إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 27 يونيو 2014

98 مقدمة فتوح الشام أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي ) فتوح بدليس وأرزن وأعمالها



98


مقدمة

فتوح الشام

أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )

فتوح بدليس وأرزن وأعمالها

وكان من قضاء الله السابق وقدره أن عياضًا لما نزل علي سوقاريا ولحق به خالد ومن معه ولحقهم يوقنا فرح المسلمون بسلامتهم وحدثه بما جرى فسجد لله شكرًا ثم بعث يوقنا رسولًا إلى صاحب بدليس وكانت أرزن وبدليس وقف وأنظر وغيرها من القلاع لبطريق اسمه سروند بن بولص والجارية طاريون نازلة هناك وسروند عندها فلما علموا بقدوم يوقنا ركبوا إلى لقياه واختلت به طاريون وقالت له‏:‏ يا عم لا تظن أني هاربة ولا إلى الروم طالبة وإنما أريد أن أنصح لله ولرسوله وللمسلمين وأريد أن أغدر بأبي وأقتله وأسلم معاقله للمسلمين لكن يا عم أشر علي بما أصنع فأنت تعلم هذا الدرب لبدليس وأخلاط وعليه قلعة قف وأنظر وإذا أرادت العرب العبور فليس لهم قدرة فما الذي تراه‏.‏
وأخاف إن حصلت عند أبي أن لا أقدر على الرجوع إلى بعلي وإلى المسلمين‏.‏
فقال لها يوقنا‏:‏ اعلمي أنك إذا سرت بهذه النية فإن الله جل وعلا يفتح عليك أبواب الخير وامضي على ما أنت عليه وأنا لا بد لي أن أمضي برسالة الأمير عياض إلى أبيك وها أنا أبكر فإذا حصلنا هناك كان لنا من التدبير ما يريده الله وتصل إن شاء الله إلى ما نريد وعلمها ما تصنع وودعته وعادت‏.‏
فقالت‏:‏ إن هذا العديم العقل يلح علي ويعذلني لأجل أن أرجع وأعود عما عزمت عليه من الرجوع إلى دين المسيح ولولا أنني أخاف ممن معه ومن صاحب هذا الحصن أن يعينه علينا لكنت قبضت عليه ثم إنها ركبت وسارت تجد السير وأرسلت بعض غلمانها يبشر أباها بقدومها فلما وصل البشير ارتخت المدينة وركب أبوها والبطارقة وأهل البلد لملتقاها فلقوها عند خضريا فلما رأت أباها ترجلت وترتجل أبوها والعسكر جميعه وصقعوا بين يديها وضمها أبوها إلى صدره‏.‏
وقال لها‏:‏ يا ابنتي كيف كان أمرك قالت‏:‏ إن يرغون نصب علي ووصل بي إلى عسكر المسلمين وأسلم فلم يمكنني ألا أن أطاوعه خيفة منهم إلى أن دخلوا ديار بكر فهربت إليك فصلب أبوها على وجهه وهنأها بالسلامة وركب وساروا والمواكب حولهم إلى أن دخلت البلد ودخلت دار المملكة فتلقاها الجواري والخدم وصقعوا لها وبكوا وبكت وأخرجت الصدقات والنذور للبيع والكنائس وباتت تحدثهم بما جرى لها وحديث شهرياض وكيف أخذت رأس العين‏.‏
فقال أبوها‏:‏ يا بنية كيف رأيتيهم في دينهم‏.‏
قالت‏:‏ أيها الملك‏:‏ القوم يتظاهرون بالدين وأنهم يطلبون الدين والعدل حتى يرجع الناس إليهم وليس والله دين أفضل من دين المسيح وقد نذرت نذرًا متى خلصت من يد الحرب أن لا أقرب قربانًا ولا أشرب خمرًا ولا آكل لحم خنزير ولا أنغمس في ماء المعمودية حتى أتعبد في بيعة يوحنا شهرين كاملين فإذا أنا تطهرت من دينهم أقرب القربان وأقتل الصلبان ففرح أبوها بذلك فلما كان الغد مضت إلى البيعة وأخلت لها موضعًا وجعلت تتصدق على الفقراء وتظهر النسك والعبادة وأقامت تنتظر ما وعدها به يوقنا من القدوم بالرسالة إلى أبيها‏.‏
قال الواقدي‏:‏ حدثنا أبو محمد قال‏:‏ حدثني عن أثق به عن قيس بن هبيرة‏.‏
قال‏:‏ كنت من أصحاب يوقنا حين سار بالرسالة إلى بدليس وتحدث مع طاريون وأنفذ صاحب بدليس إليه وكان لما بلغه قدوم يوقنا صعد إلى حصنه فاستحضره وأنا معه فوجدناه على سرير مملكته فسلمنا عليه‏.‏
فقال يوقنا‏:‏ إن أمير جيوش المسلمين بأرض ربيعة وهو عياض بن غنم قد أرسلنا إليك ندعوك إلى توحيد الله ورسالة نبيه ولكم ما لنا وعليكم ما علينا واعتبر بمن تقدم من الملوك وأصحاب الأقاليم والعز فقد أصبحوا هالكين فما جوابك فقال‏:‏ أيها السيد إني قد كنت أردت أن أرسل رسولًا إلى أميركم في طلب الصلح وأعطيه شيئًا وأن أبقى على ديني ومن أراد من أهل بلدي أن يرجع إلى دين القوم فلست أمنعه‏.‏
فقال يوقنا‏:‏ بكم يطيب قلبك أن تدفع في صلحك على بدليس وأرزن وما تحت يدك من البلاد فإني إذا أمضيت لك الصلح فقد رضيت به العرب‏.‏
فقال‏:‏ أيها السيد أعطيهم مائة ألف دينار وخمسمائة زردية وألف قوس وأن لا يولى على مملكتي غيري حتى أموت وأن لا يبقى من قبلهم إلا رجل أو رجلان حتى يعلموا من أسلم شرائع الإسلام وأن يكون أمري نافذًا في مملكتي ومن أسلم يكون أمره لمن يكون عندنا من قبلكم وما يكون لي عليهم حكم‏.‏
فقال يوقنا‏:‏ قد أمضينا صلحك وأتممنا عهدك وأنا أعطيك عهد الله ورسوله على ما ذكرته‏.‏
قال وأعطاه عهد الله ورسوله وهادنه على الهيئة التي هادن رسول الله صلى الله عليه وسلم هرقل ملك الروم وحلف له عن المسلمين كلهم‏.‏
قال وإن قيسًا ذهب إلى عياض فأعلمه بما استقر بينهم فلما وصل كتاب يوقنا إلى عياض رحل من مكانه إلى أن نزل على بدليس فوجد البطريق قد أخرج ما وقع عليه الصلح فلما قدم عياض نزل إليه البطريق وتلقاهم وحياهم بأحسن تحية وأنزلهم في أحسن منزل وقدم لهم الأموال وكتبوا بذلك عهدًا‏.‏
قال‏:‏ ونظر المسلمون من أهل اليمن وبادية العرب إلى البنات وحسنهن فمالت أنفسهم إليهن وشرب أكثرهم الخمر فلما رأى عياض ذلك صعب عليه فأمر أن يؤتوه بمن فعل ذلك فأقام عليهم الحد وأخذ منهم حق الله وقال لهم‏:‏ أكفر بعد إيمان أبهذا أمرتم أم لهذا خلقتم أما سمعتم ما قال من أمره بين الكاف والنون‏.‏
‏.‏
‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق