إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 17 يوليو 2014

15 أوراق ذابلة من حضارتنا دراسة لسقوط ثلاثين دولة إسلامية القسم الثاني ‏:‏ سقوط خلافات ودول شرقية 6- البويهيون الذين سطوا على الخلافة يسقطون ‏!‏‏!‏


15

أوراق ذابلة من حضارتنا

دراسة لسقوط ثلاثين دولة إسلامية

القسم الثاني ‏:‏ سقوط خلافات ودول شرقية

6- البويهيون الذين سطوا على الخلافة يسقطون ‏!‏‏!‏

بينما كانت الدولة العباسية تستجمع قواها وتلتقط أنفاسها بعد تخلصها من حركات الانشقاق في خراسان ومصر أخريات القرن الثالث للهجرة ، بينما هذا ‏.‏‏.‏ كانت الدولة تنتقل بسرعة لتدخل في طور جديد ذي معالم جديدة لم تشهدها من قبل ‏.‏‏.‏ وبدخولها هذا الطور شهدت انفصالا ضخما بين رأسها وجسدها ظل هو السمة العامة المسيطرة عليها لحين زوالها رسميا من محاضر التاريخ سنة 656هـ ‏.‏

إن الأمر لم يكن مجرد حركة انشقاق هذه المرة ، كما أنه لم يكن مجرد الاستئثار بحكم جزء من الدولة ، مع رفع راية الدولة ، كما أنه لم يكن ثورة انفعالية مذهبية أو سياسية ‏.‏‏.‏ لقد كان الأمر أعمق من ذلك بكثير ‏.‏‏.‏‏.‏ لقد كان أسلوبا جديدا في التعامل مع الدولة العباسية الجامعة ‏.‏‏.‏ لقد كان احتواء لها أو بتعبير آخر سيطرة عليها وفرض نوع من الوصاية على خليفتها ‏.‏‏.‏ ولأول مرة في تاريخ الدولة الإسلامية نرى بعض الخلفاء - على نحو واضح وعنيف - لعبة في يد بعض المغامرين ، ونرى بعض الخلفاء يعزلون ويولون دون أن يكون لهم من الأمر شيء ‏.‏‏.‏ يفعل باسمهم كل شيء ويخطب لهم على كل منبر وتعلن باسمهم الحروب التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل ‏.‏‏.‏ وليس هذا وحسب ‏.‏‏.‏ بل لأول مرة تصبح الخلافة عبثا يهرب منه الخلفاء ‏.‏‏.‏ وينأى عنه المحترمون لأنفسهم لأن مصير الخليفة غالبا الجر من قدميه أو الجوع الشديد ‏.‏‏.‏

وبدأ العالم الإسلامي يترنح منذ هذا الحدث الضخم الذي انفصل فيه رأس الأمة عن جسدها‏.‏

وقد حمل كبر هذا الأمر الخطير ، الأتراك من الجند الذين كانوا يمرون آخر القرن الثالث فترة تمزق داخلي ، وانقلاب ضد الخلفاء الذين أتوا بهم ، بادئ الأمر لحمايتهم منذ أن انتشرت هذه السنة السيئة ‏.‏

فلما وصل ‏(‏ أحمد بن بويه ‏)‏ المؤسس الحقيقي للدولة البويهية ‏(‏ 334 - 447 ‏)‏ إلى بغداد، بعد أن كاتب الخليفة المستكفي ، ووافق الأخير على دخوله بغداد فدخلها في يسر ودون مشقة وفتحت له أبواب بغداد ، واستقبله الخليفة ‏(‏ المستكفي ‏)‏ ولقبه معز الدولة ‏.‏‏.‏ وفرح الناس به لينقذهم من الفوضى التي أحدثها الجند الأتراك في جهاز الدولة وبين الشعب ‏.‏

لما تم هذا الدخول وتحولت به الدولة إلى حماية البويهيين الرسمية ، بعد أن كان خضوعها للأتراك مجرد نشاز أو انقلاب في داخل السلطة يعتقد الناس أنه طارئ لا بد أن يزول ‏.‏

لما تم هذا كانت الخلفية التاريخية في ذهن البويهيين واضحة، وكان دخولهم بغداد بمثابة تقلد صريح لقيادة الخلافة ‏.‏‏.‏ وقيادة المسلمين ‏.‏‏.‏ وقد فهم الخلفاء أنفسهم هذا ‏.‏‏.‏‏.‏ فلم يحاولوا منافسة البويهيين في السلطة التنفيذية أو السياسية ‏.‏

بيد أن الأمر لم يقف عند هذه الحدود بالنسبة للبويهيين ، فلقد تمادوا في الأمر، وقد زعموا لأنفسهم نسبا ساسانيا فارسيا، وبما أنهم كانوا يعتنقون المذهب الشيعي الزيدي ‏.‏‏.‏ فقد حاولوا فرض المناخ الشيعي على الناس ، بل إن أحمد بن بويه المذكور حاول تغيير الخلافة العباسية إلى خلافة شيعية لولا نصيحة أصحابه له بأن يتجنب ذلك خشية العواقب ‏.‏

ولم يعد للخليفة في ظلهم حتى حق تعيين كتابه ووزرائه ، وقد منع وارد الخليفة عنه ، ولم يعد يصله إلا مرتب شهري استبدل به مرتب سنوي ‏.‏‏.‏ ثم اقتطع منه بعد ذلك بحجج واهية ، وقد بلغ إذلال بعض الخلفاء مبلغه ==المستكفي عن الخلافة وعزل الخليفة الطائع وعزل غيرهما ، وقد عزل المطيع لله نفسه بعد أن رأى أنه لا قيمة له ‏!‏‏!‏

وقد وقع البويهيون فيما وقع فيه الأتراك ، فقد أحدثوا الفوضى في البلاد وصادروا الأموال ، ودخلوا مع الناس في صراع عنيف من أجل الحصول على الأموال ‏.‏

وخلال أكثر من قرن ظل البويهيون يسيطرون على خلافة العباسيين ، ولم يفعلوا فيها شيئا ذا بال سوى أن يضيفوا إلى صورة الجند الأتراك مزيدا من ملامح الطيش والرعونة ‏.‏

وكما هي العادة في أمثال هذه الأسر المتسلطة ‏.‏‏.‏ أنها سريعة الانقسام على نفسها شديدة التنافس فيما بينها، وهكذا سقطت الأسرة البويهية إلى حضيض الانقسام والتناطح الداخلي‏.‏‏.‏ وعانى المسلمون من وراء تناطحهم وتسلطهم الشيء الكثير ‏.‏

إن سيطرة عنصر من العناصر المتعصبة قوميا أو المتأثرة بخلفية تاريخية لم تتخلص من شوائبها ‏.‏‏.‏‏.‏ هو أبرز ما واجه ركب مسيرتنا الحضارية والتاريخية ‏.‏

وبالقومية المتعصبة وبأصحاب النزعات المشبوهة وذوي الولاء لحضارات معاكسة لنا ولخطنا الحضاري ، بهؤلاء تمت عملية سقوطنا المتكرر في مراحل تاريخنا ‏.‏

لكن تاريخنا ‏.‏‏.‏ الذي تتدخل فيه إرادة الله بحفظ هذا الدين كي يظل المعلم الثابت المضيء في ليل البشرية الطويل المظلم ‏.‏‏.‏‏.‏

هذا التاريخ يجد مع كل نكبة تاريخية ، أو فترة من فترات التداعي والهبوط ، من يعيد إلى الجسم حيويته ويمنع عنه السقوط القاتل ‏.‏‏.‏ وهكذا انبعث - من جديد - من بين الأتراك أنفسهم عنصر إسلامي مجاهد ‏.‏‏.‏ أعاد للخلافة شبابها ، ونجح قائد الأتراك السلاجقة ‏"‏ طغرلبك ‏"‏ سنة 447 هـ في أن يقضي على دولة البويهيين ‏.‏

وبين عشية وضحاها سقط البويهيون الذين أثبت تاريخهم أنهم غير أهل لتحمل أمانات التاريخ ‏.‏‏.‏ وقد تعبت الأمة من جراء سياستهم أشد التعب ‏.‏‏.‏ لأن التاريخ يعلمنا دائما أنه ‏"‏ بانفصال رأس الأمة عن جسدها ‏.‏‏.‏ تتعطل طاقات الحياة فيها ‏"‏ ‏.‏



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق