إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 28 يونيو 2014

109 مقدمة فتوح الشام أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )



109


مقدمة

فتوح الشام

أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )

قال وأنطلق سرزاد إلى قومه ومعه جماعة فرحين بالصلح ولما نزل زهرة في نهمشير وجد كتائب الفرس وعليهما مقدم يقال له فيروز وهو فارس قومه ومعهم كبكبة كسرى التي يعتمد عليها في وقت شدته‏.‏
قال واجتمع جيوش الموحدين عند زهرة مع سعد وتأهبوا للقتال‏.‏
قال الواقدي‏:‏ فلما ترتبت الصفوف كان أول من برز واشتهر وسما وافتخر فيروز ورطن بالفارسية وقال‏:‏ يا هؤلاء العرب لقد أطمعتم أنفسكم فيما لا تصلون إليه وساءت ظنونكم وزعمتم أنكم تملكون العراق وتأخذونه من أيدي الأكاسرة وهذا ظن لا يصير أبدًا ونحن كتيبة كسرى أولو الشدة والبأس والقوة والمراس وأنا مقدمهم والرئيس فيهم فليبرز إلي مقدمكم ويفعل مثل ما فعلت أنا من بين قومي‏.‏
قال فما استتم كلامه حتى خرج إليه هاشم بن المرقال يجر قناته من ورائه وحمل عليه وحصل بينهما حرب يشيب منها الطفل ثم إن هاشمًا طعنه في صدره فأطلع السنان من ظهره‏.‏
قال فلما قتله هاشم ووجع إلى المسلمين قبله سعد بين عينيه فترجل هاشم وقتل رجل سعد وقرأ ‏{‏أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال‏}‏ ‏[‏إبراهيم‏:‏ 4‏]‏‏.‏ قال وارتحلوا في أثرهم إلى أن نزلوا نهمشير وبقي كلما أقبلت قبيلة تكبر وتنزل إلى أن أحاطوا بهم من كل جهة فأظهر القوه الزينة والسلاح والعدد والمجانيق وهم على الأسوار‏.‏
قال الواقدي‏:‏ وأقام سعد على نهمشير شهرين وبعث خيله للغارات على شط الفرات والدجلة فأتوا ومعهم ألف فلاح فضمهم إلى سرزاد مقدم ساباط حتى يأتي الجواب فيهم من عمر بن الخطاب رضي الله عنه ويرجعوا إلى مقرهم فكتب سعد إلى أمير المؤمنين يقول بعد البسملة‏:‏ أما بعد‏:‏ سلام عليك ورحمة الله وبركاته فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأصلي على نبيه وأننا نزلنا على نهمشير بعدما لقينا فيما بين القادسية ونهمشير عسكرًا مع قرط بن فيروز وظفرنا الله به وبمن معه وأن فيروز قتله هاشم وانهزم من بقي معه ونزلنا بعد ذلك على نهمشير وبثثنا عساكرنا فأصابوا من الفلاحين ألف نفر فما رأيك فيهم‏.‏
فأجابه أن من أتاكم من الفلاحين إذا كانوا مقيمين على عهدكم ولم يعينوا عليكم عدوكم فلهم أمانهم ومن لم يأتكم وهرب منكم وأدركتموه فشأنكم وإياه افعلوا فيه ما شئتم فلما جاء الكتاب خلى سبيلهم وأرسل وراء الدهاقين فدعاهم إلى الإسلام أو الجزية فأجابوا إلى أداء الجزية‏.‏
قال‏:‏ وأما أهل نهمشير فشرعوا يرمون عسكر المسلمين بالسهام والحجارة والمنجنيق فلما نظر سعد إلى ذلك دعا سرزاد وقال له‏:‏ إن أهل هذا البلد لم يتركوا للصلح موضعًا وأريد منكم أن تصنعوا لنا منجانيق ففعل سرزاد وعمل منجانيق فما مضت ثلاثة أيام حتى صنع له ذلك ونصب له ذلك على نهمشير كثر من عشرين منجنيقًا فأشغلوهم بها عن قتال المسلمين والعرب فرحت بذلك فلما طال على البلد الحصار خرجوا يقاتلون المسلمين وتبايعوا على الصبر فقاتلهم المسلمون قتالًا شديدًا وترامت الفرس بنشابها والعرب بنبالها وقاتل زهرة بن الجويرية قتالًا يرضي الله ورسوله ثم إن زهيرًا قال لسعد‏:‏ دعني أتقدم لعلي أرمي بنبلة أو أضرب بسيفي هذا ضربة فتقدم ودخل العدو فتلقاه فارس اسمه شهرياض فحمل عليه وطعنه طعنة أخرج بها أمعاءه وقتله فاجتمعت عليه الأعاجم فقتلوه وانهزموا ودخلوا المدينة وأغلقوا الأبواب وصعدوا على الأسوار وبعدها أشرف علينا رجل منهم وقال‏:‏ إن الملك يقول لكم‏:‏ هل لكم في الصلح على أن لنا ما بين دجلة إلى هنا ولكم ما يأتيكم من دجلة إلى خيلكم فتقدم إليه أبو مقرة الأسود بن قطينة وقد أنطقه الله بما لا يدري ما هو فأجابه بالفارسية وهو لا يعرف منها شيئًا ولا يحسنها‏.‏
قال‏:‏ فرجع الرجل عن السور‏.‏
فقلنا لأبي مقرة‏:‏ ما قلت له‏.‏
فقال‏:‏ والذي بعث محمدًا بالحق ما أدري ما قلت له إلا أن الله أنطقتي بشيء ولعل أن يكون فيه خير للمسلمين ولا زالوا يسألونه حتى سأله سعد بن أبي وقاص‏.‏
فقال‏:‏ والله يا أمير ما أعلم ولا أدري فتعجب سعد من ذلك وأمر الناس بالزحف والرمي وأن لا أحد من أهل المدينة يظهر لهم ولا يبين‏.‏
فقلنا‏:‏ لعلهم أن يكونوا يكيدوننا بمكيدة وإذا نحن في اليوم الثاني برجل قد خرج إليها وهو ينادي الأمان الأمان فأقتاه وأتينا به إلى الأمير سعد‏.‏
فقال له‏:‏ ما الخبر قال‏:‏ إن القوم ليسوا في المدينة وقد هربوا‏.‏
فقال سعد‏:‏ ومن أي شيء هربوا‏.‏
فقال الرجل‏:‏ إن الملك بعث إليكم رسولًا يعرض عليكم الصلح فأجبتم أنه لا يكون بيننا وبينكم صلح أبدًا حتى نأكل عسل أفريزيا نوح كونا‏.‏
فلما بلغته هذه الكلمات منكم قال‏:‏ واويلاه إن الملائكة تتكلم على ألسنتهم وترد علينا وتجيبنا عن العرب ووالله لئن لم يكن كذلك وإلا فإنما هو شيء ألقي على فم هذا الرجل فابرزوا إلى القصوى فخرجوا من البلد وقد تركوا المتاع والأموال والرجال ولم يكن لهم غنيمة إلا أنفسهم‏.‏
قال فلما سمع سعد ذلك من الرجل سجد لله شكرًا وأمر المسلمين أن يدخلوا المدينة بالعدد خوفًا من الكمين ففعلوا وركب سعد وتقدم المجاهدون ودخلوا وداروًا بالبلد فلم يجدوا في نهمشير أحدًا من الفرس ووجدوا الأموال على حالها فاحتووا عليها وأقام سعد بها ثلاثة أيام وخرج إلى الشط وأراد أن يعبر بالناس إلى المدينة القصوى وهي إسبانير فلم يجدوا شيئًا من السفن فأقام أيامًا من شهر صفر والناس يحرضونه على العبور إلى ذلك الجانب وهو يأبى إشفاقًا على المسلمين فبينما هو كذلك إذ جاءه أعلاج فوقفوا بين يديه ودلوه على مخاضة تخاض فأبى‏.

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق