إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 17 يوليو 2014

12 أوراق ذابلة من حضارتنا دراسة لسقوط ثلاثين دولة إسلامية القسم الثاني ‏:‏ سقوط خلافات ودول شرقية 3-الصفاريون وقصة سقوطهم


12

أوراق ذابلة من حضارتنا

دراسة لسقوط ثلاثين دولة إسلامية

القسم الثاني ‏:‏ سقوط خلافات ودول شرقية

3-الصفاريون وقصة سقوطهم

تاريخنا الإسلامي العظيم كتاب كامل من التكاملية التاريخية ، يضم بين صفحاته كل صور التقدم والتأخر ‏.‏

وهو معلم عظيم ‏.‏‏.‏ اشتملت تجاربه على نوعيات من كل تجارب التاريخ البشري، وليس ذلك لأن القرآن العظيم قد حكى على نحو تركيبي كل صور التقلب والحركة والهبوط والارتقاء التي مر بها الموكب البشري ، والتي تغني التطور التاريخي الإسلامي وتكفل له الاندفاعة العاقلة ‏.‏‏.‏ ليس مرد الأمر إلى ذلك وحسب ‏.‏‏.‏ بل لأن كتاب التاريخ الإسلامي نفسه قد شاء الله له أن يكون من التكاملية والحبكة والتنوع بحيث يصلح كمرجع تال للقرآن والسنة يرجع المسلمون إليه ويتعلمون منه ، ويتلقون تلقي التلميذ من الأستاذ ‏.‏‏.‏

إننا لا ندعو إلى رفض تأمل الموكب البشري المتحرك الذي يتحرك إلى جانبنا ومن حولنا ‏.‏‏.‏ أبدا ‏.‏‏.‏ فكل ما هنالك أننا لا بد أن ندرس أنفسنا قبل أن ندرس الآخرين ‏.‏

والعجيب في أمر الدولة العباسية التي عاشت أكثر من خمسة قرون ‏.‏‏.‏ أستاذا وقائدا زمنيا وروحيا - مع اختلاف في الدرجة - العجيب أن هذه الدولة قد اشتملت على باب كامل من أبواب تاريخنا تكاملت له البداية ‏.‏‏.‏ والعقدة ‏.‏‏.‏ والنهاية‏.‏

وكما تعرضت هذه الدولة لعلل الانفصال عنها بوضوح منذ منتصف القرن الثالث الهجري ببروز الدولة الطولونية في مصر ، فإنها كانت تتعرض على امتداد النصف الثاني من القرن الثالث المذكور لهذه العلل على امتداد أرضها كلها ‏.‏‏.‏ كانت حركات الانفصال التي كانت لا تزال تخطب في المغرب باسم الخليفة العباسي ‏"‏ حركات الأغالبة والرساميين والأدارسة ‏"‏ بدلا من هذا أصبح الفاطميون حركة عصيان وتمرد علني ‏.‏‏.‏ بل وخروج على الأيديولوجية العباسية ‏.‏

ومن الغريب أن حركة خروج أخرى تحمل نفس العداء السياسي والعسكري للخليفة العباسي ، وإن كانت لم تخرج أيديولوجيا ، كانت قد برزت في خراسان وتمخضت عن صراع عسكري اتبعه انفصال عن الدولة في سنة 254هـ وهي السنة نفسها التي برزت فيها الدولة الطولونية وسميت حركة الانفصال في خراسان هذه باسم ‏"‏ الدولة الصفارية ‏"‏ ‏!‏‏!‏

وكان لخراسان - كما هو معروف - وضع خاص في الدولة إذ كان هؤلاء الخراسانيون يشعرون بأنهم أصحاب فضل على الدولة العباسية ، وبأن سيدهم ‏"‏ أبا مسلم الخراساني ‏"‏ هو المؤسس الأكبر في رأيهم للدولة العباسية ، لكنهم - وهذا رأيهم كذلك - جوزوا جزاء ‏"‏ سنمار ‏"‏ حين قتل أبو جعفر المنصور الثاني ثاني الخلفاء العباسيين أبا مسلم هذا ‏.‏

وقد تجاوزت الخلافة العباسية عن خراسان بعض الشيء بدافع من الوفاء والمجاملة ، وتركت ‏"‏ لطاهر بن الحسين ‏"‏ الذي قدم للدولة خدمات جليلة فرصة التحكم في خرسان ‏.‏‏.‏ له ولأبنائه من بعده في إطار الخلافة الجامعة والسمع والطاعة لدولة الخلافة عاصمة وخليفة ‏.‏‏.‏ حربا وسلما ‏.‏

لكن منتصف القرن الثالث شهد بروز جماعة من المجاهدين الحريصين على بقاء هيبة الخلافة ‏.‏ تمكن ‏"‏ يعقوب بن الليث الصفري ‏"‏ من الاتصال بها ‏.‏‏.‏ والسيطرة عليها ‏.‏‏.‏ وتحويلها إلى جماعة خادمة له ‏.‏‏.‏ نجح بها في تأسيس ‏"‏ الدولة الصفارية‏"‏‏.‏

وقد استطاع يعقوب أن يجتذب إلى تأييده عددا من المتطوعين الجدد ، فعظم جيشه، واستطاع أن يحدث القلق لدى دولة الخلافة ، وبالقلق وإظهار تعاونه مع الدولة ، وحروبه تظاهرا لمصلحتها ، ثم باصطدامه بها ‏.‏‏.‏ اصطداما فاشلا كاد

يلقى حتفه فيه ‏.‏‏.‏ بكل هذا سكتت الخلافة عن هذه الحركات التي ولدت لتموت ، ولم يلبث يعقوب أن مات متأثرا بجراحه سنة 256هـ في سابور ‏.‏

وخلفه أخوه عمرو بن الليث ‏.‏‏.‏ وأقرت الخلافة ولايته على خراسان ولواحقها كالسند وسجستان وكرمان وفارس وأصبهان ‏.‏‏.‏ فأظهر عمرو الطاعة الكاملة للخلافة ، لكنه - أمام كرم الخلافة - قد زاد في أطماعه ، ودخل في معارك مع السامانيين في بلاد ما وراء النهر ، واستطاع السامانيون بقيادة إسماعيل بن نصر الساماني أسره في إحدى المعارك ، وسيروه مكبلا إلى الخليفة العباسي المعتضد ‏.‏‏.‏وأحضر إلى مجلس الخليفة المعتضد محمولا على جمل ذي سنامين ، وسجن حتى مات في سجنه سنة 287هـ ‏.‏

واضطرب أمر الصفاريين لمدة ثلاثة أعوام بعد ذلك ، وسقطوا كما تسقط كل حركة انفعالية ترتكز على طموح شخصي ، وتفتقد الوعي بحركة التاريخ وبأيديولوجية قتالية واضحة تستأهل الموت في سبيلها ‏.‏

ودائما يعلمنا التاريخ الإسلامي العظيم من تجربة الانقلاب ، الذي سماه المؤرخون غير المحددين بعمق لرصيد المصطلحات ‏"‏ الدولة الصفارية ‏"‏ ؛ يعلمنا التاريخ الإسلامي العظيم أن ‏"‏ الاندفاع غير الموضوعي وغير المتناسق مع روح التطور لا مصير له إلا الموت السريع ‏"‏ ‏!‏‏!‏



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق