إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 11 يوليو 2014

324 فتوح الشام ( للواقدي )


324

فتوح الشام ( للواقدي )


قال‏:‏ فلما أصبح يرغون أتى إلى الصحابة وشكر الله إذ نجاه ومن معه على أيديهم وقد أزدادوا إيمانًا وحدث الصحابة بما كان من أمرهم وسار معهم إلى عياض بن غنم فما جازوا على ماردين نزل إليهم ميتًا وكان قد بلغه ما جرى فسلم عليهم وهنأهم بالسلامة وقال ليرغون وأصحابه‏:‏ إن كنتم تريدون الثواب الجزيل من الملك الجليل فتمموا إسلامكم بما ألقيه عليكم‏.‏

فقال يرغون‏:‏ وكيف العمل قال ميتا‏:‏ انزل ههنا أنت ومن معك فإذا غربت الشمس فسيروا على بركة الله وعونه واقصدوا كفر توتا‏.‏

فإذا جئتم إليها ليلًا فقولوا لأهلها‏:‏ نحن قد وتجهنا الملك إليكم لحفظ المدينة‏.‏

فإذا صرتم داخلها فثوروا على اسم الله وبركة نبيه‏.‏

قال ففعل ذلك يرغون وجلس إلى أن جن الليل وارتحل بجيشه وثقله وودعوا الصحابة وساروا بالميرة وسار يرغون إلى أن وصل إلى كفر توتا وكان آخر الليل والفجر بدر فلما وصل إليها أمر أصحابه أن يرفعوا أصواتهم بذكر شعارهم حتى لا ينكر عليهم القوم وجاءت الأثقال والبغال وسمع أهل كفر توتا ضجة العسكر فأشرفوا عليهم من أعلى السور وسألوهم من أنتم‏.‏

قالوا‏:‏ نحن من عسكر الملك شهرياض وقد بعثنا لنكون عونًا لكم‏.‏

قال الواقدي‏:‏ وأعجب ما في هذه القصة أن الملك شهرياض قد بعث إليهم يعرفهم أني مرسل إليكم جيشًا مع الحاجب فإذا وصلوا إليكم فافتحوا لهم الباب فإن العرب في آثارهم‏.‏

قال فلما وصل إليهم يرغون ومن معه وقالوا لهم نحن من عسكر الملك فتحوا لهم ودخلوا ولم يتكلم حتى أنه نزل في دار الإمارة فلما استقر به الجلوس وثق من الأبواب وصعد إلى السور وقال لأهل البلد‏:‏ استريحوا لأن الملك قد وصاني بالحرس على البلد فقالوا‏:‏ أيها السيد إن كتاب الملك قد جاءنا بغير ما قلته بأن لا يتولى حفظ البلد إلا الحاجب‏.‏

قال فلما سمع يرغون قولهم علم أن الملك يريد أن يرسل لهم جيشًا فقال لهم‏:‏ انصرفوا إلى منازلكم وإياكم أن يظهر منكم أحد في الليل فإني إن وقعت بأحد منكم قتلته قال فانصرفوا ولم يبق عنده سوى الوالي الذي كان من قبل توتا هو وغلمانه فقبض عليهم يرغون وضرب رقابهم وتركهم في بعض الأبراج المهجورة وقال لأصحابه‏:‏ كونوا على حذر فإن شهرياض يريد أن يرسل جيشًا إلى هذه المدينة فإذا رأيتموهم قد وصلوا فانزلوا وافتحوا لهم درقة الباب الواحدة وكلما دخل فارس فأبعدوا به عن الباب وأنزلوه عن فرسه وخذوا عدته وكتفوه وألقوه في البرج‏.‏

قال فبينما هو يوصيهم إذ وصل الجيش وهم ألف فارس والمقدم عليهم صاحب الملك الكبير فصاحوا عليهم‏:‏ افتحوا لجيش الملك فتبادرت أصحاب يرغون ففتحوا درقة الباب الواحدة وقالوا‏:‏ لا نمكن أحد يدخل إلا واحدًا واحدا مخافة من يوقنا وأصحابه فإنا نخاف أن يدخلوا في جملتكم فبقي كلما دخل فارس رجلوه بعد أن يبعدوا به عن الباب ويأخذوا سلاحه وجواده ويكتفوه إلى أن أدخلوا الألف والحاجب بعدهم فلما اجتمعوا نادوا بأعلى أصواتهم الله أكبر الله أكبر فتح الله ونصر وجاءنا بالظفر‏.‏

قال فارتج كفر توتا ووقع الرعب في قلوب أهلها وعلموا أنهم ملكوا بلدهم فلم يجسر أحد منهم أن يظهر في المدينة ومن ظهر قتل فلما أصبح طلب يرغون أكابر البلد ومشايخها وبطارقتها فلما حصروا قبض عليهم وأنفذ إلى عياض بن غنم يعلمه بما صنع فلما وصلت إليه الرسالة سجد لله شكرًا وكان عبد الرحمن بن أبي بكر وأصحابه لما وصلوا بالميرة أخبروا المسلمين والأمير بما وقع وأن يرغون مضى إلى كفر توتا فكان منتظرًا لما يأتي إليه من خبره فلما جاء الخبر بالفتح حمد الله تعالى وتفاءل بالنصر‏.‏

يتبع
 يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق