إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 26 مايو 2016

477 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الرابع ذكر إحراق قصر صاحب الزنج


477

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الرابع

ذكر إحراق قصر صاحب الزنج

لما صح الموفق من جراحه عاد إلى ما كان عليه من محاربة العلوي وكان قد أعاد بناء بعض الثلم في السور فأمر الموفق بهدم ذلك وهدم ما يتصل به‏.‏

وركب في بعض العشايا وكان القتال ذلك اليوم متصلًا مما يلي نهر منكي والزنج مجتمعون فيه قد شغلوا بتلك الجهة وظنوا أنهم لا يأتون إلا منها فأتى الموفق ومعه الفعلة وقرب من نهر منكي وقاتلهم فلما اشتدت الحرب أمر الذين بالشذوات بالمسير إلى أسفل نهر أبي الخصيب وهوفارغ من المقاتلة والرجالة فقدم أصحاب الموفق وأخرجوا الفعلة فهدموا السور من تلك الناحية وصعد المقاتلة فقتلوا في النهر مقتلة عظيمة وانتهوا إلى قصور من قصور الزنج فأحرقوها وانتهبوا ما فيها واستنقذوا عددًا كثيرًا من النساء اللواتي كن فيها وغمنوا منها‏.‏

وانصرف الموفق عند غروب الشمس بالظفر والسلامة وبكر إلى حربهم وهدم السور فأسرع الهدم حتى اتصل بدار الكلابي وهي متصلة بدار الخبيث فلما أعيت الخبيث الحبل أشار عليه علي بن أبان بإجراء الماء على السباخ وأن يحفر خنادق في مواضع عدة يمنعهم عن دخول المدينة ففعل ذلك فرأى الموفق أن يجعل قصده لطم الخنادق والأنهار والمواضع المغورة فدام ذلك فحامى عنه الخبثاء ودامت الحرب ووصل إلى الفريقين من القتل والجراح أمر عظيم وذلك لتقارب ما بين الفريقين‏.‏

فلما رأى شدة الأمر من هذه الناحية قصد لإحراق دار الخبيث والهجوم عليها من دجلة فكان يعوق عن ذلك كثرة ما أعد الخبيث لها من المقاتلة والحماة عن داره فكانت الشذا إذا قربت من قصره رميت من فوق القصر بالسهام والحجارة من المنجنيق والمقالع وأذيب الرصاص وأفرغ عليهم فتعذر إحراقها لذلك فأمر الموفق أن تسقف الشذا بالأخشاب ويعمل عليها الجبس ويطلى بالأدوية التي تمنع النار من إحراقها ففرغ منها ورتب فيها أنجاد أحابه ومن النفاطين جمعًا كثيرًا‏.‏

واستأمن إلى الموفق محمد بن سمعان كاتب الخبيث وكان أوثق أصحابه في نفسه وكان سبب اسئمانه أن الخبيث أطلعه إلى انه عازم على الخلاص وحده بغير أهل ولا مال فلما رأى ذلك من عزمه أرسل يطلب الأمان فأمنه الموفق وأحسن إليه وقيل‏:‏ كان سبب خروجه أنه كان كارهًا لصحبة الخبيث مطلعًا على كفره وسوء باطنه ولم يمكنه التخلص منه إلى الآن ففارقه وكان خروجه عاشر شعبان‏.‏

فلما كان الغد بكر الموفق إلى محاربة الخبثاء فأمر أبا العباس بقصد دار محمد الكرنابي وهي بإزاء دار الخبيث وإحراقها وما يليها من منازل قواد الزنج ليشغلهم بذلك عن حماية دار الخبيث وأمر المرتبين في الشذا المطلية بقصد دار الخبيث وإحراقهأن ففعلوا ذلك وألصقوا شذواتهم بسور قصره وحاربهم الفجرة أشد حرب ونضحوهم بالنيران فلم تعمل شيئأن واحرق من القصر الرواشين والأبنية الخارجة وعملت النار فيهأن وسلم الذين كانوا في الشذا مما كان الخبثاء يرسلونه عليهم بالظلال التي كانت في الشذا وكان ذلك سببًا لتمكينهم من قصره‏.‏

وأمر الموفق الذين في الشذا بالرجوع فرجعوا فأخرج من كان فيها ورتب غيرهم وانتظر إقبال المد وعلوه فلما أقبل عادت الشذا إلى قصره وأحرقوا بيوتًا منه كانت تشرع على دجلة فأضرمت النار فيها واتصلت وقويت فأعجلت الخبيث ومن كان معه عن التوقف على شيء مما كان له من الأموال والذخائر وغير ذلك فخرج هاربا وتركه كله‏.‏

وعلا غلمان الموفق قصره مع أصحابهم فانتهبوا ما لم تأت النار عليه من الذهب والفضة والحلي وغير ذلك واستنقذوا جماعة ن النساء اللواتي كان الخبيث يأنس بهن ممن كان استرقهن ودخلوا دوره ودور ابنه انكلاي فاحرقوها جميعا وفرح الناس بذلك وتحاربوا هم وأصحاب الخبيث على باب قصره فكثر القتل في أصحابه والجراح والأسر وفعل أبوالعباس في دار الكرنابي من النهب والهدم والإحراق مثل ذلك وقطع أبوالعباس يومئذ سلسلة عظيمة كان الخبيث قطع بها نهر أبي الخصيب ليمنع الشذا من دخوله فحازها أبوالعباس وأخذها معه‏.‏

وعاد الموفق بالناس مع المغرب مظفرا وأصيب الفاسق في ماله ونفسه وولده ومن كان عنده من نساء المسلمين مثل الذي أصاب المسلمين منه من الذعر والجلاء وتشتت الشمل والمصيبة وجرح ابنه انكلاي في بطنه جراحة أشفى منها على الهلاك‏.‏


يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق