494
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الرابع
ذكر وقعة الطواحين
وفي هذه السنة كانت وقعة الطواحين بين أبي العباس المعتضد وبين خماريه ابن أحمد بن طولون.
وسبب ذلك أن المعتضد سار من دمشق بعد أن ملكها نحوالرملة إلى عساكر خمارويه فأتاه الخبر بوصول خمارويه إلى عساكره وكثرة من معه من الجموع فهم بالعود فلم يمكنه من معه من أصحاب خمارويه الذين صاروا معه وكان المعتضد قد أوحش ابن كنداجيق وابن أبي الساج ونسبهما إلى الجبن حيث انتظراه ليصل إليهما ففسدت نياتهما معه.
ولما وصل خمارويه إلى الرملة نزل على الماء الذي عليه الطواحين فملكه فنسبت الوقعة إليه ووصل المعتضد وقد عبأ أصحابه وكذلك أيضًا فعل خمارويه وجعل له كمينًا عليهم سعيدًا الأيسر وحملت ميسرة المعتضد على ميمنة خمارويه فانهزمت فلما رأى ذلك خمارويه ولم يكن رأى مصافًا قبله ولى منهزمًا في نفر من الأحداث الذين لا علم لهم بالحرب ولم يقف دون مصر.
ونزل المعتضد إلى خيام خمارويه وهولا يشك في تمام النصر فخرج الذين عليهم سعيد الأيسر وانضاف إليه من بقي من جيش خمارويه ونادوا بشعارهم وحملوا على عسكر المعتضد وهم مشغولون بنهب السواد ووضع المصريون السيف فيهم وظن المعتضد أن خمارويه قد عاد فركب فانهزم ولم يلوعلى شيء فوصل إلى دمشق ولم يفتح له أهلها بابها فمضى منهزمًا حتى بلغ طرسوس وبقي العسكران يضطربان بالسيوف وليس لواحد منهما أمير.
وطلب سعيد الأيسر خمارويه فلم يجده فأقام أخاه أبا العشائر وتمت الهزيمة على العراقيين وقتل منهم خلق كثير وأسر كثير.
وقال سعيد لعساكر: إن هذا أخوصاحبكم وهذه الأموال تنفق فيكم ووضع العطاء فاشتغل الجند عن الشغب بالأموال وسيرت البشارة إلى مصر ففرح خمارويه بالظفر وخجل للهزيمة غير أنه أكثر الصدقة وفعل مع الأسرى فعلة لم يسبق إلى مثلها أحد قبله فقال لأصحابه: إن هؤلاء أضيافكم فأكرموهم ثم أحضرهم بعد ذلك وقال لهم: من اختار المقام عندي فله الإكرام والمواساة ومن أراد الرجوع جهزناه وسيرناه فمنهم من قام ومنهم من سار مكرمًا وعادت عساكر خمارويه إلى الشام أجمع فاستقر ملك خمارويه له.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق