إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 17 يوليو 2014

17 أوراق ذابلة من حضارتنا دراسة لسقوط ثلاثين دولة إسلامية القسم الثاني ‏:‏ سقوط خلافات ودول شرقية 8- قصة سقوط الحمدانيين



17


أوراق ذابلة من حضارتنا

دراسة لسقوط ثلاثين دولة إسلامية

القسم الثاني ‏:‏ سقوط خلافات ودول شرقية

8- قصة سقوط الحمدانيين

من ‏"‏ تغلب ‏"‏ - إحدى قبائل العرب الكبرى - انبثقت دولة بني حمدان ، جاعلة من الموصل - أول الأمر - عاصمة لها ‏.‏‏.‏ وكان ذلك سنة 317هـ ‏(‏929م‏)‏ على يد زعيم الدولة حمدان بن حمدون ‏.‏

كان على هذه الدولة الناشئة أن تلعب دورا مصيريا في عدة جبهات ‏:‏

في محاولة تضميد جروح الدولة العباسية من الطعنات المتتالية من الأتراك الذين استبدوا بها، وحولوا خلفاءها إلى دمى للتسلية واللهو ‏.‏‏.‏ وأيضا من الطعنات الانفصالية التي تصيب الدولة من كل صوب ‏.‏

في مقاومة الغارات البيزنطية التي يقودها الإمبراطور الروماني ‏(‏ شميشق‏)‏ رغبة في الاستيلاء على بيت المقدس، وفي مقاومة الإمبراطور البيزنطي ‏"‏ نقفور فوقاس ‏"‏ الذي حاول بكل قوته السيطرة على حلب والثغور المتاخمة لحدود الدولة الرومانية ‏.‏

في مقاومة الحركة الانفصالية التي تحكم مصر الإخشيدية ، وتريد فرض سيطرة كاملة على مصر وبلاد الشام والحجاز ، وتناوئ بالتالي أية حركة انفصالية أخرى تحاول بناء نفسها على حسابها ‏.‏

لقد نجح الحسن بن عبد الله الحمداني في أن يشل نفوذ الترك ‏.‏ وأن ينقذ الخليفة العباسي المتقي بالله من استبداد الأتراك به ، وقد رضي الخليفة العباسي عن صنيعه ومنحه لقب أمير الأمراء ومنح أخاه المرافق له لقب ‏"‏ سيف الدولة ‏"‏ لكنهما سرعان ما هزما أمام الأتراك وخرجا من بغداد عائدين إلى عاصمتهما الموصل ‏.‏‏.‏ سنة 331هـ ‏"‏ 942م ‏"‏ ‏.‏ ولما تولى سيف الدولة - وكان شجاعا كريما - قام بعدة غارات لصد البيزنطيين ، ونجح في أن يطردهم من المناطق التي تسللوا إليها ، وواصل زحفه حتى دخل بلادهم واستولى على بعض حصونهم ‏.‏‏.‏ والمهم، زرع هيبته في نفوسهم ‏.‏‏.‏ وجدد شباب الإرادة القتالية ، ولم تستطع بيزنطة أن تمد نفوذها إلى بلاد الشام وفلسطين ‏.‏

وفي الجانب الإخشيدي استمر الحمدانيون في مقاتلتهم تتبع نفوذهم ، لكنهم أيام سيف الدولة خسروا أمامهم معركة في قنسرين ‏.‏‏.‏ وانتهى الأمر بصلح وضع حدود الصراع المستمر بين جبهتيهما ‏.‏

كانت هذه هي التحديات التي واجهتها دولة الحمدانيين ‏.‏‏.‏ وقد نجحت الدولة في بعضها وأخفقت في أكثرها ، ولقد بدا سيف الدولة الحمداني ‏.‏‏.‏ وكأنه الرجل الوحيد الممثل لهذه الدولة ‏.‏

كان سيف الدولة بحق يملك أكبر رصيد من أمجاد الدولة ‏.‏‏.‏ ولم يرفعه في سجل التاريخ ما قام به من حروب خارجية وحسب ، بل كانت له في مجال الحضارة والعمران الداخلي مجالات برز فيها أكثر من بروزه في المجالات الخارجية ‏.‏

ولقد يبدو سيف الدولة في أعين كثير من المؤرخين وكأنه هارون الرشيد أو المأمون ، وإنه ليعيد إلى الأذهان ذكرى تلك الساحة العلمية الفكرية التي مثلتها بغداد ‏.‏‏.‏ في عصرها الذهبي ‏.‏‏.‏ لكن الساحة كانت على عهده ‏.‏‏.‏ حلب الشهباء ‏!‏‏!‏

كان سيف الدولة - الذي احتضن المتنبي وأبا الفرج الأصفهاني والفارابي وابن نباتة فضلا عن أبي فراس الحمداني ‏"‏ شاعر الدولة ‏"‏ - كان هذا الرجل يمثل قوة الدولة وقمة ما وصلت إليه من رفعة ‏.‏

وظهرت الدولة بعده وكأنها بناء مائل للسقوط ‏.‏

وقد تولى الحكم بعد وفاة سيف الدولة ثلاثة خلفاء ضعاف حتى زالت في عهد أبي المعالي شريف سنة 394هـ ‏.‏‏.‏ أي أنها لم تعش بعد سيف الدولة الذي مات سنة 356هـ أكثر من أربعين سنة ‏!‏‏!‏ ‏.‏

لقد تمثلت قوة الدولة الحمدانية في شخص ، وكعادة الدول التي ترتبط بأشخاص تسقط بسقوطهم ‏.‏‏.‏ وكان أكبر عامل حضاري زحزح الدولة الحمدانية عن مكانتها في التاريخ أنها فشلت في الاستجابة للتحدي الذي كان أقوى منها ، ولم تنهج النهج السليم في مقاومته ‏.‏‏.‏ عن طريق إيجاد وحدة إسلامية تتجاوز الصراعات الجزئية لتواجه الخطر الحضاري الكبير ‏.‏‏.‏ وعندما تفشل دولة في الاستجابة للتحدي الذي يفرضه القدر عليها ‏.‏‏.‏ فإنها ، وإن قاومت قليلا ، فإنها لا بد أن تسقط من قطار التاريخ ‏.‏



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق