إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 15 يوليو 2014

423 فتوح الشام ( للواقدي )


423

فتوح الشام ( للواقدي )


قال فما شعرنا إلا والروم قد أقبلوا علينا ورطنوا بلغتهم علينا وابتدر منهم خمسة آلاف فنزلوا عن خيولهم وأرسلوها مع غلمانهم وحفروا لهم حفائر إلى أوساطهم ووضعوا غرائر النشاب - أي الصناديق بين أيديهم - وأقسموا بالمسيح لا قال الراوي‏:‏ حدثنا سنان بن أبي عبيدة عن زياد عن الحرث عن عبد يغوث وكان من أصحاب الرايات‏.‏

قال‏:‏ بينما نحن نتأهب للحرب وللحملة إذا بالروم قد حملوا علينا حملة واحدة وحملت ميمنتنا واختلط القلب بالقلب ورمت المسلسلة بنشابها فكان يخرج منهم عشرة آلاف سهم كأنها تخرج من كبد قوس واحدة كالجراد المنتشر أو السيل المنحدر فجرحت رجالًا وقتلت أبطالًا وولت خيل العرب نافرة وصبرت جماعة من الأمراء وحمل الفضل بن العباس وأخوه وسادات بني هاشم وكذلك زياد بن أبي سفيان والمغيرة بن شعبة والمسيب بن نجيبة الفزاري وجميع الأمراء واقتتل الفريقان قتالًا شديدًا وفشا القتل في المسلمين وثبت القوم لقتال العرب وعدو الله البطليوس تارة يكر في الميمنة وتارة يكون في الميسرة وتارة في القلب وحوله كتائب المشركين‏.

  قال الراوي
‏:‏ فصبرنا صبر الكرام ووطنا أنفسنا على الموت والأمراء يحرضون على القتال وقد قتل من الفريقين طائفة إلا أن القتل لم يبن في المشركين لكثرتهم ولم نظن أن القوم لهم كمين إذ خرج للقوم كمين من خلفنا والمسلسلة من بين أيدينا وأحاطوا بنا وصرنا بينهم كالشامة البيضاء في جلد البعير الأسود وقتل جماعة من السادة والأمراء وأخلاط الناس فلله در سادات بني هاشم وأبان بن عثمان بن عفان‏.‏

فلقد قاتل أصحاب الرايات براياتها وقاتل عدو الله في القلب وأنكى في المسلمين وقتل رجالًا وجندل أبطالًا وكلما طلبه فارس من المسلمين لم يجده إلا وهو قد صار في وسط الروم‏.‏

قال فعندها تقدم القعقاع والمسيب بن نجيبة الفزاري وقالا‏:‏ قربوا الجمال في وجوه القوم يا وجوه العرب فاستاقوا الإبل وجعلوها بين أيديهم تلقى النشاب وحملوا على المسلسلة وداسوهم بالإبل وسنابك الخيل وأقبلت الرجال والرماة يقتلونهم حتى قتلوا منهم مقتلة عظيمة‏.‏

هذا والروم على حالهم فلما رأى عدو الله ما حل بقومه من فعل المسلمين بهم ازدادوا طغيانًا ولم يزالوا كذلك حتى غابت الشمس ثم أنزل الله نصره على المسلمين فتظاهروا عليهم وتقدم جعفر بن عقيل إلى كتيبة من الروم وغاص في أوساطهم وطعن البطريق المقدم عليهم فقتله فتكاثرت الروم عليه فقتلوه وكذلك فعل أخوه علي فقتل منهم جماعة فقتلوه وكذلك زيد بن زياد فقتل منهم جماعة فقتلوه وعظم النزال واشتد القتال وألجؤوهم إلى ورائهم فلما رأت الأمراء والسادات وبنو هاشم ما حل بهم تواثبوا كالأسود الضارية وحملوا على الروم وألجؤوهم إلى الأبواب واقتتلوا قتالًا شديدًا عند باب الجبل والباب البحري‏.‏

قال الراوي‏:‏ وكانت ليلة لم تر الصحابة مثلها وقتل الصحابة رضي الله عنهما ألوفًا وقتل منهم جماعة بظاهر البلد نحو خمسمائة وأزيد وتظاهر المسلمون بعد ذلك عليهم وألجؤوهم إلى السور واقتتلوا قتالًا شديدًا وعظم البلاء وعدو الله يحمي أصحابه وهم في أشد القتال وكان شعار المسلمين تلك الليلة ينادون‏:‏ يا محمد يا محمد يا نصر الله أنزل وقتل جماعة من المسلمين عند الأبواب وعظم النزال وكان يسمع ضرب السيوف على الدرق كالرعد وبريق السيوف كالبرق ولمعان الأسنة كالكواكب وأحدقت المسلمون بالروم وعدو الله يحمي قومه تارة يكون عند باب قندوس وتارة يكون عند باب توما في جماعة من قومه حتى دخل الروم جميعهم ولم يبق إلا من انقطع من قومه أو كبا به جواده ولم يزالوا كذلك حتى طلع الفجر فعلوا على الأسوار وضربوا بالنواقيس والبوقات والقرون وغلقوا الأبواب ورموا الأقفال فلما أصبح الصباح صلى المسلمون صلاة الصبح وأتوا إلى موضع المعركة وتفقدوا من قتل منهم فإذا هم خمسمائة وعشرون رجلًا من باب توما إلى باب قندوس ختم الله لهم بالشهادة‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق