إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 30 يوليو 2016

355 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير ذكر نقل العادل من حلب والملك العزيز إلى مصر



355


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير

ذكر نقل العادل من حلب والملك العزيز إلى مصر

وإخراج الأفضل من مصر إلى دمشق وإقطاعه إياها في هذه السنة أخرج صلاح الدين ولده الأفضل عليًا من مصر إلى دمشق وأقطعها له وأخذ حلب من أخيه العادل وسيره مع ولده العزيز عثمان إلى مصر وجعل نائبًا عنه واستدعي تقي الدين منها‏.‏

وسبب ذلك أنه كان قد استناب تقي الدين بمصر كما ذكرناه وجعل معه ولده الأكبر الأفضل عليًا فأرسل تقي الدين يشكو من الأفضل ويذكر أنه قد عجز عن جباية الخراج معه لأنه كان حليمًا كريمًا إذا أراد تقي الدين معاقبة أحد منعه فأحضر ولده الأفضل وقال لتقي الدين‏:‏ لا تحتج في الخراج وغيره بحجة وتغير عليه بذلك وظن أنه يريد إخراج ولده الأفضل لينفرد بمصر حتى يملكها إذا مات صلاح الدين فلما قوي هذا الخاطر عنده أحضر أخاه العادل من حلب وسيره إلى مصر ومعه ولده العزيز عثمان واستدعى تقي الدين إلى الشام فامتنع من الحضور وجمع الأجناد والعساكر ليسير إلى المغرب إلى مملوكه قراقوش وكان قد استولى على جبال نفوسة وبرقة وغيرها وقد كتب إليه يرغبه في تلك البلاد فتجهز للمسير إليه واستصحب معه فلم سمع ذلك صلاح الدين ساءه وعلم أنه إن أرسل إليه يمنعه لم يجبه فأرسل إليه يقول له‏:‏ أريد أن تحضر عندي لأودعك وأوصيك بما تفعله فلما حضر عنده منعه وزاد في إقطاعه فصار إقطاعه عندي لأودعك وأوصيك بما تفعله فلما حضر عنده منعه وزاد في إقطاعه فصار إقطاعه حماة ومنبج والمعزة وكفر طاب وميافارقين وجبل جور بجميع أعمالها وكان تقي الدين قد سير في مقدمته مملوكه بوزابة فاتصل بقراقوش وكان منهم ما ذكرناه سنة إحدى وثمانين وخمسمائة‏.‏

وقد بلغني من خبير بأحوال صلاح الدين أنه إنما حمله على أخذ حلب من العادل وإعادة تقي الدين إلى الشام أن صلاح الدين لما مرض بحران على ما ذكرناه أرجف بمصر أنه قد مات فجرى من تقي الدين حركات من يريد أن يستبد بالملك فلما عوفي صلاح الدين بلغه ذلك فأرسل الفقيه عيس الهكاري وكان كبير القدر عنده مطاعًا في الجند إلى مصر وأمره بإخراج تقي الدين والمقام بمصر فسار مجدًا فلم يشعر تقي الدين إلا وقد دخل الفقيه عيس إلى داره بالقاهرة وأرسل إليه يأمره بالخروج منا فطلب أن يمهل إلى أن يتجهز فلم يفعلن وقال‏:‏ تقيم خارج المدينة وتتجهز‏.‏

فخرج وأظهر أنه يريد الدخول إلى الغرب فقال له‏:‏ اذهب حيث شئت فلما سمع صلاح الدين الخبر أرسل إليه يطلبه فسار إلى الشام فأحسن إليه ولم يظهر له وأما أخذ حلب من العادل فإن السبب فيه أنه كان من جملة جندها أمير كبير اسمه سليمان بن جندر بينه وبين صلاح الدين صحبة قدية قبل الملك وكان صلاح الدين يعتمد عليه وكان عاقلًا ذا مكر ودهاء فاتفق أن الملك العادل لما كان بحلب مل يفعل معه ما كان يظنه وقدم غيره عليه فتأثر بذلك‏.‏

فلما مرض صلاح الدين وعوفي سار إلى الشام فسايره يومًا سليمان ابن جندر فجرى حديث مرضه فقال له سليمان‏:‏ بأي رأي كنت تظن أنك تمضي إلى الصيد فلا يخالفونك بالله ما تستحي يكون الطائر أهدى منك إلى المصلحة قال‏:‏ وكيف ذلك وهو بضحك قال‏:‏ إذا أراد الطائر أن يعمل عشًا لفراخه قصد أعالي الشجر ليحمي فراخه وأنت سلمت الحصون إلى أهلك وجعلت أولادك على الأرض‏.‏

هذه حلب بيد أخيك وحماه بيد تقي الدين وحصن بيد ابن شيركوه وابنك العزيز مع تقي الدين بمصر يخرجه أي وقت أراد وهذا ابنك الآخر مع أخيك في خيمه يفعل به ما أراد‏.‏

فقال له‏:‏ صدقت واكتم هذا الأمر ثم أخذ حلب من أخيه وأخرج تقي الدين من مصر ثم أعطى أخاه العادل حران والرها وميافارقين ليخرجه من الشام ومصر لتبقى لأولاده فلم ينفعه ما فعل لما أراد الله تعالى نقل الملك عن أولاده على ما نذكر‏.‏

في هذه السنة في أولها توفي البهلوان محمد بن إيلدكز صاحب بلد الجبل والري وأصفهان وأذربيجان وأرانية وغيرها من البلاد وكان عادلًا حسن السيرة عاقلًا حليمًا ذا سياسة حسنة للملك وكانت تلك البلاد في أيامه آمنة والرعايا مطمئنة فلما مات جرى بأصفهان بين الشافعية والحنفية من الحروب والقتل والإحراق والنهب ما يجل عن الوصف وكان قاضي البلد رأس الحنفية وابن الخجندي رأس الشافعية وكان بمدينة الري أيضًا فتنة عظيمة بني السنة والشيعة وتفرق أهلها وقتل منهم وخربت المدينة وغيرها من البلاد‏.‏

ولما مات البهلوان ملك أخوه قزل أرسلان واسمه عثمان وكان السلطان طغرل بن أرسلان بن طغرل بن محمد بن ملكشاه مع البهلوان والخطبة له في البلاد بالسلطنة وليس له من الأمر شيء وإنما البلاد والأمراء والأموال بحكم البهلوان فلما مات البهلوان خرج طغرل عن حكم قزل ولحق به جماعة من الأمراء والجند فاستولى على بعض البلاد وجرت بينه وبين قزل حروب نذكرها إن شاء الله تعالى‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق