703
كيف انحرف العالم ؟
متناقضات الحرّيّة:
الثالث عشر - الحرية في الحضارة الغربية
1 أوهام الليبرالية
4 الليبرالية السياسية:
هي نظام سياسي يقوم على ثلاثة أسس: فصل الدين عن الدولة (العلمانية).. والتعددية الحزبية والنقابية والانتخابية من خلال النظام البرلماني (الديمقراطية).. وكفل حرية الأفراد (الحرية فردية).
وتذكر الموسوعة الفلسفية العربية، أن الليبرالية في الفكر السياسي الغربي نشأت وتطورت في القرن السابع عشر، وأن لفظتي: "ليبرالي" و "ليبرالية" لم تكونا متداولتين قبل بداية القرن التاسع عشر، وأن كثيرا من الأفكار الليبرالية موجودة في فلسفة (جون لوك) السياسية، فهو أول وأهم الفلاسفة الليبراليين.
هذه الفكرة الليبرالية السياسية تبحث في تحديد طبيعة الحكم،: هل هي تعاقدية، ائتمانية، بين الحاكم والمحكوم، أم حق مطلق للحاكم؟
والذي دعا إلى هذا البحث، أحوال وأنظمة الحكم السائدة في أوربا، حيث الصراع بين الملكيات والقوى البرلمانية.. فالملكية كانت تعتبر الحكم حقها المطلق الموروث، الممنوح لها من خالق الكون، وحكمها بمشيئة إلهية، وثم فليس الحاكم مسئولاً تجاه المحكوم بشيء.
أما القوى البرلمانية فقد رفضت ادعاء هذا الحق، وقررت أن الحكم ليس حكرا لفئة معينة، وأن العلاقة بين الحاكم والمحكوم علاقة ائتمانية تعاقدية، وبما أن الإنسان له حقوق طبيعية في الحرية والكرامة، وجب الإقرار بأن الحكم يجب أن يكون مبنيا على رضا المحكوم، فالشعب هو مصدر الحكم، والحكم حينئذ مسألة أمانة لا مسألة حق.. وعلى ذلك فكل حاكم معرض لمحاسبة المحكوم على نحو مستمر، وإن هو أساء استعمال الحكم الذي وضعه الشعب أمانة في عنقه، ساغ حينئذ الثورة عليه وخلعه.
وقد كان هذا بالفعل مصير الملك (جيمس الثاني)، الذي خلع عن العرش عام1688م في الثورة البيضاء الشهيرة، المعروفة بالثورة المجيدة.
وبذلك أقرّت الديمقراطية ونُحّيت الحكومات ذات السلطة المطلقة، وبدأ الليبراليون في تحديد ملامح الدولة، وتساءلوا إن كان يمكن الاستغناء عنها أصلاً أم لا؟!!
فذهب نفر إلى فكرة مجتمع بلا دولة، إيمانا منهم بأن التعاون الطوعي بين الناس يُغني عن الدولة، لكن الأغلبية الساحقة من السياسيين والمفكرين اعتبروا وجود الدولة ضروريا، فالأمور لا تنتظم من تلقاء نفسها.. لكنّهم اختلفوا في تحديد ملامح هذه الدولة وسلطاتها، ومن هنا نشأ في الفكر السياسي الليبرالي مفهوم "دولة الحد الأدنى"، فالحاجة إلى الدولة حاجة عملية فقط، في التنفيذ، لا في التشريع والقضاء، ولا يجوز أن توسع نطاق سلطاتها خارج الحدود التي تفرضها هذه الضرورات العملية.
ومشكلة سوء استعمال السلطة قديمة قدم التاريخ البشري، فإذا كان وجود الدولة ضروريا، فوجود السلطة كذلك، ولابد للسلطة أن تكون بيد أشخاص معينين، لصعوبة ممارسة الجميع لها، ومتى استقرت السلطة في أيدي أولئك، فما الذي يحول بينهم وبين سوء الاستعمال؟
هذه هي المشكلة التي نتجت عنها فكرة الليبرالية السياسية.. وقد حاول بعض الفلاسفة منذ القدم وضع حل لها.
فأفلاطون مثلا كان يرى أن المشكلة تحل إذا اجتمعت السلطة والفلسفة في شخص واحد.
لكن هوبز لم يرتض هذا الحل، ورفض معادلة أفلاطون، مشددا على أن السلطة وحدها هي العنصر الأهم في بناء مجتمع مستقر.. وهوبز من المعارضين للحل الليبرالي، وفلسفته السياسية تقوم على أن هناك علاقة عكسية بين الحرية والاستقرار، وهو يعطي الحاكم سلطة شبه مطلقة، نتيجة قناعته أنه بدون هذه السلطة المطلقة لا نظام ولا استقرار ولا أمان.
أما الحل الليبرالي الذي وضعه (جون لوك) وطوره (مونتسيكو) فيرفض حصر الخيارات بخياري هوبز:
- مجتمع لا سلطة فيه (فوضى).
- مجتمع يساء فيه استعمال السلطة.
وهذا الحل يرتكز على مبدأ ثالث هو:
- حكم القانون وسيادته، وإصلاح مؤسسات المجتمع وتطويرها.
ودعاة هذا الحل يرون أن من الخطأ أن نركّز على الحاكم المثالي، ومن الأصح أن نركز على اشتراع قوانين واستحداث مؤسسات تقلل من سوء استعمال السلطة، وتسهل مراقبة المسئولين، وتجيز معاقبتهم إن هم أساءوا استعمال مسئولياتهم.
ويفترض هذا الحل أن إغراءات سوء استعمال السلطة ستظل موجودة، ولكنه يقلل من احتمال إساءة استعمالها فعلا.
وحكم القانون يعني أن المرجع الأخير لم يعد إرادة فرد ما، أو مجموعة أفراد، بل أصبح مبادئ اتفق عليها، ودخلت في بنية المجتمع وصلبه.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق