إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 25 يوليو 2015

648 كيف انحرف العالم ؟ كيف جعلونا نمسك الجمر: ثالثا - التعليم 3 الخطأ في النظريّة قبل أن يكون في التطبيق 15 التعليم وتغيير بنية المجتمع


648

كيف انحرف العالم ؟

كيف جعلونا نمسك الجمر:

ثالثا - التعليم

3 الخطأ في النظريّة قبل أن يكون في التطبيق

15 التعليم وتغيير بنية المجتمع



لقد كنت ألفترة طويلة أعتقد بأنّ الإعلام ـ بما يكوّنه في عقول الأطفال من صور ذهنية وأهداف وقيم زائفة وأذواق فاسدة ـ هو السبب الرئيسيّ في تغيير بنية مجتمعاتنا أخلاقيا واجتماعيا.. ولكنّي اكتشفت مؤخّرا أنّ الإعلام وحده لا يكفي لتغيير (أقصد تدمير) المجتمعات.. وأن التعليم يحتلّ المركز الأوّل في هذا بجدارة!

بدليل الاختلاف الشاسع بين الوجه البحري والوجه القبلي في مصر.. رغم أنّنا جميعا نشاهد نفس الإعلام بنفس مباذله!

ولكنّ الفارق حتّى الآن هو دور التعليم في حياة الناس.. ففي صعيد مصر ما زالت نسبة الأمّيّة كبيرة، وخاصة بين الفتيات.. وكثيرات ممن يتعلّمن منهمن تكتفي بالابتدائيّة أو الإعداديّة على أقصى تقدير.. والفتية نفس الحال، أو قد يزيدون عليه مرحلة تعليم فنّي..

وهذا في مقابل عمل الفتية مبكرا وبالتالي الزواج المبكر للجنسين وبالتالي تقليل هلاوس المراهقة لأقصى درجة، وحرّية أكبر في الإنجاب، مع أم ربّة بيت ترعى أبناءها وتورث لهم قيم المجتمع.

وهكذا نكتشف أنّ الخلل كلّ الخلل يبدأ من التعليم بصيغته المريضة الحالية!!.. فهو يفصل الأبناء عن آبائهم وثقافتهم، ممّا يجرّ لمتاهة مذهلة من التغييرات في الشخصيّة والسلوك والوعي، مع مراهقة وبطالة وعنوسة وتحديد النسل وعمل النساء و... ,... و...

تفهمون الآن لماذا يعملون الآن باستماتة على دفع نساء الصعيد للتعليم!

***

إنّ البعض يرى أن تعليم المرأة الإلزاميّ في السعوديّة لا مشكلة فيه ما دام غير مختلط، ويرى أنّ عملها المؤسّسيّ لا مشكلة فيه بدوره، ما دام غير مختلط وفي مجالات التدريس والتمريض والطب.

وأنا أردّ على من يتبنون هذا الرأي قائلا:

ما لم تنتبه إليه هو أنّ هذه رصّة دومينو تسلسلية.. إذا أسقطت أوّل قطعة، فإنّها تؤدّي إلى إسقاط باقي القطع!

سلّم ابنتك للتعليم الإلزامي.. ستكره المنزل لا محالة لأنّها تربّت طيلة حياتها على ألا تمكث فيه إلا أقلّ الوقت!.. مع مناهج توحي لها بأنّ قيمتها الحقيقيّة هي ألا تكون في المنزل!

مع فترة مراهقة بالغة العناء: ضغوط غريزيّة فضائيّة، وزميلات دراسة غير مضمون تربيتهنّ، ويأس من الزواج في فترة قريبة.. تعرف المحصّلة طبعا!!

كما أنّ هذا النمط الإلزامي في التعليم يحتاج لمدرسات للعمل به.. ممّا يعني ترك أطفالهنّ بلا رعاية، ليفترس التلفاز عقولهم وأخلاقهم بلا رادع!

مع كمّ من العنف والعصبيّة ناتجين عن ضغوط العمل يحوّل الحياة إلى جحيم!

ولكنّ المأساة لم تبدأ بعد:

كلّ بنات بلدك تتعلّم.. ولكنّ مهن التدريس والتمريض لن تستوعبهنّ كلهنّ!

وهذا يعني إلحاحا مستمرّا منهنّ على فتح أبواب باقي المهن والتخصصات: الإعلام (ولا تنس جنون الشهرة عند النساء)، والمحاماة (والشرطة والقضاء فيما بعد) والهندسة والتجارة والرياضة و... و... و...

وهذا سيدفع للاختلاط في كلّ المجالات بالتدريج..

هذه نتيجة حتميّة لزجّ الفتيات في تعليم مصمّم لإخراج متخصصين، يفني فيه المرء زهرة شبابه!.. من العبث بعد هذا أن تدّعي أنّ الرجل يختلف عن المرأة (فقد تعلما نفس السذاجات معا!!).. ومن الحماقة أن تطالب المرأة بالمكوث في المنزل بعد كلّ هذا العك!!.. أمّا الجنون بعينه فهو أن تطلب منها إنجاب خمسة أطفال مثلا وهي امرأة عاملة!! (تفهم طبعا لماذا يكره أعداؤنا زيادتنا عدديا).

وبهذا تكتشف أن السلسة كلّها مترابطة: تعليم.. حرّيّة.. مساواة.. عمل (بعد فترة بطالة لا بأس بها طبعا).. ارتفاع سنّ الزواج (وعنوسة).. تنظيم أسرة.. انهيار مجتمع!!

ألا ترى ما أتكلّم عنه يحدث من حولك؟

ألا ترى التغيير الذي أصاب شخصية الأجيال الجديدة في مجتمعك، رجالا ونساءً؟

في يوم ما لم تستطع حكومتك افتتاح مدرسة في "بريدة" إلا بمساندة الشرطة، بسبب رفض الأهالي القاطع لهذا!

الآن كثيرات نساء بلدك تطالب بالعمل ـ بل وبالمناصب العليا ـ وبالسفور والاختلاط!، وباقي متسلسلة الحرية والمساواة.. وللأسف أنت ترى أنّ حكومتك تمكن للعلمانيين ولهنّ، بأوامر من أمريكا!

وما الاشتراك في الحوار الوطني، ودمج إدارة تعليم البنات بوزارة التعليم، وإنشاء منظمة حقوق الإنسان، وسفور مذيعات قناة الإخبارية، وقرارات زيادة تمثيل المرأة في العمل، إلا أحجارا جديدة تسقط من رصة الدومينو.. والبقية تترى!

دعونا نسمع بعض الكلام البديع، من علمانية سوريّة مقيمة في المملكة العربية السعودية منذ أكثر من عقد من الزمان، وهي الدكتورة ليلى أحمد الأحدب، رئيسة النشر والتحرير في "مركز الراية للتنمية الفكرية".. حيث تمّ سؤالها:

-       تعليم البنات بدأ في المملكة قبل أربعين عاماً، فما هي حصيلته على المستوى الاجتماعي والمهني؟

فأجابت قائلة:

-   إذا كنا نؤمن بأن الأمور كلها نسبية، فيمكننا أن نعتبر أن حصيلة تدريس البنات جيدة جدا.. فخلال هذه الفترة القصيرة تم رفع نسبة النساء المتعلمات لتصل إلى 68%.. ومقارنة بنسبة الأمية في العالم العربي بين الرجال والنساء وهي 50%، نجد أن نسبة الأمية بين النساء في المملكة العربية السعودية أقل من ذلك.. وهذا مؤشر جيد ويدعو للتفاؤل، إذا تذكرنا معارضة المجتمع التقليدي لتعليم المرأة، الذي كان خطوة نافذة المفعول في التغيير الاجتماعي الضروري.. فالتعليم يفتح آفاقا من الوعي في نفس المتلقي ذكرا كان أم أنثى.. هذا على المستوى الاجتماعي والثقافي، أما على المستوى المهنيّ، فقد ساهم وجود نساء معلمات وسعوديات بشكل كبير في تشجيع الأسر على تعليم بناتهن، حيث أن التخوف كان من دخول ثقافات وافدة لا تتماشى والخصوصية التي يتشبث بها بعض أفراد المجتمع السعودي.. كذلك وجود طبيبات مثلا رفع من الثقة بالمرأة السعودية وأنها قادرة على خوض كثير من المجالات.. كما ساعد تعليم المرأة على استقلالها وتحررها من ظلم الرجل، وهذا لا ينطبق على المرأة السعودية فحسب، بل إن شخصية "سي السيد" موجودة في كل المجتمعات العربية، ولولا استقلال المرأة المالي لما أمكنها أن تتخلص من تسلط الرجل والنظم الرجعية الأبوية التي تحكم الثقافة العربية بشكل عام وتشجع الرجل على استمراء شخصيته الاستبدادية.

هل يحتاج أحد للمزيد من الكلام؟








 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق