374
فتوح الشام ( للواقدي )
فتح نهمشير
قال الواقدي
: وإن عمرًا رضي الله عنه بعث إلى سعد بأن يمضي إلى المدائن وأن يخلف النساء والأولاد في الحيرة وعندهم من الجند جماعة ويجعل لهم شركة في كل مغنم وكان مقام سعد بعد الفتح بالقادسية شهرين فلما استهل الشهر الثالث أنفذ علم مقدمته زهرة بن جويرية وأتبعه بعبد الله وشرحبيل بن الشمطاء وأتبعهما بهاشم بن عتبة وخالد بن عرفجة صاحب الساقة وقسم الجيش معهم وقد غنموا ما كان في عسكر الفرس من مال وسلاح وكراع وكان رحيلهم من القادسية لبضع أيام مضين من شهر شوال.
قال ونزل زهرة بالكوفة بمن معه ولحق به عبد الله وشرحبيل بمن معهما وتتابعت الجيوش وارتحل زهرة وسار إلى بالس ونزل عليها وإذا بأناس من أهل السواد أتوا إليه وطلبوا منه أمانًا فأعطاهم وقال لهم: ما عندكم من خبر العدو.
فقالوا: أيها الأمير استعمل الحذر جلبابًا والتيقظ بابًا واعلم أن رجلًا من المرازبة قد ضمن لكسرى لقاءكم وردكم ومعه عسكر جزار.
فقال زهرة: أبعد الله شره وجعل كيده في نحره فبينما هو كذلك إذ أشرفت عليهم طلائع القوم وتبينت لهم البيارق والازدهارات فركب زهرة للقائهم ورتب أصحابه للحرب وهو يقول: {إن ينصركم الله فلا غالب لكم} [آل عمران: 160]. قال الواقدي: ولما أشرفت الكتائب أطلقوا ألسنتهم بذكر الله وتسارعوا إليها فأوسعوا لهم الميدان وتقدمت الصناديد وتأخرت الرعاديد وضج المسلمون بالتكبير وطعنوهم في صدورهم ونحورهم وإذ قد وقعت عين زهرة على فارسهم العميد وبطلي الشديد فقصده دون غيره وتطاعنا وتضاربا وتقاربا وتباعدا ثم إن زهرة رماه بطعنة في صدره فأخرج السنان من ظهره فخر إلى الأرض صريعًا فلما رأوه ولوا الأدبار وركنوا إلى الفرار وكان فيهم رجل من أكابرهم ذو عقل سديد ورأي رشيد فلما رأى ما حل بقومه أتى إلى زهرة طائعًا مختارًا وعقد له معه صلحًا فأعطاه أمانًا وسأله عن خبر جيوش كسرى.
فقال: يا سيد قومه اعلم أن أكابر من انهزم منهم بالقادسية قد اجتمعوا وهم النهرجان والمهراق الداري والهرمزان.
فقال لهم القيروان: بأي وجه تعودون للملك كسرى وقد أعطاكم الوظائف والعطايا والولايات فأقيموا هنا حتى تبيض وجوهنا عنده أو نهلك عن آخرنا.
قال فلما سمع زهرة وعبد الله وشرحبيل وهاشم وخالد انتظروا سعدًا حتى أتى وأعلموه.
فقال: استعينوا بالله وتوكلوا عليه وكانوا قد ملكوا الجسر فعبروا عليه وعدا إلى الجانب الآخر وأشرفوا على جموع القوم فوقعت في الفرس الأراجيف وتمكن الخوف قلوبهم وكلما عين الهرمزان والقيروان جيشهما صفًا صفا انتقض بغيره فعلم أن ما فيهم خير وما كانت إلا ساعة حتى فرق الله جموعهم وبدد شملهم وانطلقوا على وجوههم فمضى الهرمزان إلى الأهواز وكانت كنوز كسرى في جبل ظاهر الأهواز وكان عليها مقدمًا نهاوند فلما بلغه هزيمة العسكر نهبها وأما النهرجان ومهراق فإنهما قصدا المدائن وعبرا نهرشير وهي مدينة الذنب.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق