368
فتوح الشام ( للواقدي )
فخرجوا من عنده وأخذوا أهبة الحرب فبينما هم كذلك إذا بعسكر سعد قد أشرف عليهم وهم على الخيل المضمرة العربية وعليها الفرسان الإسلامية والطائفة المحمدية فرتبوا الصفوف وجعل رستم ملوك الفرس عن يمينه وملوك الديلم عن يساره ووقف رستم في القلب ودارت به الأساورة.
فبينما هم كذلك إذ بعث الأمير سعد رسولًا إلى رستم وكان الرسول أبا موسى الأشعري فقصد القلب فلما رأه الحجاب أتوا إليه والترجمان معهم فقالوا له: يا عربي ما الذي تريد.
قال: أنا رسول من عند صاحب الجيش فبلغوا رستم ما قاله أبر موسى الأشعري.
فقال: قولوا له ما لك وصول إلى المقدم ولكن أفصح لنا عما تريد حتى نأتيك بجوابه.
قال فبلغه الترجمان ما قاله.
فقال أبو موسى: قل له ندعوكم إلى الشهادة فإن أبيتم الإسلام فأذوا الجزية فإن أبيتم فالسيف أصدق شاهد وقد قال الله في كتابه العزيز: {وكان حقًا علينا نصر المؤمنين} [الروم: 47]. فبلغهم الترجمان ذلك ورجع أبو موسى إلى سعد فلما جن الليل هرب من عسكر رستم جماعة والتجؤوا إلى عسكر المسلمين فلما أصبح رستم بلغه أن جماعة من عسكره هربوا إلى عسكر المسلمين فبعث رسولًا إلى سعد يطلب منه أن يرد عليه الذي هرب من الأساورة والمرازبة.
فقال سعد: إنا قوم لا نضيع ذمامنا ولا ننقض عهدنا وقد أتوا إلينا مستسلمين وفي صحبتنا راغبين فيجب علينا أن نذب عنهم ولا نمكن أحدًا منهم فعاد الرسول إلى رستم وأعاد عليه الجواب فغضب وأمر الجيوش بالزحف.
قال وكان الذي هرب إلى جيش سعد شاور بن سليم ونسليك بن أكتم وضرار بن مكتال ومن تبعهم فلما رأوا العساكر قد أقبلت تريد المسلمين.
قال القعقاع: أيها الأمير قد تقدمت الأعداء والفيلة أمامهم ولا مقام لخيل العرب عند رؤيتها وصياحها.
فقال سعد: أخلصوا النيات وارضوا خالق الأرض والسموات وارشقوا الفيلة بالنبل واقطعوا مشافرها بالسيوف.
قال وكان أمام الفيلة فيل عظيم كأنه جبل وكان إذا سار سارت وإذا وقف وقفت وأينما توجه كانت وراءه.
قال فلما حملت الكتائب واضطربت المواكب وجاءت الفيلة كأنها جبال وعلى ظهورها الأبطال وقد أقبلت بالسيوف في خراطيمها فقتلت من عسكر المسلمين ولم تثبت لها خيل المسلمين فرفع سعد بن أبي وقاص كفيه مبتهلًا بالدعاء لرب الأرض والسماء وقال: {ربنا أفرغ علينا صبرًا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين} [البقرة: 250].
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق