إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 28 مايو 2016

521 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الرابع ذكر وفاة الموفق


521

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الرابع

ذكر وفاة الموفق

وفيها توفي أبوأحمد الموفق بالله بن المتوكل وكان قد مرض في بلاد الجبل فانصرف وقد اشتد به وجع النقرس فلم يقدر على الركوب فعمل على سرير عليه قبة فكان يقعد عليه وخادم له يبرد رجله بالأشياء الباردة حتى إنه يضع عليها الثلج ثم صارت علة برجله داء الفيل وهوورم عظيم يكون في الساق يسيل منه ماء وكان يحمل سريره أربعون رجلًا بالنوبة فقال لهم يومًا‏:‏ قد ضجرتم من حملي بودي أن أكون كواحد منكم أحمل على رأسي وآكل وأنا في عافية‏.‏

وقال في مرضه‏:‏ أطبق ديواني على مائة ألف مرتزق ما أصبح فيهم أسوأ حالًا مني فوصل إلى داره لليلتين خلتا من صفر وشاع موته بعد انصرف أبي الصفر من داره وكان تقدم بحفظ أبي العباس فأغلقت عليه أبواب دون أبواب وقوي الإرجاف بموته وكان قد اعترته غشية فوجه أبوالصقر إلى المدائن فحمل منها المعتمد وأولاده فجيء بهم إلى داره ولم يسر أبوالصقر إلى دار الموفق‏.‏

فلما رأى غلمان الموفق الماثلون إلى أبي العباس والرؤساء من غلمان أبي العباس ما نزل بالموفق كسورا الأقفال والأبواب المغلقة على أبي العباس فلما سمع أبوالعباس ذلك ظن أنهم يريدون قتله وأخذ سيفه بيده وقال غلام عنده‏:‏ واله لا يصلون إلي وفي شيء من الروح‏!‏ فلما وصلوا إليه رأى في أولهم غلامه وصيفًا موشكير فلما رآه ألقي السيف من يده وعلم أنهم ما يريدون إلا الخير فأخرجوه وأقعدوه عند أبيه فلا فتح عينه رآه فقربه وأدناه إليه‏.‏

وجمع أبوالصقر عنده القواد والجند وقطع الجسرين وحاربه قوم من الجانب الشرقي فقتل بينهم قتلى فلما بلغ الناس أن الموفق حي حضر عنده محمد بن أبي الساج وفارق أبا الصقر وتسلل القواد والناس عن أبي الصقر فلما رأى أبوالصقر ذلك حضر هووابنه دار الموفق فما قال له الموفق شيئًا مما جرى فأقام في داره الموفق فلما رأى المعتمد أنه بقي في الدار نزل

هووبنوه وبكتمر فركبوا زورقًا فلقيهم طيار لأبي ليلى بن عبد العزيز بن أبي دلف فحمله فيه إلى دار علي بن جهشيار‏.‏

وذكر أعداء أبي الصقر أنه أراد أن يقرب إلى المعتمد بمال الموفق أسبابه وأشاعوا ذلك عنه عند أصحاب الموفق فنهبت دار أبي الصقر حتى أخرجت نساؤه منها حفاة بغير أزر ونهب ما يجاورها من الدور وكسرت أبواب السجون وخرج من كان فيها‏.‏

وخلق الموفق على ابنه أبي العباس وعلى أبي الصقر وركبا جميعا فمضى أبوالعباس إلى منزله وأبوالصقر إلى منزله وقد نهب فطلب حصيرة يقعد عليها عارية فولى أبوالعباس غلامه بدرًا الشرطة واستخلف محمد بن غامن بن الشاة على الجانب الشرقي‏.‏

ومات الموفق يوم الأربعاء لثمان بقين من صفر من هذه السنة ودفن ليلة الخميس بالرصافة وجلس أبوالعباس للتعزية‏.‏

وكان الموفق عادلا حسن السيرة يجلس لمظالم وعنده القضاة وغيرهم فينتصف الناس بعضهم من بعض وكان عالمًا بالأدب والنسب والفقه وسياسة الملك وغير ذلك‏.‏

قال يومًا‏:‏ إن جدي عبد الله بن العباس قال‏:‏ إن الذباب ليقع على جليسي فيؤذيني ذلك وهذا نهاية الكرم وأنا والله أرى جلسائي بالعين التي أرى بها إخواني والله لوتهيأ لي أن أغير أسماءهم وقال يحيى بن علي‏:‏ دعا الموفق يومًا جلساءه فسبقتهم وحدي فلما رآني وحدي أنشد يقول‏:‏ واستصحب الأصحاب حتى إذا دنوا وملوا من الإدلاج جئتكم وحدي فدعوت له واستحسنت إنشاده في موضعه وله محاسن كثيرة ليس هذا موضع ذكرها‏.‏


يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق