إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 28 يوليو 2016

304 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير = ثم دخلت سنة خمس وسبعين وخمسمائة


304

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير

= ثم دخلت سنة خمس وسبعين وخمسمائة

== ذكر وفاة المستضئ بأمر الله وخلافة الناصر لدين الله
== ذكر عدة حوادث


ثم دخلت سنة خمس وسبعين وخمسمائة

كان الفرنج قد بنوا حصنًا منيعًا يقارب بانياس عند بيت يعقوب عليه السلام بمكان يعرف بمخاضة الأحزان فلما سمع صلاح الدين بذلك سار من دمشق إلى بانياس وأقام بها وبث الغارات على بلاد الفرنج ثم سار إلى الحصن ليخبره ثم يعود إليه عند اجتماع العساكر فلما نازل الحصن قاتل من به من الفرنج ثم عاد عنه فلما دخلت سنة خمس وسبعين لم يفارق بانياس بل أقام بها وخيله تغير على بلاد العدو‏.‏

وأرسل جماعة من عسكره مع جالبي الميرة فلم تشعر إلا والفرنج مع ملكهم قد خرجوا عليهم فأرسلوا إلى صلاح الدين يعرفونه الخبر فسار في العساكر مجدًا حتى وافاهم في القتال فقاتل الفرنج قتالًا شديدًا وحملوا على المسلمين عدة حملات كادوا يزيلونهم عن مواقفهم ثم أنزل الله نصره على المسلمين وهزم المشركين وقتلت منهم مقتلة كثيرة ونجا ملكهم فريدًا وأسر منهم كثير منهم‏:‏ ابن البيرزان صاحب الرملة ونابلس وهو أعظم الفرنج محلًا بعد الملك وأسروا أيضًا أخا صاحب جبيل وصاحب طبرية ومقدم الداوية ومقدم الاسبارتية وصاحب جنين وغيرهم من مشاهير فرسانهم وطواغيتهم فأما ابن البيرزان فإنه فدى نفسه بمائة ألف وخمسين ألف دينار صورية وإطلاق ألف أسير من المسلمين وكان أكثر العمل في هذا اليوم لعز الدين فرخشاه ابن أخي صلاح الدين وحكي عنه أنه قال‏:‏ ذكرت في تلك الحال بيتي المتنبي وهما‏:‏

ومن هون الدنيا على النفس ساعة وللبيض في هام الكماة صليل فهان الموت في عيني فألقيت نفسي إليه وكان ذلك سبب الظفر ثم عاد صلاح الدين إلى بانياس من موضع المعركة وتجهز للدخول إلى ذلك الحصن ومحاصرته فسار إليه في ربيع الأول وأحاط به وقوى طمعه بالهزيمة المذكورة في فتحه وبث العساكر في بلد الفرنج للإغارة ففعلوا ذلك وجمعوا من الأخشاب والزرجون شيئًا كثيرًا ليجعله متارس للمجانيق فقال له جاولي الأسدي وهو مقدم الأسدية وأكابر الأمراء‏:‏ الرأي أننا نجربهم بالزحف أول مرة ونذوق قتال من به وننظر الحال معهم فإن استضعفناهم وإلا فنصب المجانيقما يفوت‏.‏

فقبل رأيه وأمر فنودي بالزحف إليه والجد في قتاله فزحفوا واشتد القتال وعظم المر فصعد إنسان من العامة بقميص خلق في باشورة الحصن وقاتل على السور لما علاه وتبعه غيره من أضرابه ولحق بهم الجند فملكوا الباشورة فصعد الفرنج حينئذ منها إلى أسوار الحصن ليحموا نفوسهم وحصنهم إلى أن يأتيهم المدد‏.‏

وكان الفرنج قد جمعوا في طبرية فألح المسلمون في قتال الحصن خوفًا من وصول الفرنج وإزاحتهم عنه وأدركهم الليل فأمر صلاح الدين بالمبيت بالباشورة إلى الغد ففعلوا فلما كان الغد أصبحوا وقد نقبوا الحصن وعمقوا النقب وأشعلوا النيران فيه وانتظروا سقوط السور فلم يسقط لعرضه فإنه كان تسعة أذرع بالنجاري يكون الذراع ذراعًا ونصفًا فانتظروه يومين ليسقط فلم يسقط فأمر صلاح الدين بإطفاء النار التي في النقب فحمل الماء والقي عليها فطفئت وعاد النقابون فنقبوا وخرقوا السور وألقوا فيه النار فسقط يوم الخميس لست بقين من ربيع الأول ودخل المسلمون الحصن عنوة واسروا كل من فيه وأطلقوا من كان به من أسارى المسلمين وقتل صلاح الدين كثيرًا من أسرى الفرنج وأدخل الباقين إلى دمشق وأقام صلاح الدين بمكانه حتى هدم الحصن وعفى أثره وألحقه بالأرض وكان قد بذل الفرنج ستين ألف دينار مصرية ليهدموه بغير قتال فلم يفعلوا ظنًا منهم أنه إذا بقي بناؤه تمكنوا به من كثير من بلاد الإسلام وأما الفرنج فاجتمعوا بطبرية ليحموا الحصن فلما أتاهم الخبر بأخذه فت في أعضادهم فتفرقوا إلى بلادهم وأكثر الشعراء فيه فمن ذلك قول صديقنا النشو بن نفاذة رحمه الله‏:‏ هلاك الفرنج أتى عاجلًا وقد آن تكسير صلبانها ولو لم يكن قد دنا حتفها لما عمرت بيت أحزانها وقول علي بن محمد الساعاتي الدمشقي‏:‏ أتسكن أوطان النبيين عصبة تمين لدى أيمانها وهي تحلف نصحتكم والنصح للدين واجب ذروا بيت يعقوب فقد جاء يوسف في هذه السنة كانت الحرب بين عسكر صلاح الدين يوسف بن أيوب ومقدمه ابن أخيه تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب وبين عسكر الملك قلج أرسلان بن مسعود بن قلج أرسلان صاحب بلاد قونية وأقصرا‏.‏

وسببها أن نور الدين محمود بن زنكي بن آقسنقر رحمه الله كان قد أخذ قديمًا من قلج أرسلان حصن رعبان وكان بيد شمس الدين بن المقدم إلى الآن فطمع فيه قلج أرسلان بسبب أن الملك الصالح بحلب بينه وبين صلاح الدين فأرسل إليه من يحصره فاجتمع عليه جمع كثير يقال‏:‏ كانوا عشرين ألفًا فأرسل إليهم صلاح الدين تقي الدين في ألف فارس فواقعهم وقاتلهم وهزمهم وأصلح حال تلك الولاية وعاد إلى صلاح الدين ولم يحضر معه تخريب حصن الأحزان فكان يفتخر ويقول‏:‏ هزمت بألف مقاتل عشرين ألفًا‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق