إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 29 يونيو 2014

17 فتوح الشام ( للواقدي )


17

فتوح الشام ( للواقدي )


ثم حمل من بعده خالد بن الوليد ورفع رمحه ورأى العسكر من أمور الحرب حتى جزع الروم من شجاعته‏.‏

فلما نظر إليه البطريق كلوس علم أنه أمير الجيش وعلم أنه يقصده فتأخر كلوس إلى ورائه من مخافته‏.‏

فلما نظر خالد إلى قهقرة كلوس إلى ورائه حمل عليه ليرده فوقعت عليه البطارقة ورموه بالسهام فلم يلتفت إليهم خالد ولم يعبأ بهم ولم يرجع حتى قتل عشرين‏.‏

ثم انثنى بجواده بين الصفين وجال بجواده بين الفريقين وطلب البراز فلم يجبه أحد وقالوا‏:‏ أخرجوا غيره منكم‏.‏

فقال‏:‏ ويلكم ها أنا رجل واحد من العرب وكلنا في الحرب سواء فما منهم من فهم كلامه فأقبل عزازير على كلوس وقال‏:‏ أليس الملك قد قدمك على جيشه وبعثك إلى قتال العرب فدونك حام عن بلدك ورعيتك‏.‏

فقال كلوس‏:‏ أنت أحق مني بذلك لأنك أقدم مني وقد عزمت أنك لا تخرج إلا بإذن الملك هرقل فما بالك لا تخرج إلى قتال أمير العرب‏.‏

فقال لهما العساكر‏:‏ تقارعا فمن وقعت عليه القرعة فلينزل إلى قتال أمير العرب‏.‏

فقال كلوس‏:‏ لا بل نحمل جميعًا فهو أهيب لنا قال‏:‏ وخاف كلوس أن يبلغ الملك ذلك فيطرده من عنده أو يقتله‏.‏

قال‏:‏ فتقارعا فوقعت القرعة على كلوس‏.‏

فقال عزازير‏:‏ اخرج وبين شجاعتك فقال كلوس لأصحابه‏:‏ أريد أن تكون همتكم عندي فإن رأيتم مني تقصيرًا فاحملوا وخلصوني‏.‏

فقال أصحابه‏:‏ هذا كلام عاجز لا يفلح أبدًا فقال‏:‏ يا قوم إن الرجل بدوي ولغته غير لغتي فخرج معه رجل اسمه جرجيس وقال له‏:‏ أنا أترجم لك فسار معه‏.‏

فقال كلوس‏:‏ اعلم يا جرجيس أن هذا رجل ذو شجاعة فإن رأيته غلبني فاحمل أنت عليه حتى نقضي يومنا معه ويخرج له غدا عزازير فيقتله ونستريح منه وأتخذك أنا صديقي‏.‏

فقال له‏:‏ ما أنا أهل حرب وإنما أخوفه بالكلام‏.‏

قال‏:‏ فسكت وسارا حتى قربا من خالد فنظر إليهما‏.‏

قال‏:‏ فهم أن يخرج إليهما رافع بن عميرة فصاح فيه خالد وقال‏:‏ مكانك لا تبرح فإني كفء لهما فلما دنوا من خالد‏.‏

قال كلوس لصاحبه‏:‏ قل له من أنت وما تريد وخوفه من سطواتنا فقرب جرجيس من خالد وقال له‏:‏ يا أخا العرب أنا أضرب لك مثلًا إن مثلكم ومثلنا كمثل رجل له غنم فسلمها إلى راع وكان الراعي قليل الجرأة على الوحوش فأقبل عليه سبع عظيم فجعل يلتقط منه كل ليلة رأسًا إلى أن انقضت الأغنام والسبع ضار عليها ولم يجد له مانعًا عنها‏.‏

فلما نظر صاحب الغنم ما حل بغنمه علم أنه لم يؤت إلا من الراعي فانتدب لغنمه غلامًا نجيبًا فسقمه الغنم فكان كل ليلة يكثر الطوفان حول الغنم‏.‏

فبينما الغلام كذلك إذ أقبل عليه السبع على عادته الأصلية واخترق الغنم فهجم الغلام على السبع وبيده منجل فضربه فقتله ولم يقرب الغنم وحش بعدها وكذلك أنتم نتهاون بأمركم لأنه ما كان أضعف منكم لأنكم جياع مساكين ضعفاء وتعودتم أكل الذرة والشعير ومص النوى‏.‏

فلما خرجتم إلى بلادنا وأكلتم طعامنا وفعلتم ما فعلتم وقد بعث لكم الملك رجالًا لا تقاس بالرجال ولا تكترث بالأبطال ولا سيما هذا الرجل الذي بجانبي فاحذر منه أن ينزل بك ما أنزل الغلام بالأسد وقد سألني أن أخرج إليك وأتلطف بك في الكلام فأخبرني ما الذي تريد قبل أن يهجم عليك هذا الفارس‏.‏

فلما سمع خالد منه ذلك قال‏:‏ يا عدو الله والله لا نحسبكم عندنا في الحرب إلا كقابض الطير بشبكة وقد قبضها يمينًا وشمالًا فلم يخرج إلا ما انفلت منه‏.‏

وأما ما ذكرت من بلادنا وأنها بلاد قحط وجوع فالأمر كذلك إلا أن الله تعالى أبدلنا ما هو خير منه فأبدلنا بدل الذرة الحنطة والفواكه والسمن والعسل‏.‏

وهنا كله قد رضيه لنا ربنا ووعدنا به على لسان نبيه وأما قولك‏:‏ ما الذي تريدونه منا‏.‏

فنريد منكم إحدى ثلاث خصال إما أن تدخلوا في ديننا أو تؤدوا الجزية أو القتال‏.‏

وأما قولك‏:‏ إن هذا الرجل الذليل الذي هو عندكم مسكين فهو عندنا أقل القليل وإن يكن هو ركن الملك فأنا ركن الإسلام‏.‏

أنا الفارس الصنديد أنا خالد بن الوليد‏.‏

أنا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق