641
كيف انحرف العالم ؟
كيف جعلونا نمسك الجمر:
ثالثا - التعليم
3 الخطأ في النظريّة قبل أن يكون في التطبيق
8 بيئة المدرسة
هذه بيئة غير انتقائيّة، يُفرض على الطفل فيها مصاحبة أيّ طفل بأيّ تربية.. وأيّ مدرّس بأيّ أخلاق!!!
وفي كلّ الأحوال، يصير الزملاء أخلاء، والمدرسون قدوة!!!!!!
مأساة بكلّ المقاييس..
وللأسف ليس لأولياء الأمور أيّ دخل في هذه العمليّة..
فليس بإمكانهم التحكّم في نوعيّة الزملاء..
ولا نوعيّة المدرسين..
ولا حتّى نوعيّة المناهج..
وبهذا يخرج أبناؤنا كلّيّة من تحت سيطرتنا، ليتمّ التلاعب بعقولهم ونفوسهم وشخصيّاتهم!!
وليتهم يأخذون من التعليم ما يستحقّ المخاطرة:
كل ّما يأخذونه: مجموعة معلومات سطحيّة منزوعة الدسم، لا علاقة لها بالمجتمع، ولا تخرّج فلاسفة أو مبدعين أو علماء أو مبتكرين.. ولا حتّى مثقفين..
هذه المناهج لا تناسب ميول المتعلّم..
فهي مفروضة عليه: ما يحبّه وما يكرهه يجب أن يحفظه..
وهو مسار طويل، يستنزف عمر المتعلّم، ليلقيه في النهاية إلى متسلسلة: بطالة.. تأخر سن الزواج.. انحراف أخلاقي!!
أين هي القيمة المعادة؟؟
الملاحظ في الوطن العربيّ كلّه، انهيار مستوى الخرّيجين باستمرار، وتدهور أخلاق المدرسين (لا تنس أنّهم خريجو تعليم أيضا!!!)، وازدياد البطالة والعنوسة والانحراف الأخلاقي والجريمة.. وتردّى الاقتصاد...
أين هي القيمة المعادة؟؟؟
وحتّى تفهموا ما أعنيه أكثر، أحبّ أن أنبّهكم إلى الطفولة الملوثة التي تواجه الأطفال في المدارس:
فالإباحيّة ـ على خلاف ما يتصوره البعض ـ لا تقتصرُ فقط على مرحلةِ المراهقة، بل يتسرّبُ خطرُها ليلوّثَ مرحلةَ الطفولةِ أيضًا، ليُنتجَ ما أسمّيه "المراهقةَ المبكّرة".
إنَّ لدى الأطفالِ شراهةً عجيبةً لمشاهدةِ التلفاز.. وبخلافِ أنَّ هذا يقتلُ لديهم الإحساسَ بقيمةِ الوقتِ وأهمّيّةِ تنظيمِه، ويقتلُ لديهم البحثَ عن وسائلَ أخرى للمعرفةِ كالقراءة، ويُقلّلُ من وقتِ اللعبِ بما له من أهمّيةٍ جسديّةٍ ونفسيّةٍ واجتماعيّةٍ للطفل، فإنَّ هذا يضعُهم تحتَ تأثيرِ أناسٍ منحلينَ أخلاقيًّا، يلجئونَ من أجلِ رفعِ أجورِهم للمطِّ في المسلسلاتِ والأفلامِ، عن طريقِ اللتِّ والعجنِ في مشاهدِ الحبِّ، المبنيِّ أساسًا على مفاهيمَ مراهقةٍ عبيطة، لا مكانَ للعقلِ فيها ولا للضمير، ولا تخرجُ عن الإعجابِ الشكليِّ، المقترنِ بحالةٍ متردّيةٍ من البلاهة، مع تكرارِ نفسِ المشاهدِ والحوارات، بطريقةٍ تجعلُ الطفلَ يُبرمجُ عليها، ويسعى لتقليدِها!
ليس هذا فحسب، بل إنَّ الأمرَ يتجاوزُ هذا إلى الجنس: فمن مشاهدِ الشهوةِ والشبقِ، إلى مشاهدِ الإثارةِ والعري والرقص، إلى الأحضانِ والقبلاتِ ومشاهدِ الفراش!!
هل تدركُ النتيجةَ الطبيعيّةَ التي تنجمُ عن تعرّضِ الطفلِ المستمرِّ لمثلِ هذا الإفساد، مع ميلِه الفطريِّ للتقليدِ وفضولِه الرهيب؟؟
لكي تتّضحَ هذه النتيجةُ يجبُ أن أحكي لكم ـ إن كنتم تجهلونَ ـ عمّا يجرى وسْطَ الأطفالِ في المرحلةِ الابتدائيّةِ من التعليم، وسأبدأُ هنا بما رأيتُه بنفسي:
1- كنّا نتحدّثُ في الجنسِ من الصفِّ الأوّلِ الابتدائي!!
2- منذ الصفِّ الثاني الابتدائيّ كانَ لكلٍّ منا فتاةٌ يُحبّها!!
3- في الصفِّ الثالثِ الابتدائيّ، قامَ أحدُ الأطفالِ بتقبيلِ زميلةٍ لنا على حينِ غرّةٍ منها.. وفي الفصل!!
4- منذ الصفِّ الثالثِ الابتدائيِّ وعددٌ لا يُستهانُ به من الطلبةِ يدّعونَ أنّهم يزنون!
5- أحيانًا كان يتمُّ ضبطُ طفلينِ يحاولانِ ممارسةَ الشذوذِ الجنسيّ!!
6- عددٌ لا يستهانُ به من الطفلاتِ، كنَّ سيئاتِ السمعة، وتُحاكُ حولَهنَّ الأساطير!!
7- المتمرسونَ في الصياعةِ كانوا يحاولونَ التدخين.
8- غالبيةُ أحاديثِنا كانت تدورُ حولَ الحبِّ والجنسِ والنكاتِ الجنسيّة، وكنا نتناقلُ آخرَ أخبارِ القبلاتِ والأحضانِ والراقصاتِ وما انكشفَ وما استتر، مما نراه في التلفاز!!
و غيرُ ذلكَ الكثير.
قد تقولُ إنّها حالةٌ فردية، أو أنّني كنتُ في وسطٍ منحلّ، ولكنّي أؤكدُ لك أنّها ليست كذلك، فبخلافِ أنّي نشأتُ في قريةٍ ـ والقرى أكثرُ هدوءًا وتماسكًا أسريًّا من المدينة ـ وكنتُ من الطلابِ المتفوّقينَ دراسيًّا، وكنتُ أحفظُ أجزاءً من القرآنِ الكريم في طفولتي، فقد رأيتُ مثلَ هذا الانحلالِ ينطبقُ على غالبيةِ من أعرفُهم ممن تربّوا جيّدًا، فمجرّدُ وجودِ تلميذٍ فاسدٍ في بيئةِ المدرسةِ كفيلٌ بإفسادِ كلِّ من يحتكُّ به، وبهذا يتحوّلُ جوُّ المدرسةِ إلى بيئةٍ لـ "تصييعِ" من لم يتكفّلِ التلفازُ والشارعُ معه بذلك!!
والمشكلةُ أنّه ليس تلميذًا واحدًا.. إنّهم كلُّ أولئك الذينَ انشغلَ عنهم آباؤهم وأمهاتُهم بجمعِ المال، وتركوهم للتلفازِ والشارعِ والمدرسةِ لتحدّدَ لهم قيمَهم.
ليس هذا فحسب، فالأمرُ يمتدُّ ليشملَ المدرسين، الذينَ يُمثّلونَ كلَّ شرائحِ المجتمع، والقليلُ منهم فاضلٌ، والكثيرون جهلةٌ ينقلونَ ما يجدونَه في الكتبِ كما هو ـ إن استطاعوا أن ينقلوه ـ أو غيرُ أسوياء مضطربونَ نفسيًّا يضربونَ التلاميذَ ضربًا غيرَ آدميّ، أو منحطّونَ أخلاقيًا يردّدونَ الألفاظَ النابيةَ أو النكاتِ البذيئةَ في الفصل، أو منعدمو الضميرِ يستخدمونَ كلَّ الوسائلِ لاجتذابِ التلاميذِ للدروسِ الخصوصيّة!!
هذا بخلافِ ما ذكرناه سابقًا، أنَّ منهم ـ وإن كانوا قلّة، ولكنّها موجودة ـ من يتحرّشُ بتلميذاتِه جنسيًّا، على الأقلِ عن طريقِ الملامساتِ غيرِ البريئة!!
حتّى شبهُ الأسوياءِ منهم، يلقّنُ التلاميذَ الإجابةَ في الامتحان، من أجلِ أن تخرجَ نتيجةَ فصلِه مرتفعة، فيُنسبُ له الاجتهاد!!
وبالطبعِ فإنَّ الصالحَ والطالحَ من هؤلاءِ المدرسينَ، ينظرُ إليهمُ الأطفالُ على أنّهم قدوة!
هذا هو مجتمعُ المدرسة، الذي هو بيئةٌ خصبةٌ لتخريجِ المنحطّينَ والفاسدينَ والمجرمين.. غنّيٌّ عن الذكرِ أنَّ كثيرًا ممن كانوا معي بالمرحلةِ الابتدائيّةِ مجرمونَ الآنَ بالفعل.. رسميًّا!
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق