617
كيف انحرف العالم ؟
كيف جعلونا نمسك الجمر:
ثالثا - التعليم
1 أخطاء هيكلية في التعليم
6 نزيف العقول
رصد تقرير التنمية الإنسانية العربية الذي صدر عام 2003 تيارين من الهجرة: الأول إلي البلدان العربية وهو هجرة مؤقتة.. والثاني إلي البلدان الغربية وزادت فيه نسبة الاستيطان، وأغلبه من الكفاءات العلمية العالية.
وتشير الإحصاءات إلي أنه خلال الفترة (1998 ـ 2000) غادر أكثر من 15 ألف طبيب عربي إلي الخارج.. إضافة إلي أن 25% من أكفأ خريجي الكليات العملية هاجروا إلي أمريكا الشمالية ودول السوق الأوربية.. وترتّب علي هجرة الأدمغة خسارة ما تحملته الدول العربية في إعداد الكفاءات المهاجرة، فيما يمكن اعتباره معونة عكسية إلي البلدان الأغنى!!!!.. إضافة إلي فقد الدول العربية لهذه الكفاءات مما يؤدي لاستمرار ضعف إنتاج المعرفة.. ويري واضعو التقرير أن قيام أي مشروع جدي للنهضة الإنسانية يشترط لنجاحه إغراء الكفاءات العلمية المهاجرة بالعودة.
كما أعلنت اليونسكو أنّ الثمانينيات شهدت يوميّا زحف ألف عالم وتقني محترف من دول العالم الثالث إلى أوروبا وأمريكا!!.. ألف عالم وخبير ومحترف كلّ يوم ينزفون من بلاد تحتاجهم إلى بلاد أعدائهم!!
وهناك الآن مليون خبير وتقني عربي في الغرب، يصنعون حضارته في شتى المجالات، منهم 200 ألف عالم!!
بخلاف ما يزيد عن 1.3 تريليون دولار من الأموال العربية المهاجرة، تصنع رفاهية أعدائنا بينما نموت نحن جوعا ومرضا!!
إنّ ثلث الدارسين في جامعات أمريكا من الدول النامية.. بينما شبابهم يزني ويغتصب ويدمن ويرتكب الجرائم في جنّة حرّيّة المرأة!!!
ونظلّ نحن نصدّر لهم عقولنا، ويظلون هم يصدّرون لنا انحطاطهم، ومنتجاتهم التي تستنزف ثرواتنا ونبيع ضمائرنا من أجل الحصول على ثمنها، وتتعرى نساؤنا على الشاشات من أجل ترويجها!!
***
والسؤال الآن هو:
لماذا ((هرب)) هؤلاء من مجتمعاتنا؟.. ولماذا لم تحاول حكوماتنا ((العلمانية)) أن تبذل أقلّ الجهد لاستغلالهم؟
ألا يبدو لك أنّهم لا يهتمون إلا بترويج شعارات حرية المرأة والفساد والرذيلة؟؟!!
أليست أكبر نكتة، أن تجد إعلامنا وسط كلّ مشاكلنا المذهلة، لا يتكلّم ليل نهار إلا في مشكلة واحدة وحيدة، بطريقة مملّة مريضة:
حرّية المرأة!!
طبعا حرّيتها من الرجال ومن بيتها ومن أمومتها ومن عقلها ومن دينها ومن أخلاقها ومن ملابسها!!!
بصراحة:
إنّها معجزة أنّنا ما زلنا نحتفظ ببعض عقولنا وضمائرنا حتّى الآن!!!!
***
ولكن لعل العلمانيين معذورون في هذا التوجّه.. إذ يبدوا أنّهم كانوا أذكى من صدام، فلم يحاولوا عبور الخطوط الحمراء المرسومة لهم!
تحيّة منا لهم على هذه ((الحكمة البالغة))!!!!
***
في برنامج "بلا حدود" على قناة "الجزيرة" الفضائيّة، في حلقة عن الجينوم البشريّ، قال الدكتور (زغلول النجار):
لقد حاول (ضياء الحقّ) ـ أحد رؤساء باكستان السابقين ـ أن ينشئ نهضة علميّة إسلاميّة، ودعا في نهاية الثمانينيات كلّ الدول العربيّة والإسلاميّة لإنشاء جمعيّة علميّة إسلاميّة، ولكنّها لم تحقّق أيّا من الأهداف المنشودة!!!!!!!!!!
لهذا اضطرّ في عام 1988 إلى الابتعاد عن الرسميّات، وإنشاء جمعيّة علميّة أهليّة وهي (الأكاديميّة الإسلاميّة للعلوم)، يجتمع فيها سنويّا أكثر من 70 عالما من خيرة علماء المسلمين الذين يتبوأون أرفع المناصب العلميّة في العالم، ومنهم (زغلول النجار) و(عبد القدير خان) العالم الباكستاني الذي شارك في صنع قنبلة باكستان النووية..
يختارون أهمّ القضايا، ويتناقشون ويحللون ويطرحون الحلول، ثمّ يرسلون نسخا من تقاريرهم وتوصياتهم إلى كلّ الدول العربيّة والإسلاميّة.. ولا حياة لمن تنادي!!!!
كلّ ما حدث هو مقتل (ضياء الحقّ) ـ هل تعتقدون أنّها مصادفة؟؟ ـ وجلوس العلماء المسلمين كأنّما يؤذنون في مالطة!!!!!!!
***
بعد كلّ هذا هل يلوم أحدٌ من يقول إنّ نظم التعليم العربيّة والإسلاميّة هي من بقايا الاستعمار، مصمّمة لتضييع أجمل فترات أعمارنا، وبثّ الأفكار المغلوطة في عقولنا، وتؤدّى إلى ارتفاع نسب البطالة وارتفاع سنّ الزواج والعنوسة، وبالتالي لفساد الشباب.. مع تحريف شخصيّة المرأة وعزلها عن أعراف مجتمعها، مما يدفعها للتمرّد.. وهذا سبب جوهريّ لازدياد نسب الطلاق في مجتمعاتنا الحاليّة؟!!
وإذا أفلت بعض العباقرة من هذه الأنظمة المريضة، تتكفّل الإدارات المتخلّفة والتجاهل والإهمال والروتينيّات والوساطة وإيكال الأمر إلى غير أهله، بجعلهم يهربون إلى الغرب، حيث يحصلون على الجنسيّة ويخدمون أعداءنا.. مثل (أحمد زويل)، حامل الجنسيّة الأمريكيّة، الذي لم يتردد في استلام جائزة (بنيامين فرانكلين) من الكنيست الإسرائيليّ!!!!!!!!!!!!!!
مقارنة ظالمة حقّا:
هذا عالم وهذا عالم..
(بنيامين فرانكلين) ينتمي لقضيّة وعقيدة، ويشترط استلام جائزته العلميّة في (إسرائيل)..
و(أحمد زويل) ........................... لا يتورّع عن استلامها في عقر دار أعدائه!!!!
لا ألومه..
الخيار صعب..
إمّا أن يفعل هذا ليصير عالما ويجد من يرعاه ويفيد البشريّة ويحصل على جائزة نوبل..
وإمّا أن يدفن حيّا في بلده، الذي لا يمجّد غير الراقصات والممثلات والمغنيات ولاعبي الكرة!!!
***
واضح إذن أنّ المشكلة لم تكن مشكلة عقول أو أموال.. كانت مشكلة إدارة وتخطيط وهدف..
مشكلة حكومات ضيعتنا.. جهلا أو تكاسلا أو عمدا أو خوفا.. وفي كل الأحوال، هي قد خانت الأمانة.
مشكلة نظم تدمّر الأجيال الجديدة، وتدفع الصفوة التي تنجو منها إلى براثن الغرب!!
لقد رأيت ميزانيات الجامعة تهدر في الحفلات والرحلات، و ـ قليلا ـ الجوائز الأدبيّة.
ومعظم الميزانية ينفق على المباني ومرتبات الأساتذة والعاملين..
أمّا المعامل فليس لها سوى أقلّ القليل!!!!
هذا بخلاف أنّ وزير البحث العلميّ في مصر رجل قانون!!!!!!!!!
ووزير التعليم طبيب أطفال!!!!!!!! (تمّ تغييره بعد أن أدّى دوره في تدمير التعليم بكفاءة!!)
(لست من المنغلقين القائلين بقَصْر الفهم على المتخصّصين.. ولكن لم يكن لهذين أيّ مؤشرات سابقة تدلّ على صلاحيتهما لتولّي البحث العلمي والتعليم!!)
لا أدري هل أضحك أم أبكي..
العمليّة كلّها شكليّة لتضييع أعمارنا..
كم ألف عام أخرى سننتظر حتّى نكتشف المنبع الحقيقيّ لمشاكلنا؟
لدينا المال..
لدينا الأراضي والثروات..
لدينا التاريخ والحضارة..
لدينا البشر.. وملايين المبدعين المضطهدين المضيعين.. في بلدان يحتكرها كلّ من امتهن نفسه وامتهن التمثيل والغناء والرقص والدعارة ولعب الكرة!!
لكنّنا ببساطة لا نملك أيّ كيان.. لا نملك أيّ هدف.. لا نملك الأمناء على مصيرنا!!
بعد كم ألف عام أخرى سنكتشاف هذا؟
إنّ ما نبحث عنه هو الهدف.. وليس أيّ شيء آخر!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق