إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 28 يونيو 2014

114 مقدمة فتوح الشام أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي ) فتوح مدينة نشاور


114

مقدمة

فتوح الشام

أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )

فتوح مدينة نشاور
 

وهي آخر فتوح العجم والعراق قال الواقدي‏:‏ وكان من قضاء الله وقدره أن ابن كسرى لما انهزم من المدائن مضى إلى حلوان وانضاف إليه كل من وصل إليه من المنهزمين من الأساورة والمرازبة والدليم وغيرهم فقام فيهم خطيبًا وذكر زوال ملكه وأسر ابنته وخزائنه وأمواله وبكى وبكت أرباب دولته ثم قال‏:‏ يا أهل فارس إن الدنيا دنية الفعال سريعة الزوال قريبة الارتحال وهذا ملككم قد زال وعزكم قد حال ودياركم قد سبيت والعرب قد استولت على العراق ولا بد لهم منكم ولا غنى لهم عنكم وستنظرون خيلهم وقد طلبت خراسان والري وهمذان وما بقي لكم جهة تتوجهون إليها إلا بلاد آبائكم وأجدادكم فانتبهوا وانتهزوا الفرصة وأزيلوا الغصة وأدركوا ما بقي من أيامكم ولا ترتدوا على أدباركم وقد بلغني أن الدنوس العادي بن هر بن كيقباد بن يزدجرد التقي هو الإسكندر بن القليس الرومي ما زالا يقاتلان ويقتتلان حتى قتل أحدهما فشمر أنتم عن ساق الجد ودونكم والقوم هذه الكرة إما لكم وإما عليكم فلعل النار والنور ينصرانكم وأنفق فيهم ما كان معه فاستعدوا للقاء وأخذوا على أنفسهم وضربوا خيامهم في مرج حلوان وجاء علماء دينهم وأوقدوا لهم النار وقربوا لها القربان وتحالفوا أن لا ينهزموا ولو ماتوا عن آخرهم قال ومضت نساؤهم وبنات ملوكهم وأبطالهم الذين قتلوا في الثياب ملطخات بالدماء وهن يستفزون الجيوش والعساكر من بلاد العجم وغيرها قال‏:‏ وإن الحجاب والمرازبة والأساورة تعاهدوا على أن لا يفروا أو يموتوا عن آخرهم‏.‏
قال الواقدي‏:‏ حدثني محمد بن عاصم بالكوفة بعدما أخذها المسلمون‏.‏
وقال‏:‏ لما فتحت المدائن وأخذها المسلمون وطنًا فما كان دأبهم إلا يحفروا دور الفرس ويخرجوا خباياهم وأموالهم قال عبد الله بن جحفة‏:‏ حضرت العرب وقد أخرجوا من إزاء القصر الأبيض مع مصنع هناك للفرس الأكاسرة تمثالًا من الذهب على صفة الفارس وقد كسبوا عليه الماء حتى غار في الأرض وكانت ملوك الفرس يفتخرون بذلك على سائر الملوك فوالله لو قسم ذلك على عرب بكر بن وائل لكان يسد منهم مسدًا وجاءت عيون المسلمين إلى سعد وأخبروه بما فعل القوم واجتماعهم في مرج حلوان في مائة ألف وقد وجهوا أثقالهم وما يعز عليهم في الجبل وهم يطلبون لقاءكم قال واجتمع المسلمون في الإيوان وقالوا‏:‏ أيها الأمير إن العدو قد اجتمعوا بمرج حلوان وتعاهدوا على أن لا ينهزموا أبدًا ويموتوا عن دم واحد يريدون المدائن قال فكتب سعد إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعلمه بذلك ويقول له‏:‏ إن أهل الموصل قد مات ملكهم الأنطاق وقد تولى عليهم الشكان بن قالوص وارتدوا عن صلحنا وعول ملكهم على أن يكون عونًا لأهل فارس علينا والسلام عليك وعلى جميع المسلمين ورحمة الله وبركاته فلما وصل الكتاب إلى عمر أرسل يقول له‏:‏ يا سعد اعلم أن الله منجز وعده‏.‏
وبعث إليه هاشم بن عتبة في اثني عشر ألف فارس من المهاجرين والأنصار ألفان والبقية من العرب‏.‏
قال‏:‏ وإن ابن كسرى لما حصن حريمه وأمواله في الجبل أمر على العسكر مهران الداري ووصاه وسار مهران بالعسكر فركب معه ابن كسرى مقدار ميل وودعه ورجع إلى حلوان والمدد يأتي من سائر بلاد العجم‏.‏
قال ووصل مهران إلى مدينة نشاور ونزل بها في دار الولاية وأقام بها فلما كان الغد ركب في وجوه قومه ودار بهم على أسوارها وأبوابها وأمر بتحصينها في علو سورها ونصب آلات الحصار بالعرادات والمناجيق وحفر خندقًا عميقًا وصنع حسكًا من الحديد وجعله حول المدينة والخندق وما خلي من أهل البلد ضغيرًا ولا كبيرًا حتى استعمله في السور والخندق وادخر القوت وعلف الخيل وما يحتاجه للحصار واستوثق من أهل البلد الكبير والصغير منهم وأخذ رهائنهم وحلفهم على أن لا ينهزموا أبدًا‏.‏
قال‏:‏ فلما اتفق ذلك كله أقام ينتظر قدوم المسلمين‏.‏
قال‏:‏ وأما هاشم بن عتبة فإنه سار في اثني عشر ألف مجاهد حتى أشرف على مدينة نشاور فوجدها محصنة بالعدد والعدو قد أظهر الزينة والسلاح على الأبراج بالدروع والجواشن والمجانيق والعرادات والبيارق والأعلام ووضعوا في أركان المدينة على الأبراج قباب حديد ليضرموا فيها النار ويستنجدوا لها ويستنصروا بها على العرب فلما أشرف عليهم عسكر هاشم بن عتبة ضجوا بكلمة كفرهم وأشاروا إلى الشمس والنيران يسجدون لهما قال‏:‏ والأرض ترتج من تحتهم والسماء ترعد من فوقهم والأكوان تسترجع وتصيح في هلاكهم فنودوا من قبل الله أن اسكنوا عن اضطرابكم فأنا الحليم الذي لا أعجل على من عصاني ولا أخيب من دعاني أنا الذي تسبح لي السموات ومن فيها والأرضون بنواحيها وقد سبق في علمي أن أطهر هذه الأرض من الأرجاس وأبدلها بمن قلت فيهم ‏{‏كنتم خير أمة أخرجت للناس‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 110‏]‏‏.‏ أنا الذي أمهل ولا أهمل وعزتي وجلالي لأطهرن هذه الأرض من الكفرة الملحدين والفئة المفارقين ولأبدلن بيوت النار بمساجد أذكر فيها آناء الليل وأطراف النهار يعمرها رجال قد أحسنوا الظنون وذكرتهم في الكتاب المكنون ‏{‏ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون‏}‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏ 155‏]‏‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق