43
مقدمة
فتوح الشام
أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )
قال الواقدي: ومن حسن لطف الله بالمسلمين أن صاحب الملك كان في كل يوم يمضي إلى الجسر ويوصي من في البرجين باليقظة والحرس الشديد وأنه مضى في بعض الأيام على عادته فوجدهم يشربون الخمر وليس عندهم حفظ ولا حرس فأخذهم وضرب كبراءهم وهم بقتل مقدمهم.
ثم إنه أمسك عنه خوف الملك فعمل الحقد في قلوبهم فجاءهم يوقنا في بعض الأيام يتجسس ليدبر فيه حيلة فرآهم حنقين من صاحب الملك فسألهم فأنكروا منه فقال لهم: أطلعوني على خبركم فقالوا له: أتعطينا منك أمانًا فأعطاهم فقالوا: نحن نسلم هذا الجسر للعرب.
فلما صح عنده ذلك قال لهم: ما مرادكم قالوا: نأخذ أمانًا من المسلمين فقال يوقنا: أنا أكتب لكم كتابًا إلى أميرهم بأن يعطيكم أمانًا وإن دخلتم في دينهم فهو خير لكم فقالوا له: وكيف أنت دخلت في دينهم.
ثم رجعت فقال: حاش لله وإنما أتيت أدبرهم على تسليم أنطاكية لهم فلما صح كندهم ذلك.
قالوا: ونحن نسلم إليهم الجسر فلما وافقهم على ذلك كتموا أمرهم فلما قدم المسلمون مضى إليهم صاحب الجسر من غير أن يعلم به أحد وأخذ له ولمن معه أمانًا وناوله كتاب يوقنا ففرح المسلمون بذلك بأن يأخذوا جسر الحديد من غير قتال فأعطوا للمقدم أمانًا فلما وصل عسكر المسلمين إلى الباب الذي على الجسر فتح لهم فدخلوا فلما سمع هرقل بذلك أمر الناس أن يتأهبوا للحرب.
قال ففعلوا ذلك.
قال الواقدي: حدثنا ياسر بن عبد الرحمن عن منازل بن نزاف الصيدلاني وكان أعرف الناس بفتوح الشام.
قال: بلغني أنه لما صار المسلمون بأرض أنطاكية.
قال أبو عبيدة لخالد: يا أبا سليمان قد صرنا بأرض أنطاكية بلد كلب الروم والساعة يأتينا عسكره فما ترى من الرأي.
قال خالد: إن الله قال: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} [الأنفال: 60] الآية فأمر أصحابك أن يتأهبوا ويظهروا زينة الإسلام وقوة الإيمان وسير كل أمير بجيشه ولتكن الكتائب والمواكب يتلو بعضها بعضًا.
قال: ففعل أبو عبيدة ذلك وأول من سير سعيد بن زيد أحد العشرة ومعه ثلاثة آلاف فارس فيهم المهاجرون والأنصار وجعله على مقدمة الجيش وسير وراءه رافع بن عميرة الطائي ومعه ألف فارس وسار وراءه ميسرة بن مسروق العبسي في ثلاثة آلاف فارس وسار وراءه خالد في جيش الزحف وسار وراءهم أبو عبيدة في بقية العسكر وكان معه عمرو بن معد يكرب الزبيدي وذو الكلاع الحميري وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن عمر وأبان ين عثمان بن عفان والفضل بن العباس وأبو سفيان صخر بن حرب وراشد بن ضمرة وسعيد بن رافع وزيد بن عمرو ومثل هؤلاء السادات وسار وراءهم النساء اللاتي لهن الأسرى وفيهم خولة بنت الأزور وعفيرة ابنة عفان ومزروعة ابنة عملوق وأم أبان بنت عتبة وليس فيهم أشد حزنًا من خولة بنت الأزور.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق