99
تاريخ الخلفاء ( السيوطي )
المقتدي بأمر الله أبو القاسم
المقتدى بأمر الله ابو القاسم عبدالله والخطيب والبغدادي وابن رشيق صاحب العمدة وابن عبدالبر بن محمد بن القائم بأمر الله مات ابوه في حياة القائم وهو حمل فولد بعد وفاة ابيه بستة أشهر وأمه أم ولد اسمها أرجوان وبويع له بالخلافة عند موت جده وله تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر وكانت البيعة بحضرة الشيخ أبى إسحاق الشيرازى وابن الصباغ والدامغانى وظهر في أيامه خيرات كثيرة وآثار حسنة في البلدان وكانت قواعد الخلافة في أيامه باهرة وافرة الحرمة بخلاف من تقدمه ومن محاسنه انه نفى المغنيات والخواطى ببغداد وأمر أن لا يدخل احد الحمام إلا بمئزر وخرب أبراج الحمام صيانة لحرم الناس وكان دينا خيرا قوى النفس عالى الهمة من نجباء بنى العباس وفي هذه السنة من خلافته أعيدت الخطبة للعبيدى بمكة وفيها جمع نظام الملك المنجمين وجعلوا النيروز أول نقطة من الحمل وكان قبل ذلك عند حلول الشمس نصف الحوت وصار ما فعله النظام مبدأ التقاويم وفي سنة ثمان وستين خطب للمقتدى بدمشق وأبطل الأذان بحى على خير العمل وفرح الناس بذلك وفي سنة تسع وستين قدم بغداد أبو نصر بن الأستاذ أبى القاسم القشيرى حاجا فوعظ بالنظامية وجرى له فتنة كبيرة مع الحنابلة لأنه تكلم على مذهب الأشعرى وحط عليهم وكثر اتباعه والمتعصبون له فهاجت فتن وقتلت جماعة وعزل فخر الدولة بن جهير من وزارة المقتدى لكونه شذ عن الحنابلة وفي سنة خمس وسبعين بعث الخليفة الشيخ أبا إسحاق الشيرازى رسولا إلى السلطان يتضمن الشكوى من العميد بسائر البلاد وارتفع الغلاء وفيها ولي الخليفة أبا الشجاع محمد بن الحسين الوزارة ولقبه ظهير الدين وأظن ذلك اول حدوث التلقيب بالإضافة إلى الدين وفي سنة سبع وسبعين سار سليمان أبى الفتح بن ابى الليث عميد العراق وفي سنة سبع وسبعين رخصت الأسعار بن قتلمش السلجوقى صاحب قونية وأقصراءبجيوشه إلى الشام فأخذ أنطاكية وكانت بيد الروم من سنة ثمان وخمسين وثلثمائة وارسل إلى السلطان ملكشاه يبشره قال الذهبى وآل سلجوق هم ملوك بلاد الروم وقد امتدت أيامهم وبقى منهم بقية إلى زمن الملك الظاهر بيبرس وفي سنة ثمان وسبعين جاءت ريح سوداء ببغداد بعد العشاء واشتد الرعد والبرق وسقط الرمل وتراب كالمطر ووقعت عدة صواعق في كثير من البلاد فظن الناس أنها القيامة وبقيت ثلاث ساعات بعد العصر وقد شاهد هذه الكائنة الإمام أبو بكر الطرطوشى وأوردها في أماليه وفي سنة تسع وسبعين أرسل يوسف بن تاشفين صاحب سبتة ومراكش إلى المقتدى يطلب أن يسلطنه وأن يقلده ما بيده من البلاد فبعث إليه الخليفة الخلع والأعلام والتقليد ولقبه بأمير المسلمين ففرح بذلك وسر به فقهاء المغرب وهو الذي أنشأ مدينة مراكش وفيها دخل السلطان ملكشاه بغداد في ذى الحجة وهو أول من دخوله إليها فنزل بدار المملكة ولعب بالكرة وقد تقاوم الخليفة ثم رجع إلى اصبهان وفيها قطعت خطبة العبيدى بالحرمين وخطب للمقتدى وفي سنة إحدى وثمانين مات ملك غزنة المؤيد إبراهيم بن مسعود بن محمود بن سبكتين وقام مقامه ابنه جلال الدين مسعود وفي سنة ثلاث وثمانين عملت بغداد مدرسة لتاج الملك مستوفى الدولة بباب أبرز ودرس بها أبو بكر الشاشى وفي سنة أربع وثمانين استولت الفرنج على جميع جزيرة صقلية وهى أول ما فتحها المسلمون بعد المائتين وحكم عليها آل الأغلب دهرا إلى أن استولى العبيدى المهدى على المغرب وفيها قدم السلطان ملكشاه بغداد وأمر بعمل جامع كبير بها وعمل الأمراء حوله دورا ينزلونها ثم رجع إلى أصبهان وعاد إلى بغداد في سنة خمس وثمانين عازما على الشر وأرسل إلى الخليفة يقول لا بد أن تترك لى بغداد وتذهب إلى أى بلد شئت فانزعج الخليفة وقال أمهلنى ولو شهرا قال ولا ساعة واحدة فأرسل الخليفة إلى وزير السلطان يطلب المهلة إلى عشرة أيام فاتفق مرض السلطان وموته وعد ذلك كرامة للخليفة وقيل إن الخليفة جعل يصوم فإذا أفطر جلس على الرماد ودعا على ملكشاه فاستجاب الله دعاءه وذهب إلى حيث ألقت ولما مات كتمت زوجته تركان خاتون موته وأرسلت إلى الأمراء سرا فاستحلفتهم لولده محمود وهو ابن خمس سنين فحلفوا له وأرسلت إلى المقتدى في أن يسلطنه فأجاب ولقبه ناصر الدنيا والدين ثم خرج عليه أخوه بركياروك بن ملكشاه فقلده الخليفة ولقبه ركن الدين وذلك في المحرم سنة سبع وثمانين واربعمائة وعلم الخليفة على تقليده ثم مات الخليفة من الغد فجأة فقيل إن جاريته شمس النهار سمته وبويع لولده المستظهر وممن مات في ايام المقتدى من الأعلام عبدالقادر الجرجانى وابو الوليد الباجى والشيخ ابو إسحاق الشيرازى والأعلم النحوى وابن الصباغ صاحب الشامل والمتولى وإمام الحرمين والدامغانى الحنفى وابن فضالة المجاشعى والبزدوى شيخ الحنفية
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق