441
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الرابع
ذكر الحرب بين الموفق والصفار
في هذه السنة في المحرم سار الصفار من فارس إلى الأهواز فلما بلغ المعتمد إقباله أرسل إليه إسماعيل بن إسحاق وبفراج وأطلق من كان في حبسه من أصحاب يعقوب فإنه كان حبسهم لما أخذ يعقوب محمد بن طاهر بن الحسين.
عاد إسماعيل برسالة من عند يعقوب فجلس أبوأحمد ببغداد وكان قد أخر مسيره إلى الزنج لما بلغه من خبر يعقوب وأحضر التجار وأخبرهم بتولية يعقوب خراسان وجرجان وطبرستان والري وفارس والشرطة ببغداد وكان بمحضر من درهم صاحب يعقوب كان يعقوب قد أرسله يطلب لنفسه ما ذكرنا وأعاده أبوأحمد إلى يعقوب ومعه عمر بن سيما بما أضيف إليه من الولايات.
فعاد الرسل من عند يعقوب يقولون: إنه لا يرضيه ما كتب به دون أن يسير إلى باب المعتمد!
وارتحل يعقوب من عسكر مكرم وسار إليه أبوالساج وصار معه فأكرمه وأحسن إليه ووصله.
فلما سمع المعتمد رسالة يعقوب خرج من سامرا ف عساكره وسار إلى بغداد ثم إلى الزعفرانية فنزلها وقدم أخاه الموفق وسار يعقوب من عسكر مكرم إلى واسط فدخلها لست بقين من جمادى الآخرة وارتحل المعتمد من الزعفرانية إلى سبب بني كوما فوافاه هناك مسرور البلخي عائدًا من الوجه الذي كان فيه سار يعقوب من واسط إلى دير العاقول وسير المعتمد أخاه الموفق في العساكر لمحاربة يعقوب فجعل الموفق على ميمنته موسى بن بغا وعلى ميسرته مسرورًا البلخي وقام هوفي القلب.
والتقيا فحملت ميسرة يعقوب على ميمنة الموفق فهزمتها وقتلت منها جماعة من قوادهم منهم إبراهيم بن سيما وغيره ثم تراجع المنهزمون وكشف أبوأحمد الموفق رأسه وقال: أنا الغلام الهاشمي! وحمل وحمل معه سائر عسكره على عسكر يعقوب قثبتوا وتحاربوا حربًا شديدة وقتل من أصحاب يعقوب جماعة منهم الحسن الدرهمي وأصابت يعقوب ثلاثة أسهم في حلقه ويديه ولم تزل الحرب إلى آخر وقت العصر ثم وافى با أحمد الموفق الديراني ومحمد بن أوس فاجتمع جميع من بقي في عسكره وقد ظهر من أصحاب يعقوب كراهة للقتال معه إذ رأوا الخليفة يقاتله فحملوا على يعقوب ومن قد ثبت معه للقتال فانهزم أصحاب يعقوب وثبت يعقوب في خاصة أصحابه حتى مضوا وفارقوا موضع الحرب وتبعهم أصحاب الموفق فغمنوا ما في عسكرهم وكان فيه من الدواب والبغال أكثر من عشرة آلاف ومن الأموال ما يكل عن حمله ومن حرب المسك أمر عظيم وتخلص محمد بن طاهر وكان مثقلًا بالحديد وخلع عليه الموفق وولاه الشرطة ببغداد بعد ذلك.
وسار يعقوب من الهزيمة إلى خوزستان فنزل جند يسابور وراسله العلوي البصري يحثه على الرجوع إلى بغداد ويعده الاسعدة فقال لكاتبه: اكتب إليه: «قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون» «الكافرون: 2» . السورة وسير الكتاب إليه.
وكانت الوقعة لإحدى عشرة خلت من رجب وكتب المعتمد إلى ابن واصل بتوليته فارس وكان قد سار إليها وجمع جماعة فغلب عليها فسير إليه يعقوب عسكرًا عظيمًا عليهم ابن عزيز ين السري إلى فارس واستولى عليها ورجع المعتمد إلى سامرا.
وأما أبوأحمد الموفق فإنه سار إلى واسط ليتبع الصفار وأمر أصحابه بالتجهز لذلك فأصابه مرض فعاد إلى بغداد ومعه مسرور وقبض ما لأبي الساج من الضياع والمنازل وأقطعها مسرورًا البلخي وقدم محمد بن طاهر بغداد.
وفيها نفذ قائد الزنج جيوشه إلى ناحية البطيحة ودست ميسان.
وكان سبب ذلك أن تلك النواحي لما خلت من العساكر السلطانية بسبب عود مسرور لحرب يعقوب بث الزنج سارياه فيها تنهب وتخرب.
وأتته الأخبار بخلو البطيحة من جند السلطان فأمر سليمان بن جامع وجماعة من أصحابه بالمسير إلى الحوانيت وسليمان بن موسى بالمسير إلى القادسية.
وقدم ابن التركي في ثالثين شذاة يريد عسكر الزنج فنهب وأحرق فكتب الخبيث إلى سليمان بن موسى يأمره بمنعه من العبور فأخذ سليمان عليه الطريق فقاتلهم شهرًا حتى تخلص وانحاز إلى سليمان بن جامع من مذكوري البلالية وأنجادهم جمع كثير في خمسين ومائة سميرية وكان مسرور قد وجه قبل مسيره عن واسط إلى المعتمد جماعة من أصحابه إلى سليمان في شذوات فظفر بهم سليمان وهزمهم وأخذ منهم سبع شذوات وقتل من اسر منهم.
وأشار الباهليون على سليمان أن يتحصن في عقر ما وراء طهثا والأدغال التي فيها وكرهوا خروجه عنهم لموافقته في فعله وخافوا السلطان فسار إليه فنزل بقرية مروان بالجانب الشرقي من نهر طهثأن وجمع إليه رؤساء الباهليين وكتب إلى الخبيث يعلمه بما صنع فكتب إليه يصوب رأيه ويأمره بإنفاذ ما عنده ممنيرة ونعم فأنفذ ذلك إليه.
وورد على سليمان أن أغرتمش وحشيشًا قد أقبلا في الخيل والرجال والسميريات والذأن يريدون حربه فجزع جزعًا شديدًا فلما أشرفوا عليه ورآهم أخذ جمعًا من أصحابه وسار راجلأن واستدبر أغرتمش وجد أغرتمش في المسير إلى عسكر سليمان وكان سليمان قد أمر الذي استخلفه من جيشه أن لا يظهر منهم أحد لأصحاب أغرتمش وأن يخفوا أنفسهم ما قدروا إلى أن يسمعوا أصوات طبولهم فإذا سمعوها خرجوا عليه.
وأقبل أغرتمش إليهم فجزع أصحاب سليمان جزعًا عظيما فتفرقوا ونهضت شرذمة منهم فواقعوهم وشغلوهم عن دخول العسكر وعاد سليمان من خلفهم وضرب طبوله وألقوأنفسهم في الماء للعبور إليهم فانهزم أغرتمش وظهر من كان من السودان بطهثا ووضعوا السيوف فيهم وقتل حشيش وانهزم أغرتمش وتبعه الزنوج إلى عسكره فنالوا حاجاتهم منه واخذوا منهم شذوات فيها مال وغيره فعاد أغرتمش فانتزعها من أيديهم فعاد سليمان وقد ظفر وغمن وكتب إلى صاحب الزنج بالخبر وسير إليه رأس حشيش فسيره إلى علي بن أبان وهوبنواحي الأهواز وسير سليمان سرية فظفروا بإحدى عشرة شذاة وقتلوا أصحابها.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق