إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 27 يونيو 2014

65 مقدمة فتوح الشام أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )


65

مقدمة

فتوح الشام

أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )

قال فلما نظر أهل مصر إلى أرجانوس وقد أسلم دخل أكثرهم في الإسلام وعمد عمرو إلى الكنيسة وعملها جامعًا وهو المعروف به إلى يومنا هذا وجمح الأموال التي أخذها من وراء القبط المنهزمين ومن منازلهم وما كان في قصر الملك وأخرج الخمس وأعطى كل ذي حق حقه ثم كتب كتابًا إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبعث الخمس والكتاب مع علم بن سارية وسلم المال والكتاب له وسير معه مائة فارس وأمره بالمسير إلى المدينة فاستلم الخمس وسار حتى قدم المدينة وسلم المال والكتاب لعمر بن الخطاب رضي الله عنه فلما قرأه سجد لله شكرًا وأمر بالمال إلى بيت المال‏.‏
فقال علم بن سارية‏:‏ يا أمير المؤمنين إن عمرًا يسلم عليك ويقول لك‏:‏ إن القبط كانوا استسنوا سنة في نيلهم في كل سنة وذلك أنهم كانوا إذا أبطأ عليهم الوفاء في النيل يأخذون جارية من أحسن الجواري ويزينونهما بأحسن زينة ويرمونها في البحر فيأتي الماء ويفي النيل وقد قرب ميقات ذلك ولا يفعل عمرو شيئًا إلا بإذنك‏.‏
قال فكتب عمر بن الخطاب‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين إلى نيل مصر أما بعد‏:‏ فإن كنت مخلوقًا لا تملك ضرًا ولا نفعًا وأنت تجري من قبل نفسك وبأمرك فانقطع ولا حاجة لنا بك وإن كنت تجري بحول الله وقوته فاجر كما كنت والسلام‏.‏
وأمره أن يدفعه لعمرو بن العاص يرميه فيه وقت الحاجة إليه ثم إنه كتب‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد‏:‏ فالسلام عليك وإني أحمد الله إليك وأصلى على نبته وإذا وصل إليك كتابي فاطلب أعداء الله حيث كانوا وإياك أن تلين جانبك لهم وانظر في أحوال الرعية واعدل فيهم ما استطعت واطلب العفو بالعفو عن الناس وأجر الناس على عوائدهم وقوانينهم وقرر لهم واجبًا في دواوينهم وأعل رسوم العافية بالعدل فإنما هي أيام تمضي ومدة تنقضي فأما ذكر جميل وإما خزي طويل ثم إنه سلم الكتاب إلى علم بن سارية فسار هو ومن معه إلى أن قدموا مصر وسلم الكتاب إلى عمرو فأما كتابه فقرأه على المسلمين وأما كتاب النيل فإنهم قد كانوا عدوًا ليالي الوفاء وتوقف النيل عن الوفاء وقد يئس الناس من الوفاء في تلك السنة فمضى عمرو إلى النيل وخاطبه ورمى فيه كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه‏.‏
قال فلما رماه فيه هاج البحر وزاد فوق الحد ببركة عمر بن الخطاب وانقطعت عن أهل مصر تلك السنة السيئة ببركة عمر رضي الله عنه‏.‏
حدثنا محمد بن يحيى بن سالم عن عدي بن يحيى بن عوف قال‏:‏ لما بلغنا أن عمرو افتتح مصر وأتى إلى الكنيسة المعظمة عندهم وجد في مذبحها بيتًا مغلقًا وإذا فيه صورة من الفضة وأمام الصورة شخص آخر وفي يده أعلام وهي على صفة الصورة التي وجدها النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة لما فتح مكة فدعا عمرو بالقسوس وقال لهم‏:‏ ما هذه الصورة‏.‏
قالوا له‏:‏ هذه صورة إبراهيم وأبيه آزر فتبسم عمرو وقال‏:‏ ‏{‏ما كان إبراهيم يهوديًا ولا نصرانيًا ولكن كان حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين‏}‏‏.‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 67‏]‏‏.‏ فقال معاذ بن جبل‏:‏ لما قدمت من اليمن سمعت أبا هريرة يقول‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجهه قترة فيقول له إبراهيم‏:‏ ألم أقل لك لا تعصني فيقول آزر‏:‏ اليوم لا أعصيك فيقول إبراهيم‏:‏ يا رب أنك وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون فأفي خزي أخزى من هذا فيقول الله‏:‏ حرمت الجنة على الكافرين ثم يقول له‏:‏ يا إبراهيم انظر إلى ما تحت قدميك فينظر إلى الريح وقد أخذت أباه فتلقيه في النار‏)‏‏.‏
قال ثم أمر عمر بالصورتين فكسرتا وعبر عسكر المسلمون إلى الجانب الغربي وقد تقدم خالد فترجل إلى نحو الإسكندرية وتقدم على مقدمته عبد الله يوقنا وسار يومًا وليلة هو وبنو عمه وهم بزي الروم‏.‏
فتوح مدينة مريوط قال ابن إسحق‏:‏ كان قد بلغ الموبذان الذي مع الثلاثة آلاف وهم في مدينة مريوط وقد حصنها ما حصل فلما قدم عليه يوقنا قال اسه الموبذان‏:‏ ما الذي أقدمك علينا‏.‏
فقال يوقنا‏:‏ إن المسلمين وجهوني إليك وهم يحرضونك على خلاص نفسك ويأمرونك بتسليم هذه المدينة إليهم ولك الأمان على نفسك وأهلك ومالك ومن أردت ولك الخيار في المقام تحت يد الإسلام أو الانفصال فإن اخترت المقام فلا مانع يمنعك وإن أردت المسير أوصلناك إلى أي موضع أردت فلما سمع الموبذان ذلك قهقه ضاحكًا‏.‏
وقال‏:‏ وحق ديني إن الغدر شعاركم والمكر دثاركم فلا فلح من آمن لكم وأما أنا فلا أخون الملك في بلده وأنا وهو في أرض واحدة وسوف أبعث إليه بأن أقدم إليه وأساعده عليكم جزاء بما عملتموه من الخديعة وستعلمون على من تدور الدائرة ومن يكون المغبون في الآخرة وأنتم يا معشر الروم قد كفرتم بالمسيح وجحدتم السيدة أم النور وخرجتم من ملة الحواريين وأردتم هؤلاء العرب الجياع الأكباد العراة الأجساد ولمن يغنوا عنكم شيئًا ووحق المسيح لأبعثن بكم إلى الملك فيقتلكم على كفركم وكان يوقنا قد ترك جماعته ومضى في عشرين رجلًا منهم لعله يعلم عليه حيلة فلما دخل عليه أنزله في دار الضيافة فوضعوا سلاحهم فلما أكلوا الطعام وتحادثوا وكان قد فطن بهم وأمر غلمانه أن يكونوا على حذر وأن يهجموا عليهم فيقبضوهم يريد بذلك أن يرسلهم إلى الملك إلى الإسكندرية ورماهم في بيت مظلم في دار إمارته وأقام ينتظر غفلة من عسكره وكانوا قد أحاطوا بالبلد ووكل بهم جارية اسمها زينا وهي أخت مارية التي أرسلها المقوقس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏
وكانت أختها شقيقتها وسلم إليها المفاتيح لمعزتها عنده وقال لها‏:‏ احفظي عليهم لأرى ما أنظر فيهم قال فلما جن الليل واشتغل عدو الله الموبذان بالشراب قال فصبرت رينا إلى أن غرق في سكره هو ومن معه وناموا وأمنت على نفسهما مالت إلى الباب وفتحت على يوقنا وأصحابه وقالت لهم‏:‏ أبشروا لا خوف عليكم فإن الله قد جعل رحمتكم في قلبي وأنا أخت مارية التي أهداها المقوقس لنبيكم وإني أريد منكم أن توصلوني عند أختي مارية‏.‏
فقال لها يوقنا‏:‏ أبشري بما يسرك ولكن أخاف عليك من عدو الله فما ترين‏.‏
فقالت‏:‏ والله مما جئتكم حتى سكر ونام‏.‏
فقال يوقنا‏:‏ فعرفينا الطريق التي نسلكها إلى قومنا‏.‏
قالت‏:‏ إن هذا المكان فيه سرب يخرج إلى ظاهر البلد وهو مبنى من قديم الزمان وبابه الخارج مبني عليه قبة على أعمدة وتحتها قبر بين المقابر فكل من رآه يظن أنه قبر وإن الذي بنى هذه المدينة امرأة يقال لها فمعمان بنت عاد وصنعت هذه المقابر التي وراء التل وهي كأنها قصور مشيدة وكان فيها أناس يسكنوها‏.‏
لقال يوقنا‏:‏ افعلي بنا ما يقربك إلى الله تعالى ورسوله ولعلك أن تنزلينا من هذا السرب حتى نذهب إلى أصحابنا ونأتي بهم من هذا ما دام الموبذان سكران وهو نائم فقالت‏:‏ سأفعل ذلك إن شاء الله تعالى غير أني أريد أن أفتح لكم باب السرب قبله حتى لا تتعوقوا‏.‏
قال الراوي‏:‏ وقد مضت رينا أخت مارية وأشرفت على الموبذان‏.‏
فإذا هو ومن معه صرعى من الخمر فتركتهم وعادت إلى باب السرب لتفتحه وإذا هي تسمع وراءه حسًا ففزعت ووقفت تسمع‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق