158
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث
ذكر ولاية يزيد بن الملهلب خراسان
وكان السبب في ذلك أن سليمان بن عبد الملك لما ولى يزيد العراق فوض إليه حربها والصلاة بها وخراجها فنظر يزيد لنفسه وقال: إن العراق قد أخرجها الحجاج وأنا اليوم رجل أهل العراق ومتى قدمتها وأخذت الناس بالخراج وعذبتهم على ذلك صرت مثل الحجاج وأعدت عليهم السجون وما عافاهم الله منه ومتى لم آت سليمان بمثل ما كان الحجاج أتى به لم يقبل مني.
فأتى يزيد سليمان وقال: أدلك على رجل بصير بالخراج توليه إياه قال: نعم.
قال: صالح بن عبد الرحمن مولى بني تميم فولاه الخراج وسيره قبل يزيد فنزل واسطًا وأقبل يزيد فخرج الناس يتلقونه ولم يخرج صالح حتى قرب يزيد فخرج صالح في الدراعة بين يديه أربعمائة من أهل الشام فلقي يزيد وسايره فنزل يزيد وضيق عليه صالح فلم يمكنه من شيء واتخذ يزيد ألف خوان يطعم الناس عليها فأخذها صالح فقال يزيد: اكتب ثمنها علي.
واشترى يزيد ألف خوان يطعم الناس عليها فأخذها صالح فقال يزيد: اكتب ثمنها علي.
واشترى يزيد متاعًا وكتب صكًا بثمنه إلى صالح فلم يقبله وقال ليزيد: إن الخراج لا يقوم بما تريد ولا يرضى بهذا أمير المؤمنين وتؤخذ به.
فضاحكه يزيد وقال: أجر هذا المال هذه المرة ولا أعود.
ففعل صالح.
وكان سليمان لم يجعل خراسان إلى يريد فضجر يزيد من العراق لتضيق صالح عليه فدعا عبد الله بن الأهتم فقال له: إني أريدك لأمرٍ قد أهمني فأحب أن تكفينه.
قال: أعل.
قال: أنا فيما ترى من الضيق وقد ضجرت منه وخراسان شاغرة برجلها فهل من حيلة قال: نعم سرحني إلى أمير المؤمنين.
قال: فاكتم ما أخبرتك.
وكتب إلى سليمان يخبره بحال العراق وأثنى على ابن الأهتم وذكر علمه بها وسير ابن الأهتم على البريد.
فأتى سليمان واجتمع به فقال له سليمان: إن يزيد كتب إلي يذكر علمك بالعراق وخراسان فكيف علمك بها قال: أنا أعلم الناس بها بها ولدت وبها نشأت ولي بها وبأهلها خبر وعلم.
قال: فأشير علي برجل أوليه خراسان.
قال: أمير المؤمنين أعلم بمن يريد فإن ذكر منهم أحدًا أخبرته برأيي فيه.
فسمى رجلًا من قريش فقال: ليس من رجال خراسان.
قال: فعبد الملك بن المهلب.
قال: لا يصلح فإنه يصبو عن هذا فليس له مكر أبيه ولا شجاعة أخيه.
حتى عدد رجالًا وكان آخر من ذكر وكيع بن أبي سود فقال: يا أمير المؤمنين وكيع لقد أدرك بثأري وشفاني من عدوي ولكن أمير المؤمنين أعظم حقًا والنصيحة له تلزمني إن وكيعًا لم تجتمع له مائة عنان قط إلا حدث نفسه بغدرة خامل في الجماعة ثابت في الفتنة قال: ما هو ممن تستعين به فمن لها ويحك قال: رجل أعلمه لم يسمه أمير المؤمنين.
قال: فمن هو قال: لا أذكره حتى يضمن لي أمير المؤمنين ستر ذلك وأن يجيرني منه إن علم.
قال: فمن هو قال: لا أذكره حتى يضمن لي أمي المؤمنين ستر ذلك وأن يجيرني منه إن علم.
قال: نعم.
قال: يزيد بن المهلب.
قال: العراق أحب إليه من خراسان.
قال ابن الأهتم: قد علمت ولكن تكرهه فيستخلف على العراق ويسير.
قال: أصبت.
فكتب عهد يزيد على خراسان وسيره مع ابن الأهتم فأتى يزيد به فأمره بالجهاز للمسير ساعته وقدم ابنه مخلدًا إلى خراسان من يومه ثم سار يزيد بعده واستخلف على واسط الجراح بن عبد الله الحكمي واستعمل على بالبصرة وكان أوثق إخوته عنده واستخلف بالكوفة حرملة بن عيمر اللخمي أشهرًا ثم عزله وولى بشير بن حيان النهدي.
وكانت فيس تزعم أن قتيبة لم يخلع فلما سار يزيد إلى خراسان أمره سليمان أن يسأل عن قتيبة فإن أقامت قيس البينة أن قتيبة لم يخلع أن يقيد وكيعًا به ولما وصل مخلد بن يزيد مرو أخذه فحبسه وعذبه وأخذ أصحابه وعذبهم قبل قدوم أبيه وكانت ولاية وكيع خراسان تسعة أشهر أو عشرة أشهر.
ثم قدم يزيد في هذه السنة خراسان فأدنى أهل الشام وقومًا من أهل خراسان فقال نهار بن توسعة في ذلك: فأخطأ ظننا فيه وقدمًا زهدنا في معاشرة الزهيد إذا لم يعطنا نصفًا أمير مشينا نحوه مشي الأسود فمهلًا يا يزيد أنب إلينا ودعنا من معاشرة العبيد نجيب ولا ترى إلا صدودًا على أنا نسلم من بعيد ونرجع خائبي بلا نوالٍ فما بال التجهم والصدود ذكر عدة حوادث في هذه السنة جهز سليمان بن عبد الملك الجيوش إلى القسطنطينية واستعمل ابنه داود على الصائفة فافتتح حصن المرأة.
وفيها غزا مسلمة أرض الوضاحية ففتح الحصن الذي فتحه الوضاح صاحب الوضاحية.
وفيها غزا عمر بن هبيرة أرض الروم في البحر فشتى فيها.
وفيها حج سليمان بن عبد الملك بالناس وفيها عزل دواد بن طلحة الحضرمي عن مكة وكان عمله عليها ستة أشهر وولي عبد العزيز بن عبد الله بن خالد.
وكان عمال الأمصار من تقدم ذكرهم.
وفيها مات عطاء بن يسار وقيل سنة ثلاث ومائة.
وفيها مات موسى ابن نصير الذي فتح الأندلس وكان موته بطريق مكة مع سليمان بن عبد الملك.
وفيها توفي قيس بن أبي حازم البجلي وقد جاوز مائة سنة وجاء إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليسلم فرآه قد توفي وروى عن العشرة وقيل: لم يرو عن عبد الرحمن بن عوف وذهب عقله في آخر عمره.
حازم بالحاء المهملة والزاي المعجمة.
وفيها توفي سالم بن أبي الجعد مولى أشجع واسم أبي الجعد رافع.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق