71
مقدمة
فتوح الشام
أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )
قال: حدثنا جرير بن عاصم عن نعيم بن موسى الداراتي عن سليمان بن عوف عن جده مازن بن سعيد.
قال: وقع القسط على أهل إسكندرية فكان أكبرهم في الحشمة وأغزرهم في المال يزن عشرة قراريط وأسطهم حالًا يزن قيراطين ولقد أتى برجل من أغنيائهم اسمه براس لا يدري من يملك المال والدبش والغنم وكان أبخل أهل زمانه فقال له شيعًا: قد وجب عليك في هذا المال دينار قال: وحق المسيح ما أنا بالذي يؤذيه ولو مت إن تصدقت به كان أفضل من عطيتي للعرب.
فقال له قيس بن سعد: إن في الذي نأخذه منكم صونًا لأنفسكم وحفظًا لدمائكم ونحن ما نأخذه على وجه الصدقة منكم بل نأخذه حلالًا لا حرامًا يا ويلك لو دخلنا مدينتكم بالسيف ألست كنت أنت أول من قتل ومالك أول ما نهب.
وقال لشيعًا: خذلك الله ولعنك كل من في إسكندربة يعلم أنك كنت أولًا فقيرًا لا تقدر على شيء من أمور الدنيا وقد آتاك الله من فضله ووسع عليك رزقه.
فقال: ألست ورثته عن آباء كرام وأجداد عظام وما لله علي من فضل.
قال فغضب لمجس وقام إليه وقمعه بمقرعة كانت معه وقال له: كذبت يا عدو الله ورسوله الفضل والحمد والمنة لله لأنه رزقنا من فضله وأسبغ علينا من نعمه {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها} [إبراهيم: 34] ثم قال قيس: اللهم إنه جحد نعمتك فأزلها عنه.
قال: فوالله ما مضى يومه حتى جاء الخبر بأن أغنامه قد هلكت جميعًا وبساتينه يبست ودياره قد تهدمت وأمواله ذهبت.
قال قيس: الله أكبر هذا والله حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو هريرة بجانبي.
قال: (إن ثلاثة من بني إسرائيل كان أحدهم أبرص والآخر أقرع والآخر أعمى. فبعث الله إليهم ملكًا فأتى الأبرص فقال له: أي شيء أحب إليك فقال: الجلد الحسن والإبل فأتى الأقرع فقال له: أفي شيء أحب إليك.
قال: الشعر الحسن والغنم وأتى الثالث فقال له: أي شيء أحب إليك فقال: النظر والبقر.قال: ثم إن الملك مسح بيده على جلد الأبرص فعاد أحسن جلدًا وأعطاه ناقة عشراء فبارك الله له فيها حتى ضاقت بإبله الديار وأما الأقرع فأتاه ومسح يده على رأسه فأنبت الله له شعرًا حسنًا وأعطاه نعجة عشراء فتوالدت إلى أن ضاقت بها تلك الديار.ثم أتى الأعمى ومسح بيده على عينيه فعادتا أحسن عينين وأعطاه بقرة عشراء فتوالدت إلى أن ضاقت بها تلك الديار.قال: ثم أتاهم ليمتحنهم فأتى للأبرص.فقال له: كنت أبرص فقيرًا لا تملك شيئًا فأعطني مما أتاك الله من هذه الإبل ناقة أتسبب عليها فقال له: ما كنت فقيرًا ولا أبرص وإنما ورثت هذا المال من آبائي.قال فذهب إلى الأقرع وقال له مثل ما قال للأبرص فقال مثل ما قال للأبرص فذهب إلى لثالث وقال له مثل ما قال لصاحبيه.فأجاب وقال: بسم الله والله لقد صدقت.فاذهب إلى هذا البقر فاقسمها بيني وبينك فقال له: بارك الله لك في مالك وقد رد الله صاحبيك كما كانا فإنهما كفرا نعمة الله).
قال الراوي: وجعلوا المال ومضوا به إلى خالد وبنى فيها المساجد وأخذ كنيستهم العظمى فجعلها جامعًا وترك لهم أربع كنائس وكتب إلى عمرو بن العاص يعلمه بفتح إسكندرية ففرح وركب وترك موضعه أبا ذر الغفاري وذهب إلى الإسكندرية وبنى فيها جامعًا في الربض وهو معروف بجامع عمرو إلى يومنا هذا.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق