إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 15 يوليو 2014

402 فتوح الشام ( للواقدي )


402

فتوح الشام ( للواقدي )


قال الراوي‏:‏ حدثني سنان بن قيس الربعي عن طارق بن مكسوح الفزاري عن زيد بن غانم الثعلبي وكان ممن حضر الفتوح وشهد الوقعة صحبة جيش خالد بن الوليد رضي الله عنه‏.‏
قال‏:‏ بينما نحن جلوس نصلح شأننا بالمرج ونحن على أهبة السفر إذ قدمت الجواسيس فأخبروا خالدا بقدوم العساكر‏.‏

فقال لهم‏:‏ هل حزرتم الجيوش‏.‏

فقالوا‏:‏ نعم نحو مائتي ألف فارس وخمسين ألف راجل من النوبة والبربر والبجاوة والفلاحين وغيرهم وهم في أهبة عظيمة ومعهم ألف وثلثمائة فيل وعلى ظهورها الرجال كما وقع في يوم حرب العراق فلما سمع الأمراء ذلك اضطربوا وثبتوا جنانهم وقالوا‏:‏ ‏{‏قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 51‏]‏‏.‏ وقال خالد‏:‏ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ثم قرأ ‏{‏الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 173‏]‏‏.‏ ثم قرأ‏:‏ ‏{‏كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 249‏]‏ ثم إن خالد قال لأصحابه‏:‏ ولا تهتموا لذلك واصبروا ‏{‏وأنتم الأعلون والله معكم‏}‏ ‏[‏محمد‏:‏ 35‏]‏‏.‏ فليست جموعهم بأكثر من جموع اليرموك ولا من جموع أجنادين ومع ذلك فقد ملكتم مصرهم التي هي تاج عزهم وملكتم الوجه البحري وقتلتم مائة من ملوكهم وبطارقتهم وقد صارت الشام واليمن والعراق والحجاز بأيديكم وقد دانت لكم البلاد وقد كنتم قليلًا فكثركم الله وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها وقاتلتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصرتم بالملائكة ووعدكم على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم أنه يستخلفكم في الأرض كما استخلف الذين من قبلكم ومن قتل منكم كان له الجنة وتنتقل روحه إلى روح وريحان ورب غير غضبان فلما سمعوا كلامه تهللت وجوههم فرحًا وقالوا‏:‏ يا خالد نحن كلنا بين يديك وقد وهبنا أنفسنا لله ابتغاء وجه الله ومرضاته‏.
  قال الراوي

‏:‏وإن البطارقة لما رأوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عولوا على ضربهم شجع بعضهم بعضًا وقال لهم بطرس أخو بولس المقتول‏:‏ اعلموا أنكم إن انكسرتم لا تقوم لكم قائمة بعد هذا أبدًا ويملكون بلادكم ويقتلون رجالكم ويسبون حريمكم وعليكم بالصبر ولتكن حملتكم واحدة ولا تتفرقوا وقدموا الفيلة أمامكم والرجالة خلف ظهوركم واستعينوا بالصليب فهو ينصركم‏.‏
قال الراوي‏:‏ وأما عمرو وخالد فإنهما قالا‏:‏ نريد من يكشف لنا عن القوم ويعود فوثب الفضل بن العباس رضي الله عنه وقال‏:‏ أنا فسار حتى قرب من القوم ورأى زيهم وأهبتهم ورأى شعاع البيض والبيارق والرايات كأجنحة النسور فلما رآه القوم قالوا‏:‏ فارس قد طلع ولا شك أنه طليعة فأيكم يبتدره فابتدره ثلاثون فارسًا فلما نظرهم ولى كأنه منهزم وركض قليلًا حتى بعد ثم لوى عنان الجواد نحوهم وطعن أول فارس والثاني والثالث فدخل رعبه في قلوبهم فانهزموا وتبعهم وهو يصرع فارسًا بعد فارس حتى صرع منهم عشرين فارسًا فلما قرب من الروم ولى راجعًا إلى المسلمين وأعلمهم بذلك فقالوا له‏:‏ غررت بنفسك يا ابن عم رسول الله فقال‏:‏ إن القوم طلبوني وخفت أن يراني الله منهزمًا فجاهدت بإخلاص فنصرني الله عليهم واعلموا أنهم لنا غنيمة إن شاء الله تعالى‏.‏

قال فأقبل عمرو وخالد يرتبان العساكر ميمنة وميسرة وجناحين كما تقدم في اليوم الأول فجعل في الساقة زياد بن أبي سفيان بن الحرث في ألف فارس حول البنين والبنات والأموال وكانت فيهم النساء اللاتي تقدم ذكرهن في أجنادين واليرموك وهن‏:‏ عفيرة بنت غفار وأم أبان بنت عتبة أخت هند وخولة بنت الأزور ومزروعة بنت عملوق وسلمة بنت ذراع ولبنى بنت سوار وسلمى بنت النعمان وهند بنت عمرون وزينب الأنصارية فهؤلاء من النساء اللاتي عرفن بالشجاعة فقال لهن خالد‏:‏ يا بنات العرب لقد فعلتن فعالًا أرضيتن الله ورسوله والمسلمين بها وقد بقي لكن ذكر يتحدث به جيلًا بعد جيل وهذه أبواب الجنان قد فتحت لكن وأبواب النيران قد فتحت لأعدائكن وإني أحرضكن إذا جاءت الروم والسودان إليكن فقاتلن عن أنفسكن كما قاتلتن في يوم أجنادين ويوم اليرموك فإن رأيتن أحدًا هاربًا فدونكن وإياه بالعمد وأشرفن عليه بولده وقلن له‏:‏ إلى أين تولي عن أهلك وولدك وحريمك وحرضن المسلمين على ذلك فقلن‏:‏ أيها الأمير ما يفرحنا إلا أن نموت أمامك يا أبا سليمان لنضربن وجوه الروم والسودان حتى لا يبقى لنا عذر‏.‏

قال‏:‏ فشكرهن على ذلك‏.‏

يتبع
 يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق