25
لله ثم للتاريخ ( حسين الموسوى )
نظرة الشيعة إلى أهل السنة
عندما نطالع كتبنا المعتبرة وأقوال فقهائنا ومجتهدينا نجد أن العدو الوحيد للشيعة هم أهل السنة ، ولذا وصفوهم بأوصاف وسموهم بأسماء فسموهم ( العامة ) وسموهم ( النواصب ) وما زال الاعتقاد عند معاشر الشيعة أن لكل فرد من أهل السنة ذيلاً في دبره ، وإذا شتم أحدهم الآخر وأراد أن يغلظ له في الشتيمة قال له : ( عظم سني في قبر أبيك ) وذلك لنجاسة السني في نظرهم إلى درجة لو اغتسل ألف مرة لما طهر ولما ذهبت عنه نجاسته .
ما زلت أذكر أن والدي رحمه الله التقى رجلاً غريباً في أحد أسواق المدينة ، وكان والدي رحمه الله محباً للخير إلى حد بعيد ، فجاء به إلى دارنا ليحل ضيفاً عندنا في تلك الليلة ، فأكرمناه بما شاء الله تعالى ، وجلسنا للسمر بعد العشاء ، وكنت وقتها شاباً في أول دراستي في الحوزة ، ومن خلال حديثنا تبين أن الرجل سني المذهب ومن أطراف سامراء جاء إلى النجف لحاجة ما ، بات الرجل تلك الليلة ، ولما أصبح أتيناه بطعام الإفطار ، فتناول طعامه ثم هَمّ بالرحيل فعرض عليه والدي رحمه الله مبلغاً من المال فلربما يحتاجه في سفره ، شكر الرجل حسن ضيافتنا ، فلما غادر أمر والدي بحرق الفراش الذي نام فيه ، وتطهير الإناء الذي أكل فيه تطهيراً جيداً لاعتقاده بنجاسة السني ، وهذا اعتقاد الشيعة جميعاً ، إذ أن فقهاءَنا قرنوا السني بالكافر والمشرك والخنزير ، وجعلوه من الأعيان النجسة ولهذا :
ا - وجب الاختلاف معهم :
فقد روى الصدوق عن علي بن أسباط قال : قلت للرضا عليه السلام : يحدث الأمر لا أجد بداً من معرفته ، وليس في البلد الذي أنا فيه من أستفتيه من مواليك ؟ قال : فقال : أحْضِرْ فقيه البلد فاستفته في أمرك ، فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه فإن الحق فيه ) عيون أخبار الرضا 1/ 275 ط طهران .
وعن الحسين بن خالد عن الرضا أنه قال : ( شيعتنا ، المسلِّمون لأمرنا ، الآخذون بقولنا المخالفون لأعدائنا ، فمن لم يكن كذلك فليس منا ) الفصول المهمة 225 ط قم .
وعن المفضل بن عمر عن جعفر أنه قال : ( كذب مَن زعم أنه من شيعتنا وهو متوثق بعروة غيرنا ) الفصول المهمة 225 .
2 - عدم جواز العمل بما يوافق العامة ويوافق طريقتهم :
وهذا باب عقده الحر العاملي في كتابه وسائل الشيعة فقال :
والأحاديث في ذلك متواترة ... فمن ذلك قول الصادق عليه السلام في الحديثين المختلفين : اعرضوهما على أخبار العامة ، فما وافق أخبارهم فذروه ، وما خالف أخبارهم فخذوه .
وقال الصادق عليه السلام : إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم .
وقال عليه السلام : خذ بما فيه خلاف العامة ، وقال : ما خالف العامة ففيه الرشاد .
وقال عليه السلام : ما أنتم والله على شيء مما هم فيه ، ولا هم على شيء مما أنتم فيه ، فخالفوهم ، فما هم من الحقيقة على شيء .
وقوله عليه السلام : والله ما جعل الله لأحد خيرة في اتباع غيرنا ، وإن من وافقنا خالف عدونا ، ومن وافق عدونا في قول أو عمل فليس منا ولا نحن منه .
قول العبد الصالح عليه السلام في الحديثين المختلفين : خذ بما خالف القوم ، وما وافق القوم فاجتنبه .
وقول الرضا عليه السلام : إذا ورد عليكم خبران متعارضان ، فانظروا إلى ما يخالف منهما العامة فخذوه ، وانظروا بما يوافق أخبارهم فدعوه .
وقول الصادق عليه السلام : والله ما بقي في أيديهم شيء من الحق إلا استقبال القبلة . انظر الفصول المهمة 325 ، 326 .
وقال الحر عن هذه الأخبار بأنها : ( قد تجاوزت حد التواتر ، فالعجب من بعض المتأخرين حيث ظن أن الدليل هنا خبر واحد ) .
وقال أيضاً : ( واعلم أنه يظهر من هذه الأحاديث المتواترة بطلان أكثر القواعد الأصولية المذكورة في كتب العامة ) الفصول المهمة ص 326 .
3 - إنهم لا يجتمعون مع السنة على شيء :
قال السيد نعمة الله الجزائري :
( إنا لا نجتمع معهم - أي مع السنة - على إله ، ولا على نبي ، ولا على إمام ، وذلك أنهم يقولون : إن ربهم هو الذي كان محمد نبيه وخليفته من بعده أبو بكر . ونحن لا نقول بهذا الرب ولا بذلك النبي ، بل نقول : إن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس ربنا ولا ذلك النبي نبينا ) ([11]) الأنوار الجزائرية 2/278 باب نور في حقيقة دين الإمامية والعلة التي من أجلها يجب الأخذ بخلاف ما تقوله العامة .
عقد الصدوق هذا الباب في علل الشرايع فقال :
عن أبي إسحق الإرجاني رفعه قال : قال أبو عبدالله عليه السلام :
أتدري لم أُمِرْتم بالأخذ بخلاف ما تقوله العامة ؟
فقلت : لا ندري .
فقال : ( إن عليَّا لم يكن يدين الله بدين إلا خالف عليه الأُمة إلى غيره إرادة لإبطال أمره ، وكانوا يسألون أمير المؤمنين عليه السلام عن الشيء الذي لا يعلمونه ، فإذا أفتاهم جعلوا له ضداً من عندهم ليلبسوا على الناس ) ص 531 طبع إيران .
ويتبادر إلى الأذهان السؤال الآتي :
لو فرضنا أن الحق كان مع العامة في مسألة ما أيجب علينا أن نأخذ بخلاف قولهم ؟ أجابني السيد محمد باقر الصدر مرة فقال : نعم يجب الأخذ بخلاف قولهم ، لأن الأخذ بخلاف قولهم ، وإن كان خطأ فهو أهون من موافقتهم على افتراض وجود الحق عندهم في تلك المسألة .
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق