إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 11 يوليو 2014

323 فتوح الشام ( للواقدي )


323

فتوح الشام ( للواقدي )


قال فماج أصحابه وأرادوا الرجوع فقال لهم صاحبها‏:‏ إن عدنا إلى الملك فلا نأمن أن يرمي رقابنا ويقول كيف غفلتم حتى أخذت ابنتي من بينكم وما عندكم خبر وما أخذ الملكة إلا يرغون ابن عمها لأن في قلبه شيئًا ثم إنهم ركبوا وجدوا في طلبه‏.‏

قال وإن يرغون لما نزل في مرج السور واستراح وهم بالمسير إذا بالقوم قد أشرفوا عليه وهم يزعقون‏:‏ يا ويلك اترك الملكة من يدك قبل حلول منيتك فاستقبلهم هو ومن معلى من بني عمه وأقاربه فعندها قال لبني عمه‏:‏ اعلموا أن العرب ما نصروا على أعدائهم إلا بالصدق في دينهم وقتالهم عن دين الله واعلموا أن هؤلاء القوم الذين طلبناهم لا يبخلون لا سيما إذا علموا أننا قصدناهم وأردناهم من غير قهر لكن من طريق العقل أن دينهم أفضل من ديننا لأنهم يشيرون إلى الله بالوحدانية ونحن نسجد للصلبان والصور ونقول إن للخالق زوجة وولدًا وهو واحد أحد فرد صمد وقد بلغني أنهم يقولون إنه من قتل منهم صار إلى الجنة ومن قتل منا صار إلى النار لأننا عندهم من الكفار فإن كنتم تريدون النصر على أعدائكم فأقروا الله بالوحدانية وقولوا‏:‏ لا إله إلا الله محمد رسول الله‏.‏

قال فأعلنوا بكلمة التوحيد فدوت من أصواتهم الجبال والتلال والرمال والشجر والحجر فلما سمع أعداء الله ما نطقوا به علموا أنهم دخلوا في دين الإسلام فتقدم سوسى وقد داروا بيرغون وأصحابه وقالوا له‏:‏ يا ويلك يا يرغون أما كفاك أن تكون غادرًا حتى تكون بدين النصرانية كافرًا‏.‏

أتظن أن برجوعك إلى دينهم ينصرونك علينا وأين العرب وما يصل صائحك إليهم إلا ونحن فرغنا منك‏.‏

وقتلناكم أشر قتلة عن آخركم‏.‏

فقولوا لمحمد ينصركم ثم إنهم حملوا على يرغون ومن معه فاستقبلوهم بنية صادقة وهمم متوافقة وأعلنوا بكلمة الحق والصلاة على سيد الخلق وبذلوا صوارمهم في العدا وأوردوهم شراب الردى وقصدوا نحو أعدائهم وطلبوا بجهادهم منازل الجنة وطفقوا الدنيا ثلاثًا وكانوا يمشون في ظلمات ثلاث فانقدحت نار شوقهم بزناد صدقهم فأحرق زرع الكفر ‏{‏فأصبح هشيمًا تذروه الرياح‏}‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 45‏]‏‏.‏ فلما أضاءت لهم الأفكار ولاحت لهم لوائح الأنوار لم يجدوا من يشار إليه بالوحدانية ويوصف بالإلهية وينعت بالأزلية إلا الواحد القهار فركضوا في ميدان الاعتذار ونادوا بلسان الإقرار‏:‏ آمنا بالله الواحد القهار فلما سرحوا خواطر الأفتكار في أسرار الاعتبار‏.‏

قالوا‏:‏ كيف عبدنا سواه وما ثم لنا معبود إلا إياه فواخجلتنا إذا وقفنا بين يديه يوم العرض عليه فبأي عمل نلقاه وبأي بضاعة نقصد رضاه فأشار إليهم منادي الإيمان من القرآن ‏{‏وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا عسى الله أن يتوب عليهم‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 102‏]‏ فلما رحلوا في عسكر الطاعة وخافوا من هول يوم الساعة وجعلوا رواحل رجائهم في ركب إقبالهم وساروا في موكب عزهم وجلالهم أشرقت شموس إسلامهم في ذلك استسلامهم وانقضت بازات أفراحهم من جو أتراحهم ومنادي جهادهم يناديهم‏:‏ يا أخيار ‏{‏سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار‏}‏ ‏[‏الرعد‏:‏ 24‏]‏‏.‏

قال الواقدي‏:‏ ودارت بهم الأوغاد وشرعوا نحوهم الصعاد وأشرف يرغون وأصحابه على الهلاك وإذ باب السور قد فتح وخرج منه مائة فارس كالليوث العوابس وقد رفعوا أصواتهم بالتهليل والتكبير ونادوا‏:‏ يا من تعلقوا بكلمة التوحيد أبشروا بالنصر والتأييد ها نحن قد لبينا دعوتكم وخرجنا لنصرتكم وسوف نخلصكم من الأمر المهول فنحن أصحاب الرسول‏.‏

قال الواقدي‏:‏ وكان هذا السور حصنا من الحصون وكان قد سلمه ميتًا لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قد أرسل عياض بن غنم عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق في مائة فارس ليأتوه بالميرة وكان فيهم المقداد بن الأسود وضرار بن الأزور وسعد بن غنيم الأسدي ومعمر بن ماجد السلمي وباري بن مزة الغنوي وهلال بن عامر الأنصاري وعيينة بن رافع الجهني وخضر بن يعشور الفزاري ومثل هؤلاء السادات رضي الله عنهم أجمعين فلما وصلوا إلى السور تلقاهم طالوت صاحب الحصن وأنزلهم وأكرمهم وأمر لهم بالطعام وأقاموا عنده ثلاثة أيام حتى جاء يرغون وكان من أمره ما كان فلما سمعوهم يكبرون قالوا‏:‏ هؤلاء قد دخلوا في ديننا وقد وجب علينا نصرتهم فخرجوا كما ذكرنا وحملوا على أعداء الله ونصروا يرغون ومن معه وانهزموا في الليل إلى مرج رغبان إلى الملك شهرياض فأخبروه بما جرى عليهم‏.‏

قال فأيقن بذهاب ملكه‏.‏

يتبع
 يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق