إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 26 مايو 2016

480 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الرابع ذكر انتقال صاحب الزنج إلى الجانب الشرقي وإحراق سوقه


480

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الرابع

ذكر انتقال صاحب الزنج إلى الجانب الشرقي وإحراق سوقه

لما أحرقت دوره ومساكن أصحابه ونهبت أموالهم وانتقوا إلى الجانب الشرقي من نهر أبي الخصيب وجمع عياله حوله ونقل أسواقه إليه فضعف أمره بذلك ضعفًا شديدًا ظهر للناس فامتنعوا من جلب الميرة إليه فانقطعت عنه كل مادة وبلغ الرطل من خبز البر عشرة دراهم فأكلوا الشعير وأصناف الحبوب‏.‏

ثم لم يزل الأمر بهم إلى أن كان أحدهم يأكل صاحبه إذا انفرد به والقوي يأكل الضعيف ثم أكلوا أولادهم‏.‏

ورأى الموفق أن يخرب الجانب الشرقي كما اخرب الغربي فأمر أصحابه بقصد دار الهمداني ومعهم الفعلة وكان هذا الوضع محصنًا بجمع كثير وعليه عرادات ومنجنيقات وقسي فاشتبكت الحرب وكثرت القتلى فانتصر أصحاب الموفق عليهم وقتلوهم وهزموهم وانتهوا

إلى الدار فتعذر عليهم الصعود إليها لعلوسورهأن فلم تبلغه السلاليم الطوال فرمى بعض غلمان الموفق بكلاليب كانت معهم فعلقوها في أعلام الخبيث وجذبوهأن فتساقطت الأعلام منكوسة فلم يشك المقاتلة عن الدار في أن أصحاب الموفق قد ملكوها فانهزموا لا يلوي أحد منهم على صاحبه فأخذها أصحاب الموفق وصعد النفاطون وأحرقوها وأم كان عليها من المجانيق والعرادات ونهبوا ما كان فيها من المتاع والأثاث وأحرقوا ما كان حولها من الدور واستنقذوا ما كان فيها من النساء وكن عالمًا كثيرًا من المسلمات فحملن إلى الموفقية وأمر الموفق بالإحسان إليهن‏.‏

واستأمن يومئذ من أصحاب الخبيث وخاصته الذين يلون خدمته جماعة كثيرة فأمنهم الموفق وأحسن إليهم ودلت جماعة من المستأمنة الموفق على سوق عظيمة كانت للخبيث متصلة بالجسر الأول تسمى المباركة وأعلموه إن أحرقها لم يبق لهم سوى غيرها وخرج عنهم تجارهم الذين كان بهم قوامهم فعزم الموفق على إحراقها وأمر أصحابه بقصد السوق من جانبيها فقصدوها وأقبلت الزنج إليهم فتحاربوا أشد حرب تكون واتصلت أصحاب الموفق إلى طرف من أطراف السوق وألقوا فيه النار فاحترق واتصلت النار‏.‏

وكان الناس يقتتلون والنار محيطة بهم واتصلت النار بظلال السوق فاحترقت وسقطت على المقاتلة واحترق بعضهم فكانت هذه حالهم إلى مغيب الشمس ثم تحاجزوا ورجع أصحاب الموفق إلى عسكرهم وانتقل تجار السوق إلى أعلى المدينة وكانوا قد نقلوا معظم أمتعتهم وأموالهم من هذه السوق خوفًا من مثل هذه‏.‏

ثم إن الخبيث فعل بالجانب الشرقي من حفر الخنادق وتغوير الطرق مثل ما كان فعل بالجانب الغربي بعد هذه الرقعة واحتفر خندقًا عريضًا حصن به منازل أصحابه التي على النهر الغربي فرأى الموفق أن يخرب باقي السور إلى النهر الغربي فعل ذلك بعد حرب طويلة في مدة بعيدة‏.‏

وكان للخبيث في الجانب الغربي جمع من الزنج قد تحصنوا بالسور وهومنيع وهم أشجع أصحابه فكانوا يحامون عنه وكانوا يخرجون على أصحاب الموفق عند محاربتهم على حرى كور وما يليه‏.‏

وأمر الموفق أن يقصد هذا الموضع ويخرب سوره ويخرج من فيه فأمر أبا العباس والقواد بالتأهب لذلك وتقدم إليهم وأمر بالشذا أن تقرب من السور ونشبت الحرب ودامت إلى بعد الظهر وهدم مواضع وأحرق ما كان عليه من العرادات وتحاجز الفريقان وهما على السواء سوى هدم السور وإحراق عرادات كانت عليه فنال الفريقين من الجراح أمر عظيم‏.‏

وعاد الموفق فوصل أهل البلاد والمجروحين على قدر بلائهم وهكذا كان عمله ف محاربته وأقام الموفق بعد هذه الوقعة أياما ثم رأى معاودة هذا الموضع لما رأى من صحانته وشجاعة من فيه وأنه لا يقدر على ما بينه وبين حرى كور إلا بعد إزالة هؤلاء فأعد الآلات ورتب أصحابه وقصده وقاتل من فيه وأدخلت الشذوات النهر واشتدت الحرب ودامت‏.‏

وأمد الخبيث أصحابه بالمهلبي وسليمان بن جامع في جيشهما فحملوا على أصحاب الموفق حتى ألحقوهم بسفنهم وقتلوا منهم جماعة فرجع الموفق ولم يبلغ منهم ما أراد وتبين له أنه كان ينبغي أن يقاتلهم من عدة وجوه لتخف وطأتهم على من يقصد هذا الموضع ففعل ذلك وفرق أصحابه على جهات أصحاب الخبيث وسار هوإلى جهة النهر الغربي وقاتل من فيه‏.‏

وطمع الزنج بما تقدم من تلك الوقعة فصدقهم أصحاب الموفق القتال فهزموهم فولوا منهزمين وتركوا حصنهم في أيدي أصحاب الموفق فهدموه وغمنوا ما فيه وأسروا وقتلوا خلقًا لا يحصى وخلصوا من هذا الحصن خلقًا كثيرًا من النساء والصبيان ورجع الموفق إلى عسكره بما أراد‏.‏


يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق