2523
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
المجلد الخامس
من صفحة 343- 412
الصلح بين صلاح الدين والإفرنج ومسير ملك إنكلطيرة إلى بلاده
كان ملك إنكلطيرة إلى هذه المدّة قد طال مغيبه عن بلاده، ويئس من بلاد الساحل لأنّ المسلمين استولوا عليه فأرسل إلى صلاح الدين يسأله في الصلح. وظن صلاح الدين أنّ ذلك مكر فلم يجبه. وطلب الحرب فألح ملك إنكلطيرة في السؤال وظهر صدق ذلك منه فترك ما كان فيه من عمارة عسقلان وغزة والداروم والرملة وبعث إلى الملك العادل بأن يتوسط في
ذلك فأشار على صلاح الدين بالإجابة هو وسائر الأمراء لما حدث عند العسكر من الضجر ونفاد النفقات، وهلاك الدواب والأسلحة، وما بلغهم أن ملك إنكلطيرة عائد إلى بلاده. وإنّ لم تقع الإجابة آخر فصل الشتاء امتنع ركوب البحر فيقيم إلى قابل فلما وعى ذلك صلاح الدين وعلم صحته أجاب إلى الصلح وعقد الهدنة مع رسل الإفرنج في عشرين من شعبان سنة ثمان وثمانين لمدّة أربعة وأربعين شهراّ، فتحالفوا على ذلك وأذن صلاح الدين للافرنج في زيارة القدس وإرتحل ملك إنكلطيرة في البحر عائداً إلى بلده وأقام الكندهري صاحب صور بعد المركيش ملكاً على الإفرنج بسواحل الشام، وتزّوج الملكة التي كانت تملكهم قبله، وقبل صلاح الدين كما مرّ وسار صلاح الدين إلى القدس فأصلح أسواره، وأدخل كنيسة صهيون في البلد وكانت خارج السور. واختط المدارس والربط والمارستان ووقف عليها الأوقاف واعتزم على الإحرام منه للحج فاعترضته القواطع دون ذلك فسار إلى دمشق خامس شوال واستخلف عليها الأمير جرديك من موالي نور الدين. ومرّ بكفور المسلمين نابلس وطبرية وصفد وبيروت. ولما إنتهى إلى بيروت أتاه بها سمند صاحب أنْطاكِية وطرابلس وأعمالها فالتزم طاعة صلاح الدين، وعاد ودخل صلاح الدين دمشق في الخامس والعشرين من شوّال وسرّ الناس بقدومه ووهن العدو والله سبحانه وتعالى أعلم.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق