إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 2 مارس 2014

ســيــرة الـمـشـاهـير 2 --الدكتور سالك--



ســيــرة الـمـشـاهـير 2


--الدكتور سالك--



إن يوم 12 أبريل 1955 لذو أهمية خاصة في تاريخ الطب. فقد أعلن خلاله عن التوصل إلى لقاح مضاد للشلل الطفلي . ويعود  الفضل في ذلك إلى فريق من علماء المناعة والمختصين في الاصابات الفيروسية، الذين يعملون تحت إشراف الدكتور سالك، في جامعة ميشيغان.

ولد جوناس سالك بحي *ايست هارلم* (نيويورك) يو 28 أكتوبر 1914  . وشعر بالميل إلى العلوم منذ أن كان في الخامسة عشرة، ثم بدأ يدرس الطب، سنة 1934،بالكلية التابعة لجامعة نيويورك.

حية أم ميتة؟

كان سالك مهتما بعلم المناعة. ولكن النظريات المتناقضة فيما يتعلق بالمناعة من الإصابات الفيروسية تركته في حيرة من أمره. فقد كانت هنالك نظرية مفادها أن اللقاح يجب أن يحتوي على فيروسات حية تم إضعافها ،كي يتمكن الجسد من إنتاج أجسام مضادة تتميز باستمرارية المفعول و نجاعته . و هناك نظرية أخرى مؤادها أنه يجب اعتماد فيروسات فقدت كل مفعول بتأثير الفورومول، حتى لا يكون هنالك أي خطر على الشخص الماقح. وبشكل غزيزي، وجد جوناسسالك نفسه يميل إلى النظرية الثانية. بقي عليه، إذن، أن يبرهن على صدق حدسه.

في سنة 1940 ، أنهى جوناس سالك دراساته الجامعية،وتزوج بدونا ليندسي، وأصبح طبيبا داخليا بمستشفى *ماونت سيناي*، في نيويورك دائما . وقد التحق بجامعة ميشيغان، سنة 1942 ، ليتعاون مع الدكتور توماس فرنسيس، المختص في الإصابات الفيروسية.وكان برنامجهما يقضي بالبحث عن علاج للزكام، الذي تتسبب فيه فيروسات معينة، كما هو معلوم. وفي 1947، رحل الدكتور سالك إلى بيتسبرغ، ببنسلفانيا ، ليشرع في إنجاز ابحاثه الخاصة. وقد جمع حوله  فريقا من الباحثين، وكرس كامل وقته للبحث في الشلل الطفلي، الذي هو فيروسي أيضا.
معوقون مدى الحياة
إن الشلل الطفلي يحدث بسبب إصابة *القرون الأمامية* للنخاع الشوكي، ويتميز بكونه يصيب الساقين ، و عضلات التنفس و الابتلاع احيانا.و يتسبب فيه فيروس عرفت منه ثلاثة اشكال.و يمكن أن ينتقل هذا المرض من شخص إلى آخر ، كما يمكن أن ينتقل عن طريق الطعام القذر.
و في غالب الأحيان،فإن الفيروس المذكور لا يسبب إلا مرضا بسيطا لا خطر منه. و لكن بعض المصابين يصبحون معوقين مدى الحياة .و يكمن العلاج أساسا في إعادة تمرين العضلات ، و المداواة المركزة على الجانب الفزيولوجي، و الجراحة المقومة للأعضاء ، و إعادة التكييف الوظيفي.و إذا ما شلت عضلات جهاز التنفس يلجأ إلى جهاز تنفس اصطناعي ، مرتبط بأنبوب يولج في قصبة الرئة و يسمى *رئة الفولاذ*.

أوبئة خطيرة
كان وباء الشلل الطفلي قد داهم أوربا و الولايات المتحدة مرات عديدة ، خلال القرنين التاسع عشر و العشرين، و قد تفشى سنة 1916 في مدينة نيويورك بشكل شديد الخطورة ، و بلغت الإصابات المعلن عنها أكثر من 9000،و بلغ عدد الموتى 2500.
و قد لاحظ الطبيبان :هورمستران (من ييل)،و بوديان (من مدرسة جون هوبكنز للطب) أن فيروس الشلل الطفلي ينمو وسط الدم قبل أن يهاجم الجهاز العصبي.و استنتجا أن من الممكن قتل الفيروس في الدم، قبل بلوغه الخلايا العصبية، شرط أن يكتشف وجوده في الوقت الملائم.
معارك و انتصارات
قام الدكتور سالك بتنمية فيروسات الشلل الطفلي بأعداد كبيرة ، ثم اقدم على قتلها باستعمال مواد كيمياوية، واستخلص سائلا راشحا منها، يمكن استعماله لقاحا بكل اطمئنان. و بعد ذلك بخمس سنوات ،لقح به100مليون أميركي و تمت الإشادة بالدكتور سالك.
و لكن لم يكن للرجل أصدقاء فحسب. فأثناء عمليات التلقيح التي تمت في الولايات المتحدة و في أوربا،أصيب بالداء أكثر من 200 شخص ممن تم تلقيحهم.وقد هوجم سالك بعنف من قبل خصومه، و من طرف وزارة الصحة العمومية بالولايات المتحدة . و لكن سيظهر أن اللقاحات التي تسببت في تلك الإصابات لم تكن قد هيئت بشكل جيد: فشركة الأدوية التي أنيطت بها المهمة لم تقتل الفيروسات !
و قد سعى الدكتور ألبير سابين إلى تهييء لقاح يتم تناوله عن طريق الفم ، من أجل تسهيل عملية التلقيح الجماعي.

حماية دائمة
حوالي سنة 1962، تمكن الدكتور سالك من  تحقيق حلم طالما راوده فقد أسس في *لاجولا* ، بكاليورفيا، المعهد الذي يحمل اسمه،والذي يتم الاشتغال فيه من أجل تهيئ لقاح متعدد الصلاحية، يكون مضادا لكل الفيروسات التي تداهم الجهاز العصبي، ويلقح به كل الأطفال بعد ولادتهم بوقت قليل، فيحميهم طيلة حياتهم من أعدائهم اللامرئيين.
وكان الدكتور بيارليبين،، الاختصاصي الفرنسي في الإصابات الفيروسية  قد هيأ لقاحا مضادا للشلل الطفلي في نفس الوقت الذي قام خلاله الدكتور سالك بذلك في أمريكا. ولإدراك مدى نجاعة متخلف اللقاحات المضادة للشلل الطفلي، ماعلينا إلا أن نقارن عدد المصابين بالداء قبل ظهور اللقاح وبعده.فقبل 1955، كان هنالك أكثرمن 30.000 حالة مرضية في الولايات المتحدة، وما يربو على الألف حالة في فرنسا. وفي 1981، لم يعد هنالك إلا 651 شخصا مصابا في أمريكا، و 18 في أروبا، من بينهم ستة أشخاص في فرنسا.
وللأسف، فخلال تلك السنة نفسها، كانت هنالك 21.173 حالة إصابة بالشلل الطفلي في الجنوب الشرقي من آسيا ، و 5835، غرب المحيط الهادئ. وهكذا، فإن هذا المرض اختفى كلية تقريبا في البلدان التي يستعمل فيها اللقاح على نطاق واسع، مثل أستراليا، النمسا، الدانمارك، فرنسا، ألمانيا السويد، وسويسرا. ولكنه لا يزال يشكل آفة حقيقية في البلدان ذات المناخ الاستوائي.


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق