297
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة في المحرم خطب للسلطان طغرل بن أرسلان بن طغرل ابن محمد بن ملكشاه المقيم عند إيلدكز بهمذان وكان أبوه أرسلان قد توفي.
وفيها سابع شوال هبت ببغداد ريح عظيمة فزلزلت الأرض واشتد الأمر على الناس حتى ظنوا أن القيامة قد قامت فبقي ذلك ساعة ثم انجلت وقد وقع كثير من الدور ومات فيها
وفيها رابع ذي القعدة قتل عضد الدين أبو الفرج محمد بن عبد الله بن هبة الله بن المظفر بن رئيس الرؤساء أبي القاسم بن المسلمة وزير الخليفة وكان قد عزم على الحج فعبر دجلة ليسير وعبر معه أرباب المناصب وهو في موكب عظيم وتقدم إلى أصحابه أن لا يمنعوا عنه أحدًا فلما وصل إلى باب قطفتا لقيه كهل فقال: أنا مظلوم وتقدم ليسمع الوزير كلامه فضربه بسكين في خاصرته فصاح الوزير: قتلني! ووقع من الدابة وسقطت عمامته فغطى رأسه بكمه وضرب الباطني بسيف وعاد إلى الوزير فضربه وأقبل حاجب الباب ابن المعوج لينصر الوزير فضربه الباطني بسكين وقيل بل ضربه رفيق كان للباطني ثم قتل الباطني ورفيقه وكان لهما رفيق ثالث فصاح وبيده سكين وقتل ولم يعمل شيئًا وأحرقوا ثلاثتهم وحمل الوزير إلى دار له هناك وحمل حاجب الباب مجروحًا إلى بيته فمات هو والوزير وحمل الوزير فدفن عند أبيه بمقبرة الرباط عند جامع المنصور.
وكان الوزير قد رأى في المنام أنه معانق عثمان بن عفان وحكى عنه ولده أنه أغتسل قبل خروجه وقالك هذا غسل الإسلام وانا مقتول بلا شك وكان مولده في جمادى الأولى سنة أربع عشرة وخمسمائة وكان أبوه أستاذ دار المقتفي لأمر الله فلما مات ولي هو مكانه فبقي كذلك إلى أن مات الممقتفي فأقره المستنجد على ذلك ورفع قدره فلما ولي المستضيئ استوزره وكان حافظًا للقرآن سمع الحديث وله معروف كثير وكانت دارم مجمعًا للعلماء وختمت اعماله بالشهادة وهو على قصد الحج.
وفيها كانت فتنة ببغداد وسببها أنه حضر قوم من مسلمي المدائن إلى بغداد فشكوا من يهودها وقالوا: انا مسجد نؤذن فيه ونصلي وهم مجاور الكنيسة فقال لنا اليهود: قد آذيتمونا بكثرة الآذان فقال المؤذن: ما نبالي بذلك فاختصموا وكانت فتنة استظهر فيها اليهود فجاء المسلمون يشكون منهم فأمر ابن العطار وهو صاحب المخزن بحبسهم ثم أخرجوا فقصدوا جامع القصر واستغاثوا قبل صلاة الجمعة فخفف الخطيب الخطبة والصلاة فعادوا يستغيثون فأتاهم جماعة من الجند ومنعوهم فلما رأى العامة ما فعل بهم غضبوا نصرة للإسلام فاستغاثوا وقالوا أشياء قبيحة وقلعوا طوابيق الجامع ورجما الجند فهربوا ثم قصد العامة دكاكين المخلطين لأن أكثرهم يهود فنهبوها وأراد حاجب الباب منعهم فرجموه فهرب منهم وانقلب البلد وخربوا الكنيسة التي عند دار البساسيري وأحرقوا التوراة فاختفى اليهود وأمر الخليفة ان تنقض الكنيسة التي بالمدائن وتجعلوا مسجدًا ونصب بالرحبة أخشاب ليصلب عليها قوم من المفسدين فظنها العامة نصبت تخويفًا لهم لأجل ما فعلوا فعلقوا عليها في الليل جرذانًا ميتة وأخرج جماعة من الحبس لصوص فصلبوا عليها.
وفيها في شعبان قبض سيف الدين غازي صاحب الموصل على وزيره جلال الدين علي بن جمال الدين بغير جرم ولا عجز ولا تقصير بل لعجز سيف الدين فإن جلال الدين كان بينه وبين مجاهد الدين قايماز مشاحنة فقال مجاهد الدين لسيف الدين: لا بد من قبض الوزير فقض عليه كارهًا لذلك ثم شفع فيه ابن نيسان رئيس آمد لصهر بينهما فأخرجن وسار إلى آمد فمرض بها وعاد إلى دنيسر فمات سنة أربع وسبعين وعمره سبع وعشرون سنة وحمل إلى مدينة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فدفن عند والده في الرباط الذي بناه بها.
وكان رحمه الله من محاسن الدنيا جمع كرمًا وعلمًا ودينًا وعفة وحسن سيرة واستحلفه سيف الدين أنه لا يمضي إلى صلاح الدين لأنه خاف أن يمضي إليه للمودة التي كانت بين جمال الدين وبين نجم الدين أيوب وأسد الدين شيركوه فبلغني أن صلاح الدين طلبه فلم يقصده لليمين.
وفيها اجتمع طائفة من الفرنج وقصدوا أعمال حمص فنهبوها وغنموا وأسروا وسبوا فسار ناصر الدين محمد بن شيركوه صاحب حمص وسبقهم ووقف على طريقهم وكمن لهم فلما وصلوا إليه خرج إليهم هو والكمين ووضعوا السيف فيهم فقتل أكثرهم وأسر جماعة من مقدميهم ومن سلم منهم لم يفلت إلا وهو مثخن بالجراح واسترد منهم جميع ما غنموا فرده على أصحابه.
وفيها في ربيع الآخر توفي صدقة بن الحسين الحداد الذي ذيل تاريخ ابن الزغوني ببغداد وفيها في جمادى الأولى توفي محمد بن أحمد بن عبد الجبار الفقيه الحنفي المعروف بالمشطب ببغداد.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق