658
كيف انحرف العالم ؟
كيف جعلونا نمسك الجمر:
رابعا - عمل المرأة
5 خادمة أم ربّة؟
تقول بعض النساء:
"تتكلمون عن رعاية المرأة لرب البيت وأبناء رب البيت كأنها خادمة اشتراها رب البيت؟؟؟!!!!"
بئس القول!
كانت عائشة بنت أبي بكر الصديق..
وفاطمة بنت رسول الله..
وكلّ أمهات المؤمنين ونساء الصحابة..
وكلّ زوجات الأنبياء..
بل وكلّ نساء الأرض منذ بدء الخليقة وحتّى 40 عاما ماضية فقط.....
كانت كلّ هؤلاء: ربات بيوت!!!
فهل ترينَهنّ مجرد خادمات للرجال؟؟
لو كان الأمر كذلك، فأشرِف بها من مهنة: الخادمة!
ولهو أحرى بكلّ منّا أن يربّي ابنته لتكون خادمة!
وأنا شخصيّا لا أقبل أن يقلّل أحد من منزلة جدّتي المكافحة، التي ربّت جيلين وترى الآن الجيل الثالث.. حفظها الله..
وهي لدى كلّ أبنائها وأحفادها ملكة متوجة.. وليست خادمة.. رغم أنّها لم تكفّ عن العطاء يوما لحوالي 50 عاما..
وهي عندي أنا، أشرف وأكمل وأفيد للمجتمع، من كلّ المنحطّات اللاتي يبرزن علينا في التلفزيون والصحف، بأزيائهنّ الفاضحة وأفكارهن المريضة المتغرّبة..
كما لا أقبل أن يقلّل أحد من منزلة والدتي حفظها الله، والتي تركت العمل في يوم من الأيام لتتفرّغ لتربيتنا، فكنّا نحن طموحها ونجاحها في الحياة..
ولو سألنَها لقالت لهنّ بكلّ حزم:
((إنني لم أشعر بوجودي مثلما شعرت به بعد تفرّغي لرعاية المنزل)).
ولا خالتي، التي مقتت العمل بعد عشرين عاما استنزفها فيها، فجاءت من الحجّ لتأخذ إجازات متواصلة، وترتدي النقاب وتمكث في بيتها، نادمة على العمر الذي أهدرته من أجل حفنة من النقود، لم تجد فيه الوقت الكافي لتقرأ في دينها، بسبب تمزّقها بين العمل والبيت!!!!
فحذار يا كلّ امرأة متغرّبة.. حذار أن تهيني أفاضل النساء، من أجل رغبة غريبة في أن تجلسي على مكتب لتوقيع بعض الأوراق!!!
***
وفي هذا الصدد أحبّ أن أنقل لكنّ بعض التجارب:
1- قابلت سيّدة متبرّجة (لأنفي أيّ شبهة إسلاميّة ((متخلّفة)) عنها!!) في الأربعينات من عمرها تعمل في مركز معلومات رئاسة الوزراء (اسم يخضّ.. صحّ!!).. وكانت معها والدتها المسنّة، وكانت الوالدة من النشيطات في الحركة الوطنيّة وكانت تلتقي بجيهان السادات (حرم رئيس الجمهوريّة السابق) وتسافر معها لحضور المؤتمرات في أمريكا (لا يوجد تحرّر أكثر من هذا)!!.. وتداعى بيننا الحوار، فقالت الابنة: ليتهم ما علمونا ولا جعلونا نعمل.. قالتها بمرارة شديدة، وهي تعلن مللها وقرفها من كلّ شيء رتيب ممل تحياه!!.. في النهاية بعد خوض التجربة، صارت تتمّنى لو كانت ربّة منزل بلا عمل وبلا شهادات حتّى!!
أؤكد لكلّ فتاة متحمّسة أنّ هذه ليست حالة فرديّة.. وستفهمين كلامي جيّدا كلما تقدّمت بك سنوات العمل.. لكن بعد فوات الأوان!!
2- تجربة أخرى لامرأة في غاية الشهرة.. الممثلة المصريّة (عبير صبري)، التي تابت إلى الله وأعلنت اعتزالها، وقرّرت أن تهجر كلّ الشهرة والأضواء والمديح والنقود، لتجلس في بيتها معزّزة مكرّمة.. ولو تابعت أحاديثها عن الاعتزال، فسيروعك مقدار ما كانت تشعر به من الضياع وفقدان الهدف والإحساس بالخواء رغم كلّ الشهرة التي حظيت بها.. وسيدهشك مدى الراحة والسعادة اللتين شعرت بهما حينما ارتدت الحجاب لأوّل مرّة، لدرجة أنّها وصفت هذه اللحظة بقولها: لقد شعرت بسعادة أكبر من التي شعرت بها ليلة زفافي!
3- أمّا هذا المثال، فهو سيفزعكنّ حتما.. فهو لإحدى الفتيات اللامعات من أسرة صديقة، تخرّجت في كلّيّة الطبّ، وعيّنت معيدة في الجامعة.. تزوّجت وسافرت لزوجها لتمضي معه الإجازة في إحدى الدول العربيّة.. وكانت حاملا، فقررت أن تبقى معه لتنجب هناك.. وأنجبت، فقرّرت ألا تعود، وأن تستقيل من وظيفتها، التي كانت ستؤهلها لتحصل على الدكتوراة، وهي أرفع درجة علميّة واجتماعيّة في مصر!!!
جدير بالذكر أن والدها على وشك الجنون، ويرفض تماما ما اختارته لحياتها مع أنّها حرّيّتها الشخصيّة!!.. وهو يصرخ في كلّ ملأ: كان أولى لي أن ألحقها بالتعليم المتوسط منذ البداية!!
وكان أولى به هو، أن يفهم أن عقل ابنته الذي أوصلها لهذه المرتبة العلميّة، هو نفسه الذي هداها لتفهم أنّ عملها خارج بيتها إجرام في حقّ طفل صغير لا ذنب له، وإجرام في حقّ زوج هو أولى بالرعاية، وإجرام في حقّ نفسها التي خلقها الله بفطرة معيّنة لوظيفة معيّنة!
4- في حلقة من حلقات برنامج "ماسبيرو"، وهو برنامج مريض من برامج التلفزيون المصريّ، يخرّف في عقول النساء، مناديا بشعارات عبوديّة المرأة ـ المعروفة خطأ باسم "حرّيّة المرأة" ـ اتصلت سيدة مهندسة على الهواء مباشرة..
توقّع الجميع ـ بما فيهم أنا ـ أنّها ستمجّد الكلام الفاسد المتداول عن عمل المرأة.. فإذا بها تقول:
- إنّني أعتب على الإعلام معالجته لقضايا المرأة.. فهو يتحيّز ضدّ ربّة البيت، ويظهرها كامرأة تافهة مظلومة لا دور لها في الحياة!!!
ثمّ فجّرت المفاجأة بأنّها تركت عملها كمهندسة لترعى أبناءها الثلاثة..
وقالت لتصفع كلماتها المذيعة والنساء المسترجلات اللاتي استضافتهن:
- من سيرعى أبناءنا إذا كنت أنا وزوجي مشغولَيْن طوال النهار، ولا نعود إلا مرهقَين؟؟.. من سيلعب معهم ويراقبهم ويوجههم ويأخذهم إلى النادي ويذاكر لهم؟؟؟
وقد استطاعت هذه السيدة الفاضلة أن تخرس بقوّةِ ردودها كلّ من حاول أن يقنعها بخطإ أفكارها، حتّى قالت إحدى الحاضرات:
- من حقّ المرأة أن تختار أن تمكث في البيت.. هذا حقّ من حقوقها!!
وكأنّها تمنّ على المرأة ربّة البيت!!!!
وقد توالت الاتصالات ورسائل البريد وتعليقات الشباب الحاضرين، وكان أكثرها يهاجم عمل المرأة!!!
ولقد قال أحد العلمانيين الحاضرين متأسّفا وحزينا: إنّه يعتقد أنّ 95% على الأقلّ من المجتمع المصريّ ما زالوا لا يؤمنون بأفكار حريّة المرأة ومساواتها مع الرجل!
وهذه نتيجة يجب أن تلفت انتباهكنّ، فهذه الشعارات المدمرة متداولة في مصر منذ أكثر من قرن!!
ليس هذا فحسب.. علينا أيضا أن نتساءل:
إذا كان هؤلاء العلمانيون يتشدّقون بالحرّيّة والديمقراطيّة، فلماذا لا يسمحون لـ 95% من الشعب بأن يحكم نفسه كما يريد، وبدلا من ذلك، يتهمونهم في الإعلام بزيف الوعي والوقوع تحت تأثيرات القوى الظلاميّة في المجتمع؟؟
طبعا لأنّ الحرّيّة عندهم تعني:
إنّ لك مطلق الحرّيّة في أن تفعل ما ((نريد)).. وإلا فأنت قاصر وضال وغير مؤهّل لنيل الحرّيّة!!!!!!!!!
***
ويجب كذلك أن نعي جيّدا أنّه لولا الظروف الماديّة المتردّية في مصر، ما خرجت امرأة مصريّة من بيتها!!!!!!!!!!
مع أنّ هذا الوضع أساسا يزيد من تردّي الاقتصاد، نتيجة الخلل الذي يُشيعه في بنية المجتمع وهيكل العمل..
ومؤخرا، صدر في مصر قانون يجيز للمرأة أن تعمل نصف فترة العمل بنصف الأجر، بدعوى أنّ هذا يتيح لها التوفيق بين بيتها والعمل!!
(وأبسط قواعد المساواة المزعومة تقول إنّ من حقّ الرجل أن يحصل على قانون مشابه، ليعمل نصف الوقت لو أراد!!!)
فأين كان هذا التفكير وهم يدمرون أجيالا من بعد أجيال؟؟
الواقع يقول إنّ الهدف الأصليّ الذي أرغمهم على ذلك، هو رغبتهم في توفير فرص أكثر لعمل الشباب، فقد صار الوضع مثيرا للسخرية: النساء تعمل والشباب يتسكّع في الطرقات، لتشيع العنوسة والفاحشة والجريمة في المجتمع!!
***
وحتّى تفهم كلّ فتاة أنّها هذه الشعارات شعارات عبوديّة وليست شعارات حرّيّة (كما يسمونها تزييفا)، أقول:
إنّ الحرّية هي الحقّ المستقلّ في الاختيار بين البدائل..
فأين هي البدائل المتاحة أمام المرأة المصريّة؟؟
إنّ أباها يلحقها بالتعليم الإلزاميّ منذ صغرها، بدون اختيار منها..
والقانون يمنعها من الزواج قبل بلوغها 16 عاما، ويسعون الآن لرفعه إلى 18، ثمّ 21!!!
وظروف المجتمع تجبرها على العمل حتّى لو كانت تكرهه، ففرصتها في الزواج ترتبط به أساسا!!
ولو أرادت التوقّف عن العمل في أيّ وقت، فستقيّدها ظروف زوجها السيئة، وربّما ضغط عليها قسرا للاستمرار، مستعينا بأهله وأهلها والمجتمع، باعتبارها مجنونة تدمّر مستقبل أسرتها وأبنائها!!
إنّ الرجال في مصر أكثر استئناسا بدعاوى حرّيّة المرأة، وأكثر استفادة من (عوائدها) من النساء!!
فأين هي إذن هذه الحرّيّة المزعومة؟
أين هي القدرة على اختيار المصير؟؟
إنّكنّ تسعين بأرجلكنّ إلى عبوديّة مطلقة وسجن مؤبّد!!
***
اتضح الآن كلّ شيء:
ربّة البيت ليست خادمة..
إنّها ملكة متوّجة، ورجلها هو حارسها وراعيها وخادمها وعائلها وسيدها وحبيبها..
والرجل الذي يعصم امرأته من متاعب الحياة، هو فارس حقيقيّ في زمن أشباه الرجال..
أم هل تعتقدين أنّ الرجل يحب التعب في هذا الزمن المعقّد، فقط لكي يستمتع بوجود ((خادمة)) في المنزل؟؟
أليس الأسهل أن يجبر زوجته على العمل، ليريح نفسه من نصف مسئولياته، ثمّ يأخذ نقودها لينفقها على ملذاته بمنتهى البساطة (وهو ما يفعله معظم أشباه الرجال في معظم الوطن العربي!!!)؟؟؟
فكّري قليلا يا كلّ فتاة..
وأعيدي ـ أرجووووك ـ تقييم كلّ شعارات الإعلام والتعليم..
وأنا واثق أنّك سرعان ما ستصلين للحقيقة، وسط كلّ هذا التضليل والتزييف.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق