إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 30 يوليو 2016

371 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير ذكر حيل صلاح الدين إلى صور ومحاصرتها



371


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير

ذكر حيل صلاح الدين إلى صور ومحاصرتها

لما فتح صلاح الدين البيت المقدس أقام بظاهره إلى الخامس والعشرين من شعبان يرتب أمور البلد وأحواله وتقدم بعمل الربط والمدارس فجعل دار الاسبتار مدرسة للشافعية وهي في غاية ما يكون من الحسن فلما فرغ من أمر البلد سار إلى مدينة صور وكانت قد اجتمع فيها من الفرنج عالم كثير وقد صار المركيش صاحبها والحاكم فيها وقد ساسهم أحسن سياسة وبالغ في تحصين البلد ووصل صلاح الدين إلى عكا وأقام بها أيامًا فلما سمع المركيش بوصوله إليها جد في عمل سور صور وخنادقها وتعميقها ووصلها من البحر إلى البحر من الجانب الآخر فصارت المدينة كالجزيرة في وسط الماء لا يمكن الوصول إليها ولا الدنو منها‏.‏

ثم رحل صلاح الدين من عكا فوصل إلى صور تاسع شهر رمضان فنزل على نهر قريب من البلد بحيث يراه حتى اجتمع الناس وتلاحقوا وسار في الثاني والعشرين من رمضان فنزل على تل يقارب سور البلد بحيث يرى القتال وقسم القتال على العسكر كل جمع منهم له وقت معلوم يقاتلون فيه بحيث يتصل القتال على أهل البلد لحفظه وعليه الخنادق التي قد وصلت من البحر إلى البحر فلا يكاد الطير يطير عليها فإن المدينة كالكف في البحر والساعد متصل بالبر والبحر من جانبي الساعد والقتال إنما هو في الساعد فزنف المسلمون مرة بالمجانيق والعرادات والجروخ والدبابات وكان أهل صلاح الدين يتناوبون القتال مثل‏:‏ ولده الأفضل وولده الظاهر وكان للفرنج شوان وحراقات يركبون فيها في البحر ويقفون من جانبي الموضع الذي يقاتل المسلمون منه أهل البلد فيرمون المسلمين من جانبهم بالجوخ ويقاتلونهم‏.‏

وكان ذلك يعظم عليهم لأن أهل البلد يقاتلونهم من بين أيديهم وأصحاب الشواني يقاتلونهم من جانبيهم فكانت سهامهم تنفذ من أحد الجانبين إلى الجانب الآخر لضيق الموضع فكثرت الجراحات في المسلمين والقتل ولم يتمكنوا من الدنو إلى البلد فأرسل صلاح الدين إلى الشواني التي جاءت من مصر وهي عشر قطع وكانت بعكا فأحضرها برجالها ومقاتلتها وعدتها وكانت في البحر تمنع شواني أه صور من الخروج إلى قتال المسلمين فتمكن المسلمون حينئذ من القرب من البلد ومن قتالهن فقاتلوه برًا وبحرًا وضايقوه حتى كادوا يظفرون فجاءت الأقدار بما لم يكن في الحساب وذلك أن خمس قطع من شواني المسلمين باتت في بعض تلك الليالي مقابل ميناء صور ليمنعوا من الخروج منه والدخول إليه فباتوا ليلتهم يحرسون وكان مقدمهم عبد السلام المغربي الموصوف بالحذق في صناعته وشجاعته فلما كان وقت السحر أمنوا فناموا فما شعروا إلا بشواني الفرنج قد نازلتهم وضايقتهم فأوقعت بهم فقتلوا من أرادوا قتله وأخذوا الباقين بمراكبهم وأدخلوهم ميناء صور والمسلمون في البر ينظرون إليهم ورمى جماعة من المسلمين أنفسهم من الشواني في البحر فمنهم من سبح فنجا ومنهم من غريق‏.‏

وتقدم السلطان إلى الشواني الباقية بالمسير إلى بيروت لعدم انتفاعه بها لقلتها فسارت فتبعها شواين الفرنج فحين رأى من في شواني المسلمين الفرنج مجدين في طلبهم ألقوا نفوسهم في شوانيهم إلى البر فنجوا وتركوها فأخذها صلاح الدين ونقضها وعاد إلى مقاتلة صور في البر وكان ذلك قليل الجدوى لضيق المجال‏.‏

وفي بعض الأيام خرج الفرنج فقاتلوا المسلمين من وراء خنادقهم فاشتد القتال بين الفريقين ودام إلى آخر النهار كان خروجهم قبل العصر وأسر مهم فارس كبير مشهور بعد أن كثر القتال والقتل عليه من الفريقين لما سقط فلما أسر قتل وبقوا كذلك عدة أيام‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق