إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 30 يوليو 2016

394 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير ذكر فتح كوكب



394


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير

ذكر فتح كوكب

لما كان صلاح الدين يحاصر صفد اجتمع من بصور من الفرنج وقالوا‏:‏ إن فتح المسلمون قلعة صفد لم تبق كوكب ولو أنها معلقة بالكوكب وحينئذ ينقطع طمعنا من هذا الطرف من البلاد فاتفق رأيهم على إنفاذ نجدة لها سرًا من رجال وسلاح وغير ذلك فأخرجوا مائتي رجل من شجعان الفرنج وأجلادهم فساروا الليل مستخفين وأقاموا النهار مكمنين‏.‏

فاتفق من قدر الله تعالى أن رجلًا من المسلمين الذين يحاصرون كوكب خرج متصيدًا فلقي رجلًا من تلك النجدة فاستغربه بتلك الأرض فضربه ليعلمه بحاله وما الذي أقدمه إلى هناك فأقر بالحال ودله على أصحابه فعاد الجندي المسلم إلى قايماز النجمي وهو مقدم ذلك العسكر فأعلمه الخبر والفرنجي معه فركب في طائفة من العسكر إلى الموضع الذي قد اختفى فيه الفرنج فكبسهم فأخذهم وتتبعهم في الشعاب والكهوف فلم يفلت منهم أحد فكان معهم مقدمان من فرسان الإسبتار فحملا إلى صلاح الدين وهو على صفد فأحضرهما ليقتلهما وكانت عادته قتل الداوية والإسبتارية لشدة عداوتهم للمسلمين وشجاعتهم فلما أمر بقتلهما قال له أحدهما‏:‏ ما أظن ينالنا سوء وقد نظرنا إلى طلعتك المباركة ووجهك الصبيح‏.‏

وكان رحمه الله كثير العفو يفعل الاعتذار والاستعطاف فيه فيعفو ويصفح فلما سمع كلامهما لم يقتلهما وأمر بهما فسجنا‏.‏

ولما فتح صفد سار عنها إلى كوكب ونازلها وحصرها وأرسل إلى من بها من الفرنج يبذل لهم الأمان إن سلموا ويتهددهم بالقتل والسبي والنهب إن امتنعوا فلم يسمعوا قولهن وأصروا على الامتناع فجد في قتالهم ونصب عليهم المجانيق وتابع رمي الأحجار إليهم وزحف مرة بعد مرة وكانت الأمطار كثيرة لا تنقطع ليلًا ولا نهارًا فلم يتمكن المسلمون من القتال على الوجه الذي يريدوه وطال مقامهم عليها‏.‏

وفي آخر الأمر زحفوا إليها دفعات متناوبة في ويم واحد ووصلوا إلى باشورة القلعة ومعهم النقابون والرماة يحمونهم بالنشاب عن قوس اليد والجروخ فلم يقدر أحد منهم أن يخرج رأسه من أعلى السور فنقبوا الباشورة فسقطت وتقدموا إلى السور الأعلى فلما رأى الفرنج ذلك أذعنوا بالتسليم وطلبوا الأمان فأمنهم وتسلم الحصن منهم منتصف ذي القعدة وسيرهم إلى صور فوصلوا إليها‏.‏

واجتمع بها من شياطين الفرنج وشجعانهم كل صنديد فاشتدت شوكتهم وحميت جمرتهم وتابعوا الرسل إلى من بالأندلس وصقلية وغيرهما من جزائر البحر يستغيثون ويستنجدون والأمداد كل قليل تأتيهم وكان ذلك كله بتفريط صلاح الدين في إطلاق كل من حصره حتى عض بنانه ندمًا وأسفًا حيث لم ينفعه ذلك‏.‏

واجتمع للمسلمين بفتح كوكب وصفد من حد أيلة إلى أقصى أعمال بيروت لا يفصل بينه غير مدينة صور وجميع أعمال أنطاكية سوى القصير ولما ملك صلاح الدين صفد سار إلى البيت المقدس فعيد فيه عيد الأضحى ثم سار منه إلى عكا فأقام بها حتى انسلخت السنة‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق