إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 28 مايو 2016

522 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الرابع ذكر البيعة للمعتضد بولاية العهد


522

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الرابع

ذكر البيعة للمعتضد بولاية العهد

لما مات الموفق اجتمع القواد وبايعوا ابنه أبا العباس بولاية العهد بعد المفوض ابن المعتمد ولقب المعتضد بالله وخطب له يوم الجمعة بعد المفوض وذلك لسبع ليال بقين من صفر واجتمع عليه أصحاب أبيه وتولى ما كان أبوه يتولاه‏.‏

وفيها قبض المعتمد على أبي الصقر وأصحابه وانتهب منازلهم وطلب بني الفرات فاختفوا وخلع على عبيد اله بن سليمان بن وهب وولاه الوزارة وسير محمد بن أبي الساج إلى واسط ليرد غلامه وصيفًا إلى بغداد فمضى وصيف إلى السوس فعاث بها ونهب الطيب وأبى الرجوع إلى بغداد‏.‏

وفيها قتل علي بن الليث أخوالصفار قتله رافع بن هرثمة وكان قد يحنق به وترك أخاه‏.‏

وفيها غار ماء النيل فغلت الأسعار بمصر‏.‏

وفيها تحرك بسواد الكوفة قوم يعرفون بالقرامطة وكان ابتداء أمرهم فيما ذكرا رجلًا منهم قدم من ناحية خوزستان إلى سواد الكوفة فكان بموضع يقال له النهرين يظهر الزهد والتقشف ويسف الخوص ويأكل من كسب يده ويكثر الصلاة فأقام على ذلك مدة فكان إذا قعد إليه رجل ذاكره أمر الدين وزهده في الدنيا وأعلمه أن الصلاة المفروضة على الناس خمسون صلاة في كل يوم وليلة حتى فشا ذلك عنه بموضعه ثم أعلمهم أنه يدعوإلى إمام من آل بيت الرسول فلم يزل على ذلك حتى استجاب له جمع كثير‏.‏

وأن يقعد إلى بقال هناك‏:‏ فجاء قوم إلى البقال يطلبون منه رجلًا يحفظ عليهم ما صرموا من نخلهم فدلهم عليه وقال لهم‏:‏ إن أجابكم إلى حفظ تمركم فإنه بحيث تحبون فكلموه في ذلك فأجابهم على أجرة معلومة فكان يحفظ لهم ويصلي اكثر نهاره ويصوم ويأخذ عند إفطاره من البقال رطل تمر فيفطر عليه ويجمع نوى ذلك التمر ويعطيه البقال فلما حمل التجار تمرهم حاسبوا أجيرهم عند البقال ودفعوا إليه أجرته وحاسب الأجير البقال على ما أخذ منه من التمر وحط ثمن النوى فسمع أصحاب التمر محاسبته لبقال بثمن النوى فضربوه وقالوا له‏:‏ ألم ترض بأكل تمرنا حتى بعت النوى فقال لهم البقال‏:‏ لا تفعلوا‏!‏ وقص عليهم القصة فندموا على ضربه واستحلوا منه ففعل وازداد بذلك عند أهل القرية لما وقفوا عليه من زهده‏.‏

ثم مرض فمكث على الطريق مطروحا وكان في القرية رجل أحمر العينين يحمل على أثوار له يسمونه كرميته لحمرة عينيه وهوبالنبطية أحمر العين فكلم البقال الكرميتة في حمل المريض إلى منزله والعناية به ففعل وأقام عنده حتى برا ودعا أهل تلك الناحية إلى مذهبه فأجابوه وكان يأخذ من الرجل إذا أجابه دينارا ويزعم أنه للإمام واتخذ منهم اثني عشر نقيبًا أمرهم أن يدعوا الناس إلى مذهبهم وقال‏:‏ أنتم كحواريي عيسى بن مريم‏.‏

فاشتغل أهل كور تلك الناحية عن أعمالهم بما رسم لهم من الصلوات‏.‏

وكان للهيصم في تلك الناحية ضياع فرأى تقصير الأكرة في عمارتها فسأل عن ذلك فأخبر بخبر الرجل فأخذه وحبسه وحلف أن يقتله لما اطلع على مذهبه وأغلق باب البيت عليه وجعل مفتاح البيت تحت وسادته واشتغل بالشرب فسمع بعض من في الدار من الجواري بحبسه فرقت للرجل فلما نسام الهيصم أخذت المفتاح وقتحت الباب وأخرجته ثم أعادت المفتاح إلى مكانه فلما أصبح الهيصم فتح الباب ليقتله فلم يجده‏.‏

وشاع ذلك في الناس فافتتن أهل تلك الناحية وقالوا‏:‏ رفع ثم ظهر في ناحية أخرى ولقي جماعة من أصحابه وغيرهم وسألوه عن قصته فقال‏:‏ لا يمكن أحدًا أن ينالني بسوء‏!‏ فعظم في أعينهم ثم خاف على نفسه فخرج إلى ناحية الشام فلم يوقف له على خبر وسمي باسم الرجل الذي كان في داره كرميتة صاحب الأنوار ثم خفف فقيل قرمط هكذا ذكره بعض

وقيل إن قرمط لقب رجل كان بسواد الكوفة يحمل غلة السواد على أثوار له واسمه حمدان ثم فشا مذهب القرامطة بسواد الكوفة ووقف الطائي أحمد بن محمد على أمرهم فجعل على الرجل منهم في السنة دينارا فقدم قوم من الكوفة فرفعوا أمر القرامطة والطائي إلى السلطان وأخبروه أنهم قد أحدثوا دينًا غير دين الإسلام وأنهم يرون السيف على أمة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا من بايعهم فلم يلتفت إليهم ولم يسمع قولهم‏.‏

وكان فيما حكي عن القرامطة من مذهبهم أنهم جاؤوا بكتاب فيه‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏!‏ يقول الفرج بن عثمان وهومن قرية يقال لها نصرانة داعية المسيح وهوعيسى وهوالكلمة وهوالمهدي وهو أحمد بن محمد بن الحنيفة وهوجبريل وذكرا المسيح تصور له في جسم إنسان وقال له‏:‏ إنك الداعية وإنك الحجة وإنك الناقة وإنك الدابة وإنك يحيى بن زكرياء وإنك روح القدس‏.‏

وعرفه أن الصلاة أربع ركعات‏:‏ ركعتان قبل طلوع الشمس وركعتان بعد غروبها وأن الأذان في كل صلاة أن يقول المؤذن‏:‏ الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله مرتين أشهد أن آدم رسول الله أشهد أن نوحًا رسول الله أشهد أن إبراهيم رسول الله أشهد أن موسى رسول الله أشهد أن عيسى رسول الله أشهد أن محمدًا رسول الله أشهد أن أحمد ابن محمد بن الحنيفة رسول اله وأن يقرا في كل ركعة الاستفتاح وهي من المنزل على أحمد بن محمد بن الحنيفة والقبلة إلى بيت المقدس والحج إلى بيت المقدس وأن الجمعة يوم الاثنين لا يعمل فيه شيء والسورة‏:‏ الحمد لله بكلمته وتعالى باسمه المتخذ لأوليائه بأوليائه‏.‏

‏ «‏يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس‏» ‏ ‏ «‏البقرة‏:‏ 189‏» ‏‏.‏ ظاهرها ليعلم عدد السنين والحساب والشهور والأيام وباطنها أوليائي الذين عرفوا عبادي سبيلي اتقوني يا أولي الألباب وأنا الذي لا أسأل عما أفعل وأنا العليم الحكيم وأنا الذي أبلوعبادي وامتحن خلقي فمن صبر على بلائي ومحنتي واختباري ألقيته في جنتي وأخلدته في نعمتي ومن زال عن أمري وكذب رسلي أخذته مهانًا في عذابي وأتممت أجلي وأظهرت أمري على ألسنة رسلي‏.‏

وأنا الذي لم يعلوعلي جبار إلا وضعته ولا عزيز إلا أذللته وليس الذي أصر على أمري ودام على جهالته وقالوا‏:‏ لن نبرح عليه عاكفين وبه موقنين أولئك هم الكافرون‏.‏

ثم يركع ويقول في ركوعه‏:‏ سبحان ربي رب العزة وتعالى عما يصف الظالمون يقولها مرتين فإذا سجد قال‏:‏ الله أعلى الله أعلى الله أعظم الله أعظم‏.‏ومن شريعته أن يصوم يومين في السنة وهما المهرجان والنيروز وأن النبيذ حرام والخمر حلال ولا غسل من جنابة إلا الوضوء كوضوء الصلاة وأن من حاربه وجب قتله ومن لم يحاربه ممن وكان مسير قرمط إلى سواد الكوفة قبل قتل صاحب الزنج فسار قومط إليه وقال له‏:‏ إني على مذهب رأي ومعي مائة ألف ضارب سيف فتناظرني فإن اتفقنا على المذهب ملت إليك بمن معي وإن تكن الأخرى انصرفت عنك‏.‏

فتناظرا فاختلفت رؤاهما فانصرف قرمط عنه‏.‏


يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق