إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 10 فبراير 2013

17 لله ثم للتاريخ ( حسين الموسوى )


17

لله ثم للتاريخ ( حسين الموسوى )


الخميني والتمتع بالطفلة والرضيعة


لما كان الإمام الخميني مقيماً في العراق كنا نتردد إليه ، ونطلب منه العلم حتى صارت علاقتنا معه وثيقة جداً ، وقد اتفق مرة أن وُجِّهَتْ إليه دعوة من مدينة ؟؟ وهي مدينة تقع غرب الموصل على مسيرة ساعة ونصف تقريباً بالسيارة ، فطلبني للسفر معه ، فسافرت معه ، فاستقبلونا وأكرمونا غاية الكرم مدة بقائنا عند إحدى العوائل الشيعية المقيمة هناك ، وقد قطعوا عهداً بنشر التشيع في تلك الأرجاء ، وما زالوا يحتفظون بصورة تذكارية لنا تم تصويرها في دارهم .

ولما انتهت مدة السفر رجعنا ، وفي طريق عودتنا ومرورنا في بغداد أراد الإمام أن نرتاح من عناء السفر ، فأمر بالتوجه إلى منطقة العطيفية ، حيث يسكن هناك رجل إيراني الأصل يقال له سيد صاحب ، كانت بينه وبين الإمام معرفة قوية .

فرح سيد صاحب بمجيئنا ، وكان وصولنا إليه عند الظهر ، فصنع لنا غداء فاخراً ، واتصل ببعض أقاربه فحضروا ، وازدحم منزله احتفاء بنا ، وطلب سيد صاحب إلينا المبيت عنده تلك الليلة ، فوافق الإمام ، ثم لما كان العَشاء أتونا بالعَشاء ، وكان الحاضرون يُقَبِّلُونَ يد الإمام ، ويسألونه ، ويجيب عن أسألتهم ، ولما حان وقت النوم وكان الحاضرون قد انصرفوا إلا أهل الدار ، أبصر الإمام الخميني صبية بعمر أربع سنوات أو خمس ولكنها جميلة جداً ، فطلب الإمام من أبيها سيد صاحب إحضارها للتمتع بها ، فوافق أبوها بفرح بالغ ، فبات الإمام الخميني والصبيةُ في حضنِه ، ونحن نسمع بكاءَها وصريخَها !!

المهم إنه أمضى تلك الليلة ، فلما أصبح الصباح ، وجلسنا لتناول الإفطار ، نظر إليَّ فوجد علامات الإنكار واضحة في وجهي ، إذ كيف يَتَمَتَّعُ بهذه الطفلة الصغيرة وفي الدار شابات بالغات راشدات كان بإمكانه التمتع بإحداهن ، فلمَ يفعل ؟!

فقال لي : سيد حسين ما تقول في التمتع بالطفلة ؟

قلت له : سيد القول قولك ، والصواب فعلُك وأنت إمام مجتهد ، ولا يمكن لمثلى أن يرى أو يقول إلا ما تراه أنت أو تقوله ، ومعلوم أني لا يمكنني الاعتراض وقتذاك .

فقال : سيد حسين ، إن التمتع بها جائز ، ولكن بالمداعبة ، والتقبيل والتفخيذ . أما الجماع فإنها لا تقوى عليه .

وكان الإمام الخميني يرى جواز التمتع حتى بالرضيعة ، فقال :

( لا بأس بالتمتع بالرضيعة ضَماً وتفخيذاً - أي يضع ذَكَرَهُ بين فخذيها - وتقبيلا )

انظر كتابه تحرير الوسيلة 2/ 241 مسألة رقم 12 .

جلست مرة عند الإمام الخوئي في مكتبه ، فدخل علينا شابان يبدو أنهما اختلفا في مسألة ، فاتفقا على سؤال الإمام الخوئي ليدلهما على الجواب .

فسأله أحدهما قائلاً : سيد ما تقول في المتعة ، أحلال هي أم حرام ؟

نظر إليه الإمام الخوئي وقد أوجس من سؤاله أمراً ، ثم قال له : أين تسكن ؟ قال الشاب السائل : أسكن الموصل ، وأقيم هنا في النجف منذ شهرين تقريباً .

قال له الإمام : أنتَ سُنِّي إذَنْ ؟

قال الشاب : نعم .

قال الإمام : المتعة عندنا حلال وعندكم حرام .

فقال له الشاب : أنا هنا منذ شهرين تقريباً غريب في هذه الديار ، فهلا زوجتَني ابنتك لأتمتعَ بها ريثما أعود إلى أهلي ؟

فحملق فيه الإمام هنيهة ، ثم قال له : أنا سيد ، وهذا حرام على السادة ، وحلال عند عوام الشيعة .

ونظر الشاب إلى السيد الخوئي وهو مبتسم ، ونَظْرَتُه توحي أنه علم إن الخوئي قد عمل بالتقية .

ثم قاما فانصرفا ، فاستأذنت الإمام الخوئي في الخروج ، فلحقت بالشابين ، فعلمت أن السائل سني وصاحبه شيعي اختلفا في المتعة أحلال أم حرام ؟ فاتفقا على سؤال المرجع الديني الإمام الخوئي ، فلما حادثت الشابين انفجر الشاب الشيعي قائلاً : يا مجرمين ، تبيحون لأنفسكم التمتع ببناتنا ، وتخبروننا بأنه حلال وأنكم تتقربون بذلك إلى الله ، وتُحَرِّمُون علينا التمتع ببناتكم ؟

وراح يسب ويشتم ، وأقسم أنه سيتحول إلى مذهب أهل السنة ، فأخذت أُهدئ به ، ثم أقسمت له أن المتعة حرام ، وبينت له الأدلة على ذلك .

إن المتعة كانت مُباحة في العصر الجاهلي ، ولما جاء الإسلام أبقى عليها مدة ، ثم حُرِّمَت يوم خيبر ، لكن المتعارَف عليه عند الشيعة عند جماهير فقهائنا أن عمر بن الخطاب هو الذي حرمها ، وهذا ما يرويه بعض فقهائنا .

والصواب في المسألة أنها حُرِّمَت يوم خيبر .

قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه :

 ( حَرّم رسول الله صلى الله عليه وآله يوم خيبر لحوم الحمر الأهلية ، ونكاح المتعة ) انظر التهذيب 2/186 ، الاستبصار 3/142 ، وسائل الشيعة 14/ 441 وسُئِلَ أبو عبدالله عليه السلام :

 ( أكان المسلمون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله يتزوجون بغير بينة ؟ قال : لا ) انظر التهذيب 2/189 .

وعلق الطوسي على ذلك بقوله إنه لم يُرِدْ من ذلك النكاح الدائم بل أراد منه المتعة ، ولهذا أورد هذا النص من باب المتعة .

لا شك أن هذين النصين حجة قاطعة في نسخ حكم المتعة وإبطاله .

وأمير المؤمنين صلوات الله عليه نقل تحريمها عن النبي صلى الله عليه وآله ، وهذا يعني أن أمير المؤمنين قد قال بحرمتها من يوم خيبر ، ولا شك أن الأئمة من بعده قد عرفوا حكم المتعة بعد علمهم بتحريمها ، وهنا نقف بين أخبار منقولة وصريحة في تحريم المتعة ، وبين أخبار منسوبة إلى الأئمة في الحث عليها وعلى العمل بها .

وهذه مشكلة يحتار المسلم إزاءها أيتمتع أم لا ؟

إن الصواب هو ترك المتعة لأنها حرام كما ثبت نقله عن أمير المؤمنين عليه السلام . وأما الأخبار التي نُسبَت إلى الأئمة ، فلا شك أن نسبتها إليهم غير صحيحة ، بل هي أخبار مفَتراة عليهم ، إذ ما كان للأئمة عليهم السلام أن يخالفوا أمراً حرمه رسول الله ، وسار عليه أمير المؤمنين من بعده ، وهم - أي الأئمة - الذين تلقوا هذا العلم كابراً عن كابرٍ لأنهم ذرّية بعضها من بعض .

لما سُئلَ أبو عبدالله عليه السلام : ( كان المسلمون على عهد رسول الله صلى الله عليهَ وآله يتزوجون بغير بينة ؟ قال : لا ) فلولا علمه بتحريم المتعة لما قال : لا ، خصوصاً وأن الخبر صحيح في أن السؤال كان عن المتعة ، وأن أبا جعفر الطوسي راوي الخبر أورده في باب المتعة كما أسلفنا .

وما كان لأبي عبدالله والأئمة من قبله ومن بعده أن يخالفوا أمر رسول الله صلوات الله عليه أو أن يُحلُّوا أمراً حرمه أو أن يبتدعوا شيئاً ما كان معروفاً في عهده عليه السلام .

وبذلك يتبين أن الأخبار التي تحث على التمتع ما قال الأئمة منها حرفاً واحداً ، بل افتراها وَتَقوَّلَها عليهم أُناس زنادقة أرادوا الطعن بأهل البيت الكرام والإساءة إليهم ، وإلا بِمَ تفسر إباحتهم التمتع بالهـاشمية ، وتكفيرهم لمن لا يتمتع ؟

مع أن الأئمة عليهم السلام لم يُنْقَلْ عن واحد منهم نقلاً ثابتاً أنه تمتع مرة ، أو قال بِحِليَّةِ المتعة ، أيكونون قد دانوا بغير دين الاسلام ؟

فإذا توضح لنا هذا ندرك أن الذين وضعوا تلك الأخبار هم قوم زنادقة أرادوا الطعن بأهل البيت والأئمة عليهم السلام ، لأن العمل بتلك الأخبار فيه تكفير للأئمة ... فتنبه .

روى الكليني عن أبي عبدالله عليه السلام أن امرأة جاءت إلى عمر بن الخطاب فقالت : ( إني زنيت ، فأمر أن تُرْجَمَ ، فأخبر أمير المؤمنين عليه السلام فقال : كيف زنيتِ ؟

فقالت : مررتُ بالبادية ، فأصابني عطش شديد فاستسقيت أعرابياً فأبى إلا إن مَكَّنْتُه من نفسي ، فلما أجهدني العطش ، وَخفتُ على نفسي سقاني فأمكنتُه من نفسي ، فقال أمير المؤمنين عليه السَلام : تزويجٌ وَرَبِّ الكعبة ) الفروع 2/198 .

إن المتعة كما هو معروف تكون عن تراض بين الطرفين وعن رغبة منهما .

أما في هذه الرواية فإن المرأة المذكورة مضطرة ومجبورة ، فساومها على نفسها مقابل شربة ماء ، وليست هي في حكم الزانية حتى تطلب من عمر أن يطهرها ، وفوق ذلك - وهذا مهم - أن أمير المؤمنين عليه السلام هو الذي روى تحريم المتعة في نقله عن النبي صلى الله عليه وآله يوم خيبر ، فكيف فتي هنا بأن هذا نكاح متعة ؟! وفتواه على سبيل الحِلِّ والإقرار والرضا منه بفعل الرجل والمرأة ؟!!

إن هذه الفتوى لو قالها أحد طلاب العلم لَعُدَّتْ سقطة بل غلطة يُعاب عليه بسببها ، فكيف تُنْسَبُ لأمير المؤمنين عليه السلام ، وهو مَن هو في العلم والفتيا ؟ إن الذي نسب هذه الفتوى لأمير المؤمنين إما حاقداً أراد الطعن به ، وإما ذا غرض وهوى اخترع هذه القصة ، فنسبها لأمير المؤمنين ، ليُضْفي الشرعية على المتعة كي يسوغ لنفسه ولأمثاله استباحة الفروج باسم الدين حتى وإن أدَّى ذلك إلى الكذب على الأئمة عليهم السلام ، بل على النبي صلوات الله عليه .

إن المفاسد المترتبة على المتعة كبيرة ومتعددة الجوانب :

ا - فهي مخالفة للنصوص الشرعية لأنها تحليل لما حَرَّمَ الله .

2 - لقد ترتب على هذا اختلاق الروايات الكاذبة ، ونسبتها إلى الأئمة عليهم السلام مع ما في تلك الروايات من مطاعن قاسية لا يرضاها لهم مَن كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان .

3 - من مفاسدها إباحة التمتع بالمرأة المحصَنَة - أي المتزوجة - رغم أنها في عِصمة رجل دون علمِ زوجها ، وفي هذه الحالة لا يأمن الأزواج على زوجاتهم فقد تتزوج المرأة مُتْعَةَ دون علم زوجها الشرعي ، ودون رِضاه ، وهذه مَفْسَدَةٌ ما بعدها مفسدة ، انظر فروع الكافي 5/463 ، تهذيب الأحكام 7/554 ، الاستبصار 3/145 وليت شعري ما رأي الرجل وما شعوره إذا اكتشف أن امرأته التي في عصمته متزوجة من رجل آخر غيره زواج متعة ؟!

4 - والآباء أيضاً لا يأمنون على بناتهم الباكرات إذ قد يتزوجن متعة دون علم آبائهن ، وقد يفاجأ الأب ان ابنته الباكر قد حملت ... لِمَ ؟ كيف ؟ لا دري ... ممن ؟ لا يدري أيضاً ، فقد تزوجت من واحد فمن هو ؟ لا يدري لأنه تركها وذهب .

5 - إن أغلب الذين يتمتعون ، يُبيحون لأنفسهم التمتع ببنات الناس ، ولكن إذا تقدم أحدٌ لخطبة بناتهم ، أو قريباتهم فأراد أن يتزوجها متعة ، لما وافق ولما رَضِيَ ، لأنه يرى هذا الزواج أشبه بالزنا ، وأن هذا عار عليه ، وهو يشعر بهذا من خلال تمتعه ببنات الناس ، فلا شك أنه يمتنع عن تزويج بناته للآخرين متعة ، أي أنه يبيح لنفسه التمتع ببنات الناس ، وفي المقابل يُحَرِّمُ على الناس أن يتمتعوا ببناته .

إذا كانت المتعة مشروعة ، أو أمراً مباحاً ، فَلِمَ هذا التحرج في إباحة تمتع الغرباء ببناته أو قريباته ؟!!

6 - إن المتعة ليس فيها إشهاد ، ولا إعلان ، ولا رضَى ولي أمر الخطوبة ، ولا يقع شيء من ميراث المتَمَتِّع للمُتَمَتَّع بها ، إنما هي مستأجَرة كما نُسِب ذلك القول إلى أبي عبدالله عليه السَلام ، فكيف يمكن إباحتها وإشاعتها بين الناس ؟

7 - إن المتعة فتحت المجال أمام الساقطين والساقطات من الشباب والشابات في لصق ما عندهم من فجور بالدين ، وأدى ذلك الى تشويه صورة الدين والمتدينين . وبذلك يتبين لنا أضرار المتعة دينياً واجتماعياً وخُلُقياً ، ولهذا حُرِّمَتِ المتعة ، ولو كان فيها مصالح لما حُرِّمَت ، ولكن لما كانت كثيرةَ المفاسد حرمها رسول الله صلى الله عليه وآله ، وحرمها أمير المؤمنين عليه السلام .

تنبيه :

سألتُ الإمام الخوئي عن قول أمير المؤمنين في تحريم المتعة يوم خيبر ، وعن قول أبي عبدالله في إجابة السائل عن الزواج بغير بينة أكان معروفاً على عهد النبي صلى الله عليه وآله ؟

فقال : إن قول أمير المؤمنين عليه السلام في تحريم المتعة يوم خيبر إنما يشمل تحريمها في ذلك اليوم فقط لا يتعدى التحريم إلى ما بعده .

أما قول أبي عبدالله للسائل ، فقال الإمام الخوئي : إنما قال أبو عبدالله ذلك تَقِيَّة ، وهذا متفق عليه بين فقهائنا .

قلت : والحق أن قول فقهائنا لم يكن صائباً ، ذلك أن تحريم المتعة يوم خيبر صاحبت تحريم لحوم الحمر الأهلية ، وتحريم لحوم الحمر الأهلية جرى العمل عليه من يوم خيبر إلى يومنا هذا وسيبقى إلى قيام الساعة .

فدعوى تخصيص تحريم المتعة بيوم خيبر فقط دعوى مجردة لم يقم عليها دليل ، خصوصاً وأن حرمة لحوم الحمر الأهلية والتي هي قرينة المتعة في التحريم بقي العمل عليها إلى يومنا هذا .

وفوق ذلك لو كان تحريم المتعة خاصّاً بيوم خيبر فقط ، لورد التصريح من النبي صلى الله عليه وآله بنسخ تلك الحرمة ، على أنه يجب أن لا يغيب عن بالنا أن علة إباحة المتعة هي السفر والحرب ، فكيف تحرم في تلك الحرب والمقاتل أحوج ما يكون إليها خصوصاً وأنه في غربة من أهله وما ملكت يمينه ، ثم تباح في السلم ؟

إن معنى قوله عليه السلام أنها حُرِّمَت يوم خيبر أي أنَّ بداية تحريمها كان يوم خيبر ، وأما أقوال فقهائنا إنما هي تلاعب بالنصوص لا أكثر .

فالحق أن تحريم المتعة ولحوم الحمر الأهلية متلازمان ، نزل الحكم بحرمتهما يوم خيبر ، وهو باق إلى قيام الساعة ، وليس هناك من داع لتأويل كلام أمير المؤمنين عليه السلام من أجل إشباع رغبات النفس وشهواتها في البحث الدائم عن الجميلات والفاتنات من النساء للتمتع بهن ، والتلذذ باسم الدين ، وعلى حسابه .

وأما أن قول أبي عبدالله عليه السلام في جوابه للسائل كان تقية ، أقول : إن السائل كونه من شيعة أبي عبدالله فليس هناك ما يبرر القول بالتقية خصوصاً وأنه يوافق الخبر المنقول عن الأمير عليه السلام في تحريم المتعة يوم خيبر .

إن المتعة التي أباحها فقهاؤنا تعطي الحق للرجل في أن يتمتع بعدد لا حصر له من النسوة ، ولو بألف امرأة وفي وقت واحد .

وكم من مُتَمَتِّع جمع بين المرأة وأمها ، وبين المرأة وأُختها ، وبين المرأة وعمتها أو خالتها وهو لا يدْري .

جاءتني امرأة تستفسر مني عن حادثة حصلت معها ، إذ أخبرتني أن أحد السادة وهو السيد حسين الصدر كان قد تمتع بها قبل أكثر من عشرين سنة ، فحملت منه ، فلما أشبع رغبته منها فارقها ، وبعد مدة رُزِقَتْ ببنت ، وأقسمت أنها حملت منه هو إذ لم يتمتع بها وقتذاك أحد غيره .

وبعد أن كبرت البنت وصارت شابة جميلة متأهلة للزواج ، اكتشفت الأم أن ابنتها حبلى ، فلما سألتها عن سبب حملها ، أخبرتها البنت أن السيد المذكور استمتع بها فحملت منه ، فدهشت الأم وفقدت صوابها ، إذ أخبرت ابنتها أن هذا السيد هو أبوها ، وأخبرتها القصة ، فكيف يتمتع بالأم ، واليوم يأتي ليتمتع بابنتها التي هي ابنته هو ؟

ثم جاءتني مستفسرة عن موقف السيد المذكور منها ومن ابنتها التي ولدتها منه . إن الحوادث من هذا النوع كثيرة جداً ، فقد تمتع أحدهم بفتاة تبين له فيما بعد أنها أخته من المتعة ، ومنهم من تمتع بامرأة أبيه .

وفي إيران الحوادث من هذا القبيل لا يستطيعٍ أحد حصرها ، وقد رأينا ذلك بقوله تعالى : { ولْيَسْتَعْفِفِ الذين لا يَجِدون نِكاحاً حتى يُغْنِيَهَم اللهُ من فضلِه } ( النور 23 ) فمن لم يتمكن من الزواج الشرعي بسبب قلة ذات اليد فعليه بالاستعفاف ريثما يرزقه الله من فضله كي يستطيع الزواج .

فلو كانت المتعة حلالاً لما أمره بالاستعفاف والانتظار ريثما تتيسر أمور الزواج ، بل لأَرْشَدَهُ إلى المتعة كي يقضي وَطَرَهُ بدلاً من المكوث والتحرق بنار الشهوة .

وقال الله تعالى : { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ المُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُم مِن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ } إلى قوله تعالى : { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنكُمْ وَأَن تَصْبِرُوا خَيْرٌ لكمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رحِيم } ( النساء : 25 ) .

فأرشد الذين لا يستطيعون الزواج لقلة ذات اليد أن يتزوجوا ما ملكت أيمانهم ، ومن عجز حتى عن ملك اليمين ، أمره بالصبر ، ولو كانت المتعة حلالاً لأرشده إليها .

ولا بد لنا أن ننقل نصوصاً أخرى عن الأئمة عليهم السلام في إثبات تحريم المتعة :

ا - عن عبدالله بن سنان قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن المتعة فقال : ( لا تُدَنِّسْ نفسَك بها ) بحار الأنوار 100/318 .

وهذا صريح في قول أبي عبدالله عليه السلام أَن المتعةَ تُدَنِّسُ النفْسَ ، ولو كانت حلالاً لما صارت في هذا الحكم ، ولم يكتف الصادق عليه السلام بذلك بل صرح بتحريمها :

2 - عن عمار قال : قال أبو عبدالله عليه السلام لي ولسليمان بن خالد : ( قد حُرِّمَتْ عليكما المتعة ) فروع الكافي 2/48 ، وسائل الشيعة 14/ 455 .

وكان عليه السلام يُوَبِّخُ أصحابه ويُحَذِّرُهُمْ من المتعة ، فقال : أما يستحي أحدُكم أن يرى في موضع فيحمل ذلك على صالحي إخوانه وأصحابه ؟ الفروع 2/44 ، وسائل الشيعة 14/ 450 .

3 - لما سأل علي بن يقطين أبا الحسن عليه السلام عن المتعة أجابه :

 ( ما أنت وذاك ؟ قد أغناك الله عنها ) الفروع 2/43 ، الوسائل 14/449 .

نعم إن الله تعالى أغنى الناس عن المتعة بالزواج الشرعي الدائم .

ولهذا لم يُنْقَلْ أَن أحداً تمتع بامرأة من أهل البيت عليهم السلام ، فلو كان حلالاً لفعلن ، ويؤيد ذلك أن عبدالله بن عمير قال لأبي جعفر عليه السلام ( يسرك أنَّ نساءَك وبناتك وأخواتك وبنات عمك يفعلن ؟ - أي يتمتعن - فأعرض عنه أبو جعفر عليه السلام حين ذكر نساءه وبنات عمه ) الفروع 2/42 ، التهذيب 2/186 وبهذا يتأكد لكل مسلم عاقل أن المتعة حرام ، لمخالفتها لنصوص القرآن الكريم وللسنة ولأقوال الأئمة عليهم السلام .

والناظر للآيات القرآنية الكريمة والنصوص المتقدمة في تحريم المتعة - إن كان طالباً للحق مُحبّا له - لا يملك إلا أن يحكم ببطلان تلك الروايات التي تحث على المتعة لمعَارضتها لصريح القرآن وصريح السنة المنقولة عن أهل البيت عليهم السلام ، ولما يترتب عليها من مفاسد لا حصر لها بَيَّنَا شيئاً منها فيما مضى .

إن من المعلوم أن دين الإسلام جاء ليحث على الفضائل وينهي عن الرذائل ، وجاء ليحقق للعباد المصالح التي تستقيم بها حياتهم ، ولا شك أن المتعة مما لا تستقيم بها الحياة ، إن حققت للفرد مصلحة واحدة - افتراضاً - فإنها تسبب له مفاسد جمة أجملناها في النقاط الماضية .


عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق