إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 28 يونيو 2014

107 مقدمة فتوح الشام أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )



107


مقدمة

فتوح الشام

أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )

قال‏:‏ فكتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتابًا يقول فيه‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏.‏
من العامل بالعراق سعد بن أبي وقاص إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب‏.‏
أما بعد‏:‏ سلام عليك وإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وإنا وصلنا إلى العراق والتوفيق يقدمنا والنصر يؤيدنا وقد اطلع الله على قلوبنا وامتحن خفي أسرارنا فما وجد فيها سواه ولا نعبد إلا إياه فوفى لنا بوعده إذ وفينا بصادق عهده فلقينا العدو وهو شاكي السلاح وغير راجع عن الطماح وقد شمر لنا كن ساق الجد فدارت لنا عليه الدوائر فهزمنا كتائبهم ونزلنا مواكبهم واستأصلنا شأفتهم وقتلنا مقدمهم فجرى بذلك سابق القدر ‏{‏فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر‏}‏ ‏[‏القمر‏:‏ 42‏]‏‏.‏ وملكنا الحيرة والقادسية وأنزل الله بأعدائنا الرزية فلما كانبعد الفتح بيوم قدم المرقال وهشام وسبعون رجلًا من الصحابة وبعده بثلاثة أيام قدم سبعمائة من الشام من جند أبي عبيدة ولم أسلم لأحد شيئًا من الغنيمة ونحن ننتظر أمرك في ذلك والسلام عليك ورحمه الله وبركاته وعلى جميع المسلمين‏.‏
وسلم الكتاب إلى زيد بن عمرو فركب نجيبه وسار نحو المدينة‏.‏
قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن عمر قال‏:‏ حدثني سابق بن مسلم قال‏:‏ وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يركب كل يوم نجيبه ويقصد طريق العراق إلى قريب الظهر وذلك لما بلغه أن رستم نزل على القادسية‏.‏
قال فخرج على عادته إذ لقيه البشير وهو نوفل فلما رآه نوفل أبرك ناقته وسلم على أمير المؤمنين وقال له‏:‏ أبشر بكل خير ودفع إليه كتاب سعد وهو يقول‏:‏ قد هزم الله العدو ونصر الموحدين وملكنا الحيرة والقادسية بهم فرقي المنبر وقرأ عليهم كتاب سعد وقال‏:‏ ألا وإن إخوانكم المسلمين يقرئونكم السلام وقد اتبعوا الكتاب والسنة وحادوا عن طريق البدعة وأقاموا على شرائع الهدى وأرادوا المشورة فيمن قدم عليهم فأما الجواب فالغنيمة لمن شهد الوقعة والمواساة لمن لحق بهم بعد الوقعة بثلاثة أيام‏.‏
ونزل عن المنبر وكتب إلى سعد‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏.‏
أما بعد‏:‏ سلام عليك فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم وقد وصلني كتابك فحمدت الله كثيرًا بما فتح الله على أيديكم وإني قد أبليت بكم وابليم بي وإني والله لا أحصي شيئًا من أموركم فأعلمه وأما إذا اجتمع صلح فإذا أشفق الوالي ونصحت الرعية وعمل الإحسان وعلى الرعية الصبر والشكر وأما الغنيمة فلمن شهد الوقعة والمواساة لمن أتى بعد ثلاثة أيام ومن شهد حربكم من مملوك وعتيق بعد ثلاثة أيام فأشركوه وألزموا الإحسان فيما فتح الله عليكم‏.‏
وختم الكتاب وسلمه للرسول فسار يجد السير إلى أن أتى سعدًا ودفع إليه الكتاب فلما قرأه كتب إليه بعد البسملة يعلمه بما تجدد‏.‏
أما بعد‏:‏ يا أمير المؤمنين فإني لم أر فارسًا مثل القعقاع بن عمرو التميمي فإنه حمل في العدو في يوم واحد ثلاثين حملة يقتل في كل حملة فارسًا ولم أر فارسًا مثل الحرث الكندي فإنه كان يحمل في المواكب فيقصم عروقها‏.‏
وأرسل الكتاب الثاني والخمس مع سعد قال‏:‏ ووصل المنهزمون من الفرس إلى المدائن ودخلوا الإيوان وحدثوا كسرى بما جرى وبقتل رستم وولده فاغتم لذلك وأيقن أن دولة الفرس قد انقرضت وانصرمت فاحتجب ثلاثة أيام وفي اليوم الرابع مات لأنه حمل الهم على قلبه فقام بعده ولده يزدجرد ولم يكن له غيره‏.‏
قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن مروان قال‏:‏ حدثنا نعيم عن جده وحسان أحفظ الناس للفتوح‏.‏
قال‏:‏ لما وجه كسرى بن أزدشير رستم إلى قتال سعد أنفذ معه نصف بيت ماله وهي ستمائة ألف ألف إلى المصف فلما صفت الصفوف وضعها أمام الجيش وقال‏:‏ كل من قتل فارسًا كان له كذا وكذا ومن قتل راجلًا فله كذا وكذا فصار ذلك كله إلى المسلمين فأرسل الخمس مع سعد وهو مال كثير لا يحصى عدده لكثرته فلما وصل المال لعمر بن الخطاب بكى وقال‏:‏ أف لمن يغتر بالدنيا أو يميل إليها ثم قرأ‏:‏ ‏{‏قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 77‏]‏‏.‏ فوالله لم يلتمس منه قليلًا ولا كثيرًا ولا درهمًا ولا دينارًا فقالت له حفصة‏:‏ يا أمير المؤمنين لو رفقت بنفسك وأكلت طعامًا أطيب من طعامك ولبست ثوبًا أميز من ثوبك فقد فتحت لك الفتوح وأتت الأموال فتمعر وجهه غضبًا وقال لها‏:‏ ناشدتك الله أخبريني عن أفضل ما اقتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت مال المسلمين‏.‏
قالت‏:‏ ثوبان كان يلبسهما يوم الوفد ويخطب فيهما يوم الجمعة والعيدين‏.‏
فقال‏:‏ أي طعام كان يأكل عندكن قالت‏:‏ خبز الشعير وكان عندنا في أسفل عكة دسم فإن تظاهر طعمه فيها يقول‏:‏ قد زدتن في الدسم‏.‏
قال‏:‏ فأي بساط كان يبسطه عندكن قالت‏:‏ كان لنا كساء نجعله في الصيف تحتنا وفي الشتاء نفرش نصفه ونلتحف بنصفه‏.‏
فقال يا حفصة‏:‏ إن مثلي ومثل صاحبي كثلاثة نفر تتابعوا طريقًا فمضى الأول وقد زاد فبلغ ثم تبعه الثاني فسلك طريقه فمضى إليه ثم تبعهما الثالث فإن لزم طريقهما ورضي بزادهما كان معهما وأن سلك غير طريقهما لم يجتمع معهما أبدًا‏.

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق