إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 28 مايو 2016

544 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الرابع ذكر انهزام هارون الخارجي من عسكر الموصل


544

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الرابع

ذكر انهزام هارون الخارجي من عسكر الموصل

كان المعتضد بالله قد خلف بالموصل نصرًا القشوري يجبي الأموال ويعين العمال على جبايتها فخرج عامل معلثايا إليها ومعه جماعة من أصحاب نصر فوقع عليهم طائفة من الخوارج فاقتتلوا إلى أن أدركهم الليل وفرق بينهم وقتل من الخوارج إنسان اسمه جعفر وهومن أعيان أصحاب هارون فعظم عليه قتله وأمر أصحابه بالإفساد في البلاد‏.‏

فكتب نصر القشوري إلى هارون الخارجي كتابًا يتهدده بقرب الخليفة وأنه إن هم به أهلكه وأهلك أصحابه وأنه لا يغتر بمن سار إلى حربه فعاد عنه بمكر وخديعة فكتب إليه هارون كتابًا منه‏:‏ أما ما ذكرت ممن أراد قصدي ورجع عني فإنهم لما رأوا جدنا واجتهادنا كانوا بإذن الله فراشًا متتابعا وقصبًا أجوف ومن صبر لنا منهم ما زاد على الاستتار بالحيطان ونحن على فرسخ منهم وما غرك إلا ما أصبت به صاحبنا فظننت أن دمه مطلول أو أن وتره متروك لك كلا إن الله تعالى من ورائك وآخذ بناصيتك ومعين على إدراك الحق منك ولم تعيرنا بغيرك وتدع أن يكون ذلك إبداء صفحتك وإظهار عداوتك وإنا كما قيل‏:‏ فلا توعدونا باللقاء وأبرزوا إلينا سوادًا نلقه بسواد ولعمر الله ما ندعوإلى البراز ثقة بأنفسنا ولا عن ظن أن الحول والقوة لنا لكن ثقة بربنا واعتمادًا على جميل عوائده عندنا‏.‏

وأما ما ذكرت من أمر سلطانك فإن سلطانك لا يزال منا قريبا وبحالنا عالما فلا قدم أجلًا ولا أخره ولا بسط رزقًا ولا قبضه قد بعثنا على مقابلتك وستعلم عن قريب إن شاء الله تعالى‏.‏

فعرض نصر كتاب هارون على المعتضد فجد في قصده وولى الحسن بن علي كورة الموصل

وأمره بقصد الخوارج وأمر مقدمي الولايات والأعمال كافة بطاعته فجمعهم وسار إلى أعمال الموصل وخندق على نفسه وأقام إلى أن رفع الناس غلاتهم ثم سار إلى الخوارج وعبر الزاب إليهم فلقيهم قريبًا من المغلة وتصافوا للحرب فاقتلوا قتالًا شديدا وانكشف الخوارج عنه ليفرقوا جمعيته ثم يعطفوا عليه فأمر الحسن أصحابه بلزوم مواقفهم ففعلوا فرجع الخوارج وحملوا عليهم سبع عشرة حملة فانكشفت ميمنة الحسن وقتل من أصحابه وثبت هو فحمل الخوارج عليه حملة رجل واحد فثبت لهم وضرب على رأسه عدة ضربات فلم تؤثر فيه‏.‏

فلما رأى أصحابه ثباته تراجعوا إليه وصبروا فانهزم الخوارج أقبح هزيمة وقتل منهم خلق كثير وفارقوا موضع المعركة ودخلوا أذربيجان‏.‏

وأما هارون فإنه تحير في أمره وقصد البرية ونزل عند بني تغلب ثم عاد إلى معلثايا ثم عاد إلى البرية ثم رجع عبر دجلة إلى حزة وعاد إلى البرية‏.‏

وأما وجوه أصحابه فإنهم لما رأوا إقبال دولة المعتضد وقوته وما لحقهم في هذه الوقعة راسلوا المعتضد يطلبون الأمان فأمنهم فأتاه كثير منهم يبلغون ثلاثمائة وستين رجلا وبقي معه بعضهم يجول بهم في البلاد إلى أن قتل سنة ثلاث وثمانين على ما نذكره‏.‏

في هذه السنة في ربيع الأول قبض على تكتمر بن طاشتمر وقيد وأخذ ماله وكان أميرًا على الموصل واستعمل بعده عليها الحسن بن علي الخراساني ويعرف بكورة‏.‏

وفيها قدم ابن الجصاص بابنة خمارويه زوجة المعتضد ومعها أحد عمومتها وكان المعتضد بالموصل‏.‏

وفيها عاد المعتضد إلى بغداد وزفت إليه ابنة خمارويه في ربيع الآخر‏.‏

وفيها سار المعتضد إلى الجبل فبلغ الكرج وأخذ أموالًا لابن أبي دلف وكتب إلى عمروبن عبد العزيز يطلب منه جوهرًا كان عنده فوجه به إليه وتنحى من بين يديه‏.‏

وفيها أطلق لؤلؤ غلام ابن طولون وحمل على دواب وبغال‏.‏

وفيها وجه يوسف بن أبي الساج إلى الصيمرة مددًا لفتح القلانسي غلام الموفق فهرب يوسف فيمن أطاعه إلى أخيه محمد بمراغة ولقي مالًا للمعتضد فأخذه فقال في ذلك عبيد الله بن عبد الله بن طاهر‏:‏ إمام الهدى أنصاركم آل طاهر بلا سبب تخفون والدهر يذهب وقد خلطوا شكرًا بصبر ورابطوا وغيرهم يعطي ويجبي ويهرب وفيها وجه المعتضد وزيره عبيد الله بن سليمان إلى ابنه الري وعاد منها‏.‏

وفيها وجه محمد بن زيد العلوي من طبرستان إلى محمد بن ورد العطار باثنين وثلاثين ألف دينار ليفرقها على أهل بيته ببغداد والكوفة والمدينة فسعي به إلى المعتضد فأحضر محمد عنه بدر وسئل عن ذلك فأقر أنه يوجه إليه كل سنة مثل ذلك ففرقه وأنهى بدر إلى المعتضد ذلك فقال له المعتضد‏:‏ أما تذكر الرؤيا التي خبرتك بها قال‏:‏ لا يا أمير المؤمنين قال‏:‏ رأيت في النوم كأني أريد ناحية انهروان وأنا في جيشي إذ مررت برجل واقف على تل يصلي ولا يلتفت إلي فعجبت فلما فرغ من صلاته قال لي‏:‏ أقبل قأقبلت إليه فقال لي‏:‏ أتعرفني قلت‏:‏ لا‏!‏ قال‏:‏ أنا علي بن أبي طالب خذ هذه فاضرب بها الأرض بمسحاة بين يديه فأخذتها فضربت بها ضربات فقال لي‏:‏ إنه سيلي من ولدك هذا الأمر بعدد الضربات فأوصهم بولدي خيرًا‏.‏

وأمر بدرًا بإطلاق المال والرجل وأمره أن يكتب إلى صاحبه بطبرستان أن يوجه ما يريد ظاهرا وأن يفرق ما يأتيه ظاهرا وتقدم بمعونته على ذلك‏.‏

وفيها توفي أبوطلحة منصور ين مسلم في حبس المعتضد‏.‏

وفيها ولدت جارية اسمها شغب للمعتضد ولدًا سماه جعفرا وهوالمقتدر‏.‏

وفيها قتل خمارويه بن احمد بن طولون ذبحه بعض خدمه على فراشه في ذي الحجة بدمشق

وكان سبب قتله أنه سعى إليه بعض الناس وقال له إن جواري داره قد اتخذت كل واحدة منهم خصيا من خصيان داره لها كالزوج وقال‏:‏ إن شئت أن تعلم صحة ذلك فأحضر بعض الجواري فاضربها وقررها حتى تعلم صحة ذلك‏.‏

فبعث من وقته إلى نائبه بمصر يأمره بإحضار عدة من الجواري ليعلم الحال منهن فاجتمع جماعة من الخدم قرروا بينهم الاتفاق على قتله خوفًا من ظهور ما قيل له وكانوا خاصته فذبحوه ليلًا وهربوا‏.‏

فلما قتل اجتمع القواد وأجلسوا ابنه جيش بن خمارويه في الإمارة وكان معه بدمشق وهوأكبر ولده فبايعوه ففرقت فيهم الأموال وكان صبيًا غرًا‏.‏

وفيها توفي عثمان بن سعيد بن خالد أبوسعيد الداري الفقيه الشافعي أخذ الفقه عن البويطي صاحب الشافعي والأجرب عن ابن الأعرابي‏.‏وفيها توفي أبوحنيفة أحمد بن داود الدينوري اللغوي صاحب كتاب النبات وغيره‏.‏

وفيها توفي الحارث بن أبي أسامة وله مسند يروى غالبًا في زماننا هذا وأبوالعيناء محمد بن القاسم وكان يروي عن الأصمعي‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق