636
كيف انحرف العالم ؟
كيف جعلونا نمسك الجمر:
ثالثا - التعليم
3 الخطأ في النظريّة قبل أن يكون في التطبيق
3 أسطورة المدرّس المثالي
إنّ منظومة التعليم الحاليّة بها خلل جوهريّ..
خلل في النظريّة وليس فقط في التطبيق..
فالفكرة كلّها تقوم على أنّ هناك من يحب ابنك مثلك ويهتمّ به مثلك ويخاف عليه مثلك.. وهذا وهم!
وأنّ المدرّسين مثاليّون.. وهذا وهم!
وأنّهم قدوة صالحة للطلبة.. وهذا وهم!
وأنّهم متفرّغون للعلم والتربية.. وهذا وهم!
وأنّ النقود عندهم ليست أهمّ من الطالب.. وهذا وهم!
وأنّهم يستطيعون الانتماء عاطفيّا لكلّ طلابهم والاهتمام بهم.. وهذا وهم!
وأنّ وليّ الأمر يستطيع في كلّ الأحيان أن يعالج ما يفسده المدرسون.. وهذا وهم!
وانظر معي:
1- نحن نخرّج المدرّس بشهادة ورقيّة من نظام التعليم:
من أين نضمن إذن أن يكون قدوة أم لا؟
الشهادة لا تخبرنا شيئا عن سلوكه.. ولا عن بيئته.. ولا عن تربيته.. ولا عن أفكاره ومبادئه!!!
إنّ المدرسين، الذينَ يُمثّلونَ كلَّ شرائحِ المجتمع، الكثيرون منهم جهلةٌ ينقلونَ ما يجدونَه في الكتبِ كما هو ـ إن استطاعوا أن ينقلوه ـ أو غيرُ أسوياء مضطربونَ نفسيًّا يضربونَ التلاميذَ ضربًا غيرَ آدميّ، أو منحطّونَ أخلاقيًا يردّدونَ الألفاظَ النابيةَ أو النكاتِ البذيئةَ في الفصل.. هذا بخلافِ أنَّ منهم ـ وإن كانوا قلّة، ولكنّها موجودة ـ من يتحرّشُ بتلميذاتِه جنسيًّا، على الأقلِ عن طريقِ الملامساتِ غيرِ البريئة!!
والنكتة هي أن الطلاب الذين يشتكي البعض منهم لكونهم فاسدين مشاغبين، سيصير منهم مدرسون فيما بعد!!!
2- ونحن نعلّم الناس بثقافة خطوط التجميع في المصانع:
مجموعة من العاملين، يستلمون مجموعة من العلب الفارغة، فيقومون بتعبئتها بالمادّة المطلوبة، وتمريرها للمرحلة التالية!
3- وأعداد الطلبة أكثر من اللازم:
إنّ المدرّس قد يتعهّد خمسة أو عشرة فصول طوال العام.. أي مئات الطلبة.. أين هو ذلك الإنسان الخارق الذي يستطيع حفظ أسماءهم حتّى؟؟!!.. هل تتوقّع إذن أن يحلّ مشاكلهم، أو يتواصل معهم، أو يربيهم؟؟؟!
وحتّى لو كان المدرّس مثاليّا (وهؤلاء نادري الوجود)، ومتحمّسا أكثر من اللازم في البداية..
فإنّ التكرار والرتابة، وتوالي أعداد الطلبة عليه عاما بعد عام، يجعل العمليّة باردة روتينية عقيمة.. إنّهم مجرّد أرقام يعبرون حياته.. أرقام بلا خلفيات.. عليه أن يمنحها فقط ما يأخذ النقود من أجله!
4- المدرّس يعمل من أجل المال:
فلا مجال للحديث هنا عن هدف سام، أو قضيّة أو تضحية!
إنّ القليل من المدرسين فاضلٌ، والكثيرين منعدمو الضميرِ يستخدمونَ كلَّ الوسائلِ لاجتذابِ التلاميذِ للدروسِ الخصوصيّة!!
حتّى شبهُ الأسوياءِ منهم، يلقّنُ التلاميذَ الإجابةَ في الامتحان، من أجلِ أن تخرجَ نتيجةَ فصلِه مرتفعة، فيُنسبُ له الاجتهاد!!
5- والمدرّس مفروض على الطالب:
ممّا يعني أنّ هناك احتمالا كبيرا لعدم تقبّل أحدهما للآخر، ممّا يحيل حياة الاثنين إلى جحيم.. ومعظم الطلبة يكرهون بعض المناهج، بسبب كراهيتهم لمدرسيها!
6- مقارنة المدرّس بالعلماء منتهى الظلم:
فالعالم الذي يفني حياته بحثا عن لذّة المعرفة والتأليف والابتكار، يختلف تماما عن نموذج الملقّن، الذي تأتيه الكتب بما فيها من مناهج، ليلقيها على مسامع الطلبة.. مفروض عليه المكان والزمان والمنهج والطريقة والطلبة والإدارة والمرتّب.. و... و... و.... !!!
لقد انتهى نموذج المريد والعالم منذ أمد طويل..
فقديما كان المعلّم هو العالم.. وكان الطالب هو المريد الذي يعبر القفار سعيا إليه.
لا يمكن أن نتخيّل أنّ طالب اليوم يشبه من قريب أو بعيد طالبا تتلمذ على يد الشافعيّ أو الغزاليّ أو الفارابي أو أيّ عالم جليل.
مقارنة جائرة حقّا، وحياة عقيمة، تفضي لعلل وأمراض نفسيّة بعد ممارستها لسنوات!!
فالعمليّة كلّها الآن عمليّة تعليب آليّة مثل خطوط إنتاج المصانع!!
والكلّ مفروض عليه أوضاع لا يرضاها!!!!
7- ليس للمعلّم أيّ هيبة، ولا يجب أن تكون:
- لأنّه مفروض على الطالب.
- لأنّه ينقل ما هو موجود في كتب الوزارة، دون أن يكون له أيّ دور في صياغة العمليّة التعليميّة..
- لأنّه مجرّد أجير لدى الطالب.. فالطالب يدفع مصروفات المدرسة، والمدرسة موجودة أساسا من أجله، بينما المدرّس يتقاضى أجره من المدرسة، فكأنّه يعمل لدى الطالب!!.. خاصة أنّه لا يملك أيّ سلطة لفصل أيّ طالب أو رفض التعامل مع بعض الطلبة!!.. ويجب على كلّ مدرّس أن يعي هذه النقطة جيّدا!!!
إلى كلّ الذين يشتكون من مشاكل التعليم الإلزاميّ التي لا حصر لها:
فلنغيّر شكل المنظومة الحضاريّة أولا، وسيعود كلّ شيء لوضعه الطبيعيّ.
دون ذلك فلا تنتظروا أيّ شيء.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق