أن يعمل!!

على كلّ إنسان أن يتحمّل تبعة اختياره!!

المهمّ.. بعد أن يحصل الشابّ على وظيفة أخيرا، يبدأ في ادخار راتبها الضئيل، آملا أن يكفي عمره للحصول على شقّة وشراء كلّ الكماليّات والسلع السابق ذكرها!!!!!

وطبعا يكون هذا أكبر عامل من عوامل بيعه لضميره!!

هنا طبعا يجب أن يفكّر في زوجة تساعد مادّيّا:

إمّا بكونها غنيّة، أو بكونها عاملة..

وبهذا يُجبر حتّى على الطريقة التي يختار بها زوجته!!

ويفقد نصف رجولته مع نقود امرأته..

ويفقد نصف أسرته، عندما تغيب زوجته عن بيتها تاركة أولادها للمجهول..

ويفقد النصف الآخر عندما يترك أولاده للتلفزيون والمدرسة كي تربّيهم!

إنّها صورة مفزعة..

صورة ضدّ الفطرة والآدميّة..

وضدّ أيّ نوع من أنواع الحرّيّة..

وهي للأسف مفروضة علينا، ويعمل الغرب على تكريسها عندنا.. وإلا لماذا في نظرك يفرض علينا الغرب التوقيع على معاهدات حقوق الطفل، التي تجبر الدول على تحريم تشغيل الأطفال تحت سنّ 15؟

طبعا لأنّ ذلك معناه أنّ ابنك الذي لا يعمل، لن يكون أمامه سوى الالتحاق بالتعليم..

وهذا معناه ـ في الغالب ـ إكماله للتعليم، بحيث لن يمكنه العمل قبل سنّ 25 (لو كان محظوظا!!)..

وهذا معناه إهدار أكثر من ثلث عمره عالة على أبيه، بما يتبعه من كل النتائج المذكورة آنفا..

وهكذا يتّضح أنّها ليست حقوقا للطفل.. بل تدمير شيطانيّ لشخصيّته وحرّيّته ومستقبله!! (قس على ذلك دعاوى حرّيّة المرأة!!).

والآن باختصار، كلّ هؤلاء يتحمّل المسئوليّة:

-       الأب الذي لا يعلّم ابنه أن يكون رجلا منتجا مبكّرا.

-       الإعلام الذي يحاول إلهاءنا عن مشاكلنا بمسلسلات تافهة، وشهوات مدمّرة..

-       التعليم الذي يستنزف أعمارنا، ويدفعنا للسلبيّة ويهدر عقولنا..

-       العادات الاجتماعيّة التي تنخل الصواب وتعمل على تراكم الخطأ.

-       شره الرجال والنساء، وحبّهم للامتلاك، على حساب السعادة والقيمة الحقيقيّة في الحياة.

-       المنظومة الحضاريّة الغربيّة اللعينة، التي لم تقدّم للإنسان سوى التعاسة.

يا أصدقائي:

حديث رجال الدين طيّب..

ولكنّ مجرّد الدعوة للتبسّط في متطلّبات الزواج ليست كافية..

فحتّى لو افترضنا أن الشاب والفتاة سيتزوّجان فقط بما عليهما من ثياب، دون شراء أيّ شيء..

فإنّ عليهما أن يدفعا إيجار الشقّة شهريّا، وفواتير الماء والكهرباء والصرف الصحّي والنظافة والمواصلات، بالإضافة إلى ثمن الطعام والشراب..

هذا بافتراض أنّ أحدا لن يمرض، وأنّ الملابس والأحذية لن تبلى، وأنّه لا توجد زيارات عائليّة أو هدايا أو وسائل ترفيه!!!

وبافتراض أنّه لا يوجد أبناء!!!

لا أعتقد أنّ شابا في بداية العمل ـ في معظم الدول العربيّة ـ يمكن أن يوفّر هذه النقود!!!

إنّني أطلق هذا النداء للمرّة الثانية:

نحن نحتاج لمنظومة حضاريّة جديدة..

نحتاج لاقتصاد على أسس أخرى..

وتعليم لا يجتثّ أجمل سنوات أعمارنا بلا مقابل..

ومؤسّسات تمنحنا حرّيّة أكبر..

وإعلام يكون مع ضمائرنا وعقولنا لا مع غرائزنا وشهواتنا..

كما نحتاج لأن نغيّر الطريقة التي نربّي أبناءنا بها..

فمن الواضح أن نظرتنا للحياة وأهدافنا فيها يشوبها الكثير من الخلل..

وختاما أقول لكلّ أب وأم في بداية الطريق:

إذا كان عمرنا قد ضاع منّا دون أن نجني ذنبا، فلا تكرّروا نفس هذه المأساة مع أبنائكم..

إنّهم أمانة في أعناقكم..

وستحاسبون عليها يوم القيامة..

هذا إذا لم يحاسبوكم هم بالفعل يوما ما!





 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق