296
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير
ذكر قتل كمشتكين وحصر الفرنج حارم
في هذه السنة قبض الملك الصالح بن نور الدين على سعد الدين كمشتكين وكان المتولي لمر دولته والحاكم فيها وسبب قبضه انه كان بحلب إنسان من أعيان أهلها يقال له أبو صالح بن العجمي وكان مقدمًا عند نور الدين محمد فلما مات نور الدين تقدم أيضًا في دولة ولده الملك الصالح وصار بمنزلة الوزير الكبير المتمكن لكثرة اتباعه بحلب ولأن كل من كان يحسد كمشتكين انضم إلى صالح وقووا جنانه وكثروا سواده وكان عنده إقدام وجرأة فصار واحد الدولة بحلب ومن يصدر الجماعة عن رأيه وبأمره.
فبينما هو في بعض الأيام بالجامع وثب به الباطنية فقتلوه ومضى شهيدًا وتمكن بعده سعد الدين وقوي حاله فلما قتل أحال الجماعة قتله على سعد الدين وقالوا: هو وضع الباطنية عليه حتى قتلوه وذكروا ذلك للملك الصالح ونسبوه إلى العجز وانه ليس له حكم وأن سعد الدين قد تحكم عليه واحتقره واستصغره وقتل وزيره ولم يزالوا به حتى قبض عليه.
وكانت قلعة حارم لسعد الدين قد اقطعه إياها الملك الصالح فامتنع من بها بعد قبضه وتحصنوا بها فسير سعد الدين غليها تحت الاستظهار ليأمر أصحابه بتسليمها إلى الملك الصالح فأمرهم بذلك فامتنعوا فعذب كمشتكين وأصحابه لا يرونه ولا يرحمونه فمات في العذاب وأصر أصحابه على الامتناع والعصيان.
فلما رأى الفرنج ذلك ساروا إلى حارم من حماة في جمادى الأولى على ما نذكره ظنًا منهم أنهم لا ناصر لهم وان الملك الصالح صبي قليل العسكر وصلاح الدين بمصر فاغنموا هذه الفرصة ونازلوها وأطالوا المقام عليها مدة أربعة أشهر ونصبوا عليها المجانيق والسلالم فلم يزالوا كذلك إلى أن بذل لهم الملك الصالح مالًا وقال لهم: إن صلاح الدين واصل إلى الشام وربما أسلم القلعة ومن بها إليه فأجابوه حينئذ إلى الرحيل عنها فلما رحلوا عنها سير إليها الملك الصالح جيشًا فحصروها وقد بلغ الجهد منهم بحصار الفرنج وصاروا أنهم طلائع وكان قد قتل من أهلها وجرح الكثير فسلموا القلعة إلى الملك الصالح فاستناب بها مملوكًا كان لأبيه اسمه سرخك.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق