483
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الرابع
ذكر مسير المعتمد إلى الشام وعوده من الطريق
وفيها سار المعتمد نحو مصر وكان سبب ذلك أنه لم يكن له من الخلافة غير اسمها ولا ينفذ له توقيع لا في قليل ولا في كثير وكان الحكم كله لموفق والأموال تجبى إليه فضجر المعتمد من ذلك وأنف منه فكتب إلى أحمد بن طولون يشكوإليه حاله سرًا من أخيه الموفق فأشار عليه أحمد باللحاق به بمصر ووعده النصرة وسير عسكرًا إلى الرقة ينتظر وصول المعتمد إليهم فاغتمن المعتمد غيبة الموفق عنه فسار في جمادى الأولى ومعه جماعة من القواد فأقام بالكحيل يتصيد.
فلما سار إلى عمل إسحاق بن كنداجيق وكان عامل الموصل وعامة الجزيرة وثب ابن كنداجيق بمن مع المعتمد من القواد فقبضهم وهم نيزك وأحمد بن خاقان وخطارمش فقيدهم وأخذ أموالهم ودوابهم وكان قد كتب إليه صاعد بن مخلد وزير الموفق عن الموفق وكان سبب وصوله إلى قبضهم انه أظهر أنه معهم في طاعة المعتمد إذ هوالخليفة ولقيهم لما صاروا إلى عمله وسار معهم عدة مراحل فلما قارب عمل ابن طولون ارتحل الأتباع والغلمان الذين مع المعتمد وقواد ولم يترك ابن كنداجيق أصحابه يرحلون ثم خلا بالقواد عند المعتمد وقال لهم: إنكم قاربتم عمل ابن طولون والأمر أمره وتصيرون من جنده وتحت يده أفترضون بذلك وقد علمتم أنه كواحد منكم وجرت بينهم في ذلك مناظرة حتى تعالى النهار ولم يرحل المعتمد ومن معه فقال ابن كنداجيق: قوموا بنا نتناظر في غير حضرة أمير المؤمنين فأخذ بأيديهم إلى خيمته لأن مضاربهم كانت قد سارت فلما دخلوا خيمته قبض عليهم وقيدهم وأخذ سائر من مع المعتمد من القواد فقيدهم فلما فرغ من أمورهم مضى إلى المعتمد فعذله في مسيره من دار ملكه وملك آبائه وفراق أخيه الموفق إلى الحال التي هوبها من حرب من يريد قتله وقتل أهل بيته وزوال ملكهم ثم حمله والذين كانوا معه حتى أدخلهم سامرا.
وفيها كانت وقعة بمكة بين جيش لأحمد بن طولون وبين عسكر الموفق في ذي القعدة.
وكان سببها أن أحمد بن طولون سير جيشًا مع قائدين إلى مكة فوصلوا إليها وجمعوا الحناطين والجزارين وفرقوا فيهم مالًا وكان عامل مكة هارون بن محمد إذ ذاك ببستان ابن عامر قد فارقها خوفًا منهم فوافى مكة جعفر الناعمودي في ذي الحجة في عسكر وتلقاه هارون بن محمد في جماعة فقوي بهم جعفر والتقوا هم وأصحاب ابن طولون فاقتتلوا وأعان أهل خراسان جعفرا فقتل من أصحاب ابن طولون مائتي رجل وانهزم الباقون وسلبوا وأخذت أموالهم واخذ جعفر من القائدين نحومائتي ألف دينار وأمن المصريين والجزارين والحناطين وقرئ كتاب المسجد الجامع بلعن ابن طولون وسلم الناس وأموال التجار.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق