إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 13 يوليو 2014

353 فتوح الشام ( للواقدي )


353

فتوح الشام ( للواقدي )


قال الواقدي‏:‏ وكان ليطالقون زوجة عاقلة لبيبة صاحبة رأي وتدبير فلما رأت ما حل بزوجها وأن أهل الحصن قد قتل أكثرهم وتفرقوا بالهزيمة أيقنت بزوال ملكها وخراب بيتها فجمعت المشايخ من أرباب دولتها وقالت لهم‏:‏ اعلموا أن الملك قد قتل وقد تفرق شمل من كان معه وقد وصلكم ما صنع هؤلاء العرب مع ملوك دين النصرانية وبني ماء المعمودية وكيف ملكوا الشام وأرض ربيعة وديار بكر وديار مصر وقد دانت لهم الأمور وانتشر شرعهم وعلا ذكرهم ودخل في دينهم الملوك والبطارقة وما نزلوا على حصن إلا ملكوه ولا وافوا جيشًا إلا هزموه وقد دخلوا أرضكم وحلوا ساحتكم فما ترون من الرأي الرشيد قالوا‏:‏ أيتها الملك ما تكلمت بشيء إلا فهمناه وعرفناه والأمر إليك‏.‏

فقالت‏:‏ الصواب أنكم تحقنون في ماءكم وتصونون حريمكم وأموالكم وتدخلون فيما دخل فيه أهل البلاد وتصالحون العرب فتأمنون على أنفسكم وتعيشون في ظلهم‏.‏

فقالوا‏:‏ هذا هو الصواب‏.‏

قالت‏:‏ فلينطلق منكم رجال إلى هؤلاء العرب ويعقدوا لنا منهم صلحًا‏.‏

قال فخرجوا من عندها وسار منهم ثلاثون رجلًا من خيارهم وعبروا الشط إلى عسكر خالد فلما رآهم خالد والمسلمون علموا أنهم من أهل الحصن فاستقلوهم وسلموا عليهم ورحبوا به ومشوا معهم إلى قبة خالد وإذا هو جالس على التراب ووجوه أصحابه حوله وهم يكثرون من ذكر الله وليس لهم حاجب ولا بواب فسلموا عليهم فقرأ خالد ‏{‏وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 86‏]‏‏.‏ فتقدم كبراؤهم وعلماؤهم في دينهم وقالوا‏:‏ أيكم الأمير نخاطبه‏.‏

فقالوا‏:‏ ليس فينا أمير ولا من يلحظ أخاه بعين الذل لأن الإسلام شملنا والدين جمعنا ونحن عباد الله فلما سمع القوم ذلك قالوا بأجمعهم‏:‏ والله ما نصركم الله علينا إلا باتباع نبيكم وقال خالد‏:‏ كم تبذلون لنا من المال‏.‏

فقالوا‏:‏ مهما أردتم امتثلناه‏.‏

فقالوا‏:‏ إنا لا نريد إلا ما ترضى به أهل الذمة الذين في البلد حتى تطيب قلوبهم ومن لا يرحم لا يرحم ولقد سمعت نبتنا صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏لا تنزع الرحمة من قلب شقي‏)‏‏.‏

قال فلما سمع القوم ذلك تهللت وجوههم فرحًا وقالوا‏:‏ لقد نصركم الله بحق وما نرى دينكم إلا حقًا فأسلموا عن آخرهم وعادوا إلى قومهم واجتمعوا في كنيستهم وحدثوهم بما كان وبما رأوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسن سيرتهم‏.‏

فقال أهل البلد‏:‏ ما كنا بالذين نرفع أنفسنا عليكم لأنكم أولو الرأي والدين وقد رضينا بما رضيتم به لأنفسكم فأسلموا إلا قليلًا منهم وأما الملكة لما سمعت ذلك طاب قلبها وبعثت بالإقامة والعلوفة إلى خالد وسألته أن يعبروا إلى جانبهم ونصبت لهم الجسر فجبر خالد ومن معه ونزلوا بالبيعة حيث إن الملكة تشرف عليهم وتنظر إليهم فرأت أقوامًا قد طلقوا الدنيا وطلبوا الآخرة‏.‏

وليس فيهم من ينهر ولا يسفه ولا يخالف أخاه قد اشتغلوا بالذكر وتوحشوا بالصبر فلما نظرت إلى حسن عبادتهم نزلت إليهم وأسلمت على أيديهم‏.‏

فقال خالد‏:‏ تقبل الله منك ورضي عنك فالزمي قلعتك فلا سبيل لأحد عليك ونظر يوقنا إليها‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق