إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 1 مايو 2016

161 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر فتح جرجان وطبرستان


161

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر فتح جرجان وطبرستان
 

في هذه السنة غزا يزيد بن المهلب جرجان وطبرستان لما قدم خراسان‏.‏

وسبب غزوهما واهتمامه بهما أنه لما كان عند سليمان بن عبد الملك بالشام كان سليمان كلما فتح قتيبة فتحًا يقول ليزيد‏:‏ ألا ترى إلى ما يفتح الله على قتيبة فيقول يزيد‏:‏ ما فعلت جرجان التي قطعت الطريق وأفسدت قومس ونيسابور ويقول‏:‏ هذه الفتوح ليست بشيء الشان هي جرجان‏.‏

فلما ولاه سليمان خراسان لم يكن له همة غير جرجان فسار إليها ف مائة ألف من أهل الشام والعراق وخراسان سوى الموالي والمتطوعة ولم تكن جرجان يومئذ مدينة إنما هي جبال ومخازم وأبواب يقوم الرجل على باب منها فلا يقدم عليه أحد‏.‏

فابتدأ بقهستان فحاصرها وكان ذلك فإذا هزموا دخلوا الحصن‏.‏

فخرجوا ذات يوم وخرج إليهم الناس فاقتتلوا قتالًا شديدًا فحمل محمد بن سبرة على تركي قد صد الناس عنه فاختلفا ضربتين فثبت سف التركي في بيضة ابن أبي سبرة وضربه ابن أبي سبرة فقتله ورجع وسفه يقطر دمًا وسف التركي في بيضته فنظر الناس إلى أحسن منظر رأوه‏.‏

وخرج يزيد بعد ذلك يومًا ينظر مكانًا يدخل مه عليهم وكان في أربعمائة من وجوه الناس وفرسانهم فلم يشعروا حتى هجم عليهم الترك في نحو أربعة آلاف فقاتلوهم ساعة وقاتل يزيد قتالًا شديدًا فسلموا وانصرفوا وكانوا قد عطشوا فانتهوا إلى الماء فشربوا ورجع عنهم العدو‏.‏

ثم إن يزيد ألح عليهم في القتال وقطع عنهم المواد حتى ضعفوا وعجزوا‏.‏

فأرسل صول دهقان قهستان وإلى يزيد يطلب منه أن يصالحه ويؤمنه على نفسه وأهله وماله ليدفع إليه المدينة بما فيها فصالحه ووفى له ودخل المينة فأخذ ما كان فيها من الأموال والكنوز والسبي ما لايحصى وقتل أربعة عشر ألف تركي صبرًا وكتب إلى سليمان بن عبد الملك بذلك‏.‏

ثم خرج حتى أتى جرجان وكان أهل جرجان قد صالحهم سعيد بن العاص وكانوا يجبون أحيانًا مائة ألف وأحيانًا مائتي ألف وأحيانًا ثلاثمائة ألف وربما أعطوا ذلك وربما منعوه ثم امتنعوا وكفروا فلم يعطوا خراجًا ولم يأت جرجان بعد سعيد أحد ومنعوا ذلك الطريق فلم يكن يسلك طريق خراسان أحد إلا على فارس وكرمان‏.‏

وأول من صير الطريق من قومس قتيبة بن مسلم حين ولي خراسان‏.‏

وبقي أمر جرجان كذلك حتى ولي يزيد وأتاهم فاستقبلوه بالصلح وزادوه وهابوه فأجابهم إلى ذلك وصالحهم‏.‏

فلما فتح قهستان وجرجبان طمع في طبرستان أن يفتحها فعزم على أن يسير إليها فاستعمل عبد الله بن المعمر اليشكري على الساسان وقهستان وخلف معه أربعة آلاف ثم أقبل إلى أداني جرجان مما يلي طبرستان فاستعمل على ايذوسا راشد بن عمرو وجعله في أربعة آلاف ودخل بلاد طبرستان فأرسل إليه لأصبهبذ صاحبها يسأله الصلح وأن يخرج من طبرستان فأبى يزيد ورجا أن يفتحها ووجه أخاه أبا عيينة من وجه وابنه خالد بن يزيد من وجه وأبا الجهم الكلبي من وجه وقال‏:‏ إذا اجتمعتم فأبو عيينة على الناس‏.‏

فسار أبو عيينة على الناس‏.‏

فسار أبو عيينة وأقام يزيد معسكرًا‏.‏

واستجاش الأصبهبذ أهل جيلان والديلم فأتوه فالتقوا في سفح جبل فانهزم المشركون في الجبل فاتبعهم المسلمون حتى انتهوا إلى فم الشعب فدخله المسلمون وصعد المشركون في الجبل واتبعهم المسلمون يرومون الصعود فرماهم العدو بالنشاب والحجارة فانهزم أبو عيينة والمسلمون يركب بعضهم بعضًا يتساقطون في الجبل حتى انتهوا إلى عسكر يزيد وكف عدوهم من المسلمين وأن يقطعوا عن يزيد المادة والطريق فيما بينه وبين بلاد الإسلام ويعدهم أن يكافئهم على ذلك فثاروا بالمسلمين فقتلوهم أجمعين وهم غارون في ليلة وقتل عبد الله بن المعمر وجميع من معه فلم ينج منهم أحد وكتبوا إلى الأصبهبذ بأخذ المضايق والطرق‏.‏

وبلغ ذلك يزيد وأصحابه فعظم عليهم وهالهم وفزع يزيد إلى حيان النبطي وقال له‏:‏ لا يمنعك ما كان مني إليك من نصيحة المسلمين وقد جاءنا عن جرجان ما جاءنا فاعمل في الصلح‏.‏

فقال‏:‏ نعم‏.‏

فأتى حيان الأصبهبذ فقال‏:‏ أنا رجل منكم وإن كان الدين فرق بين وبينكم فأنا لكم ناصح فأنت أحب إلي من يزيد وقد بعث يستمد وأمداده منه قريبة وإنما أصابوا منه طرفًا ولست آمن أن يأتيك من لا تقوم له فأرح نفسك وصالحه فإن صالحته صير حده‏.‏

على أهل جرجان بغدرهم وقتلهم أصحابه‏.‏

فصالحه على سبعمائة ألف وقيل خمسمائة ألف وأربعمائة وقر زعفران أو قيمته من العين وأربعمائة رجل على كل رجل منهم ترس وطيلسان ومع كل رجل جام من فضة وخرقة حرير وكسوة‏.‏

ثم رجع حيان إلى يزيد فقال‏:‏ ابعث من يحمل صلحهم فقال‏:‏ من عندهم أو من عندنا قال‏:‏ من عندهم وكان يزيد قد طابت نفسه أن يعطيهم ما سألوا ويرجع إلى جرجان فأرسل يزيد من يقبض ما صالحهم عليه حيان فانصرف إلى جرجان‏.‏

وكان يزيد قد أغرم حيان مائتي ألف درهم وسبب ذلك أن حيان كتب إلى مخلد ابن يزيد فبدأ بنفسه فقال له ابنه مقاتل بن حيان‏:‏ تكتب إلى مخلد وتبدأ بنفسك‏.‏

قال‏:‏ نعم وإن لم يرضى لقي ما لقي قتيبة‏.‏

فلبعث مخلد الكتاب إلى أبيه يزيد فأغرمه مائتي أف درهم‏.‏

وقيل‏:‏ إن سبب مسير يزيد إلى جرجان أن صولًا التركي كان ينزل قهستان والبحيرة وهي جزيرة في البحر بينها وبين قهستان خمسة فراسخ وهما من جرجان مما يلي خوارزم وكان يغير على فيروز بن قول مرزبان جرجان فيصيب من بلاده‏.‏

فخافه فيروز فسار إلى يزيد بخراسان وقدم عليه فسأله عن سبب قدومه فقال‏:‏ خفت صولًا فهربت منه وأخذ صول جرجان‏.‏

فقال يزيد لفيروز‏:‏ هل من حيلة لقتاله قال‏:‏ نعم شيء واحد إن ظفرت به قتلته وأعطى بيده‏.‏

قال‏:‏ ما هو قال‏:‏ تكتب إلى الأصبهبذ كتابًا تسأله فيه أن يحتال لصول حتى يقيم بجرجبان واجعل له على ذلك جعلًا فإنه يبعث بكتابك إلى صول يتقرب به إليه فيتحول عن جرجان فينزل البحيرة وإن تحول عن جرجان وحاصرته ظفرت به‏.‏

ففعل يزيد ذلك وضمن للأصبهبذ خمسين ألف دينار إن هو حبس صولًا عن البحيرة ليحاصره بجرجان فأرسل الأصبهبذ الكتاب إلى صول فلما أتاه الكتاب رحل إلى البحيرة ليتحصن بها وبلغ يزيد مسيره فخرج إلى جرجان ومعه فيروز واستعمل على خراسان ابنه مخلدًا وعلى

سمرقند وكش ونسف وبخارى ابنه معاوية وعلى طخارستان حاتم بن قبيصة بن المهلب وأقبل حتى أتى جرجان فدخلها ولم يمنعه منها أحد وسار منها إلى البحيرة فحصر صولًا بها فكان يخرج إليه صول فيقاتله ثم يرجع فمكثوا بذلك ستة أشهر فأصابهم مرض وموت فأرسل صول يطلب الصلح على نفسه وماله وثلاثمائة من أهله وخاصته وسلم إليه البحيرة فأجابه يزيد فخرج بماله وثلاثمائة ممن أحب‏.‏

وقتل يزيد من الأتراك أربعة عشر ألفًا صبرًا وأطلق الباقين‏.‏

وطلب الجند أرزاقهم فقال لإدريس بن حنظلة العمي‏:‏ أحصى لنا ما في البحيرة حتى نعطي الجند‏.‏

فدخلها إدريس فلم يقدر على إحصاء ما فيها فقال ليزيد‏:‏ لا أستطيع ذلك وهو في ظروف فتحصى الجواليق ويعلم ما فيها ويعطى الجند فمن أخذ شيئًا عرفنا ما أخذ من الحنطة والشعير والأرز والسمسم والعسل ففعلوا ذلك وأخذوا شيئًا كثيرًا وكان شهر بن حوشب على خزائن يزيد بن المهلب فرفعوا عليه أنه أخذ خريطة فسأله يزيد عنها فأتاه بها فأعطاها شهرًا فقال بعضهم‏:‏ لقد باع شهر دينه بخريطة فمن يأمن القراء بعدك يا شهر وقال مرة الحنفي‏:‏ يا ابن المهلب ما أردت إلى امرئ لولاك كان كصالح القراء وأصاب يزيد بجرجان تاجًا فيه جوهر فقال‏:‏ أترون أحدًا يزهد في هذا قالوا‏:‏ لا‏.‏

فدعا محمد بن واسع الأزدي فقال‏:‏ خذ هذا التاج‏.‏

قال‏:‏ لا حاجة لي فيه‏.‏

قال‏:‏ عزمت عليك‏.‏

فأخذه فأمر يزيد رجلًا ينظر ما يصنع به فلقي سائلًا فدفعه إليه فأخذ الرجل السائل وأتى به يزيد وأخبره فأخذ يزيد التاج وعوض السائل مالًا كثيرًا‏.‏


يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق