إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 27 يونيو 2014

96 مقدمة فتوح الشام أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )



96


مقدمة

فتوح الشام

أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )

فقال عياض‏:‏ اعزموا على بركة الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي القدير العظيم فنهض خالد والمقداد وعمار وسعيد بن زيد وعمرو بن معد يكرب والمسيب بن نجيبة وقيس بن هبيرة وميسرة وضرار بن الأزور وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين وساروا ومرهف أمامهم إلى أن وصلوا باب القلعة وكان رتب عدو الله غلمانه في دركات القلعة وأمرهم أن يأخذوا منهم سلاحهم ففعلوا ذلك إلا خالدًا وعبد الرحمن وضرارًا فقالوا‏:‏ ما كنا نسلم عدتنا لغيرنا فإن أراد أن ندخل عليه بسلاحنا وإلا رجعنا من حيث أتينا فدخل مرهف عليه وقال‏:‏ إن هؤلاء الثلاثة امتنعوا من إعطاء السلاح وما الذي يقدرون على أن يفعلوه دعهم يدخلوا كيف شاؤوا فلو كانوا نارًا ما أحرقوا ولا ترهم الجزع فيطمعوا‏.‏
فقال‏:‏ وحق المسيح لقد صدقت دعهم كلهم يدخلوا بعددهم حتى يعلموا أننا لا نخافهم ولا نرهبهم وأيضا لئلا تنفر قلوبهم منا فرجع مرهف وأمر غلمانه أن يردوا إليهم أسلحتهم ودخلوا فلما توسطوا القلعة إذا بيانس واقف فلما وقعت عينه عليهم دخل الرعب قلبه لأن من خاف الله خاف منه كل شيء فجعل يهتز ويقع وكان قد قال لجماعته إذا رأيتموني قد قربت منهم وصافحتهم فدونكم وإياهم فنظر خالد إليهم فعلم ما في قلوبهم فقال‏:‏ أيها البطريق قف مكانك فإنا قوم لا نؤتى بحيلة ولا مكر لأنا قهرنا الملوك وأخذنا بلادهم بهذه الأشياء ثم إنه انتضى سيفه وزعق بيانس فأدهشه وخيل له أن كل من في القلعة منهم وتقدم إليه وضربه على حبل عاتقه فأطلع السيف من علائقه فهجمت الصحابة على أهل القلعة ووضعوا السيف فيهم وتكاثر عليهم العدو وتزايد المدد‏.‏
قال وكان في داخل المدينة خلق من الرستاق من قرى الهتاج من فسطاس وقرساط وكان يانس قد جمعهم لقتال المسلمين‏.‏
قال‏:‏ فلما قتل خالد يانس ونظروا إلى صبر الصحابة على قتال أهل القلعة قالوا لبعضهم‏:‏ أنتم تعلمون أن العرب ما يسكتون عن أصحابهم وقد فتحوا آمد والبلاد فلا يمتنع منهم الهتاج وغيرها فخذوا لكم عند المسلمين يدًا وقاتلوا معهم أهل القلعة‏.‏
قال ففعلوا ذلك وجردوا سيوفهم وضربوا منهم من كان في القلعة وسمع عياض الصياح‏.‏
فقال‏:‏ أما والله إن خالدًا ومن معه غدر بهم فبادروا إليهم أيها المجاهدون قال فبادر أبو الهول وأصحابه الأربعمائة وهم رجاله فتفرقوا في الجبل وقصدوا القلعة فمن انهزم من الكفار وضعوا فيهم السيوف فما نجا منهم أحد وما وصل أبو الهول إلى القلعة إلا وقد ملكها خالد واحتوى عليها وصعد عياض والمسلمون وأخذوا كل ما كان فيها وولى عليها مولاه سالمًا وجعل عنده مائة رجل وكتب إلى أهل فسطاس وفرساط ومن في القلعة أن لا يزنوا بامرأة أبدا وأشهد عليهم خالدًا والمقداد وعمارًا ومعاذًا وشرحبيل وعبد الرحمن بن أبي بكر وضرارًا وأطلق عياض الأسارى الذين أتى بهم قيس بن هبيرة وارتحل يطلب ميافارقين فلقيه في طريقه أهل تلك الجبال وأهل الجزيرة وقلب ومتنان وحزب الكلاب فأعطاهم الأمان وضربت عليهم الجزية وردهم إلى بلادهم وأتى إليهم أهل ميافارقين للقائهم وشكروهم على حسن سيرتهم وعدلهم وأخرجوا لهم الضيافات والعلوفات ونزل من جهة الميدان في سفح الجبل وأقام بها عشرة أيام ثم جمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم واستشارهم وقال‏:‏ إني عولت على المسير إلى ديار أرمينية وإلى أرزن الروم فأشيروا علي يرحمكم الله أي طريق نسلك‏.‏
فقالت رجل من المعاهدين ممن هو أعرف الناس بتلك البلاد‏:‏ أيها الأمير أتأذن لي أن أتكلم‏.‏
فقال‏:‏ من كان له رأي فليتكلم‏.‏
فقال‏:‏ اعلم أنك إذا قصدت بلاد أرمينية يطول مكثك فيها واعلم أن بالقرب منك حصنًا منيعًا يقال له حصن لغوب وغلب عليه اسم صاحبه وهو يطالقون بن كنعان بن عيديوس له جيش عرمرم يزيد على ثلاثة آلاف فارس‏.‏
فتح حصن لغوب ثم قال‏:‏ اعلم أيها الأمير أن تحت يده معاقل كثيرة وربما إنه رحل ركابه من هنا فوقع بهذه البلاد وشن الغارات على أهلها ومن الرأي أنك لو وجهت إليه جيشًا لعل الله أن يفتح عليك فإن أنت فتحت هذا الحصن مضيت حيث تريد وتكون طيب القلب على من تستخلفه من أصحابك‏.‏
فقال عياض لأصحابه‏:‏ ما تقولون فيما تكلم به هذا الرجل فقال خالد‏:‏ لقد تكلم بالحق ونطق بالصدق فاعزم وتوكل على الله ثم انصرفوا من عنده وبات ليلته متفكرًا فيمن ينفذه إلى الحصن فوقع اختياره على يوقنا فدعا إليه وقال له‏:‏ يا يوقنا يا عبد الله قد اتفق الرأي عليك أن تمضي إلى الحصن فما الذي تراه‏.‏
فقال يوقنا‏:‏ أصلح الله الأمير قد بلغني أن الحصن منيع وربما إذا نزلنا عليه طال الأمر وتنفد المدة وينقضي هذا الوقت ولا ندري ما يكون ولكن أهب نفسي لله ولرسوله وآخذ مائة من بني عمي ونتزيا بزي الفلاحين ونأخذ نساءنا وأولادنا نتركهم على البقر وندخل في جملة أهل البلاد الفلاحين فإن حصلنا في الحصن فنحن نملكه إن شاء الله تعالى‏.‏
فقال عياض‏:‏ يا عبد الله قد اشتهر أمرك عند جميع أهل النصرانية ونخاف أن تسير نتغرر بنفسك ومن معك فيقبض عليكم والله تعالى قال‏:‏ ‏{‏ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 195‏]‏ ‏.‏ قال‏:‏ في ذا أبيت فائذن لي أن أشن الغارات على بلاد القوم‏.‏
قال‏:‏ قد أذنت لك فخرج يوقنا ومن معه وهم ألف من قومه وساروا على أرزن وسرد وأسعرد وياباسا وحيزان والمعدن‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق