إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 28 يونيو 2014

129 مقدمة فتوح الشام أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )


129

مقدمة

فتوح الشام

أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )

قال الواقدي‏:‏ هذا ما جرى لهؤلاء وأما عدو الله بولياص صاحب طبندا فإنه كاتب البطليوس يقول‏:‏ إني ما صالحت العرب إلا مكيدة وإني أريد الغدر بهم فجهز لي جيشًا من البطارقة على أن أظفر بجماعة من أبطال المسلمين ونأخذ بثأر من قتل منكم قريبًا‏.‏
قال‏:‏ وكان عدو الله كل يوم تأتيه الأخبار من العرب المتنصرة ومن غيرهم من أهل البلاد والسواد بما جرى للعرب وبأخبار من قتل من البطارقة وأخذ البلاد والأموال فحمل همًا عظيمًا ولم يظهر ذلك لأحد من بطارقته وإنما كان يطيب قلوبهم ويقول‏:‏ بلدنا حصينة وإن قاتلونا قاتلناهم وإن غلبونا دخلنا بلدنا فلو جاءنا أهل الحجاز جميعهم ما وصلوا إلينا ولو أقاموا عشرين سنة والله غالب على أمره وناصر دين الإسلام ومذل الكفرة اللئام فلما بلغ البطليوس مكاتبة عدو الله بولياص فرح بذلك فرحًا شديدًا‏.‏
قال‏:‏ واستدعى ببطريق من بطارقته يسمى روماس وضم إليه خمسة آلاف فارس من الروم والنصارى وغيرهم من أهل القرى وأمرهم أن يسيروا تحت ظلام الليل فما جاء نصف الليل حتى وصلوا إلى طنبدا ودخلوا إلى بولياص ففرح بذلك فرحًا شديدًا واستعدوا للهجمة على المسلمين‏.‏
قال وأصبح المسلمون وقد صلوا صلاة الصبح وإذا بالخيل قد أقبلت إليهم فنادوا‏:‏ النفير هاجمونا وغدرونا فركب المسلمون خيولهم وساروا إلى قريب الدير وإذا بالروم مقبلين في عشرة آلاف فارس وكان أعداء الله قد كمنوا كمينًا قريبًا من قناطر كانت هناك ونهر يجري فيه الماء من النيل في أوانه عميق غربي الدير قريب من البلد‏.‏
قال الواقدي‏:‏ ولما رأى المسلمون لمعان الأسنة والبيض وخفقان الأعلام وبريق الصلبان الذهب والفضة تبادروا إلى خيولهم فركبوا وأعلنوا بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير وأقبلوا مسرعين نحوهم ولم يفزعوا من كثرتهم وحرض بعضهم بعضًا على القتال وكانوا قد سبقوا إلى شرذمة من المسلمين كانوا نزولًا قريبًا من الدير ووضعوا فيهم السيف وأحاطوا بهم وجالوا واتسع المجال إلى قريب من دهروط فخرج سليمان بن خالد بن الوليد وعبد الله بن المقداد وعامر بن عقبة بن عامر وشداد بن أوس وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم واشتد القتال وعظم النزال وعميت الأبصار وقدحت حوافر الخيل الشرار ولمعت الأسنة وقرعت الأعنة ودهشت الأنظار وحارت الأفكار وأحاطوا بالمسلمين من كل جانب فلله در سليمان بن خالد بن الوليد وعبد الله بن المقداد لقد قاتلا قتالًا شديدًا وأبليا بلاء حسنًا ولله در زياد بن المغيرة لقد كان يقاتل تارة في الميمنة وتارة في الميسرة وتارة في القلب وأحاط بهم أعداء الله من كل جانب وقد صار المسلمون بينهم كالشامة البيضاء في جلد البعير الأسود وصبروا لهم صبر الكرام وكان أكثر المسلمين قد أثخن بالجراح واشتد الكفار هذا والمسلمون قد انتدبوا أبطالًا وجعلوها خلف ظهورهم وقاتلوهم قتالًا عظيمًا هذا وأعداء الله قد أحاطوا بهم وحجزوا بينهم وبين البلد وقاتل سليمان وأصحابه قتالًا شديدًا ووطنوا أنفسهم على الموت وشجع بعضهم بعضًا وصار سليمان بن خالد يقول‏:‏ الله الله الجنة تحت ظلال السيوف والموعد عند حوض النبي صلى الله عليه وسلم وقاتل قتالًا شديدًا حتى أثخن بالجراح وقتل من المسلمين نحو مائتين وعشرين قريبًا من التل الذي هو غرب البلد المذكور وما قتل الواحد منهم حتى قتل من أعداء الله خلقًا كثيرًا‏.

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق